تبدي الأسر الطارفية اهتماما كبيرا بالإحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تستيقظ الأمهات باكرا لطهي ما يعرف ب”العصيدة”، محضرة من السميد المسقي بالسمن والعسل، ويدّعي العامّة أن هذه الأكلة تحضر منذ أمد العصور بمناسبة أي ميلاد. وتشهد الأضرحة والزوايا بدورها نشاطا متميزا وملحوظا ومكثفا، حيث يمكّن اعتبار هذا اليوم عيدا للزوايا والطوائف الصوفية، ويتكرر ذلك في أغلب مدن ولاية الطارف، وفي موالد أصحاب الأضرحة. كما تقام أمسيات يدعى لحضورها الأقارب والأصدقاء للاستماع إلى القراء وهم يرتلون آيات القرآن الكريم ترتيلا جماعيا، ويؤدون المدائح النبوية، ثم يتناولون وجبة العشاء التي تضم أطباق الكسكسي التقليدي اللذيذ، وشرب الشاي بالنعناع، ثم الدّعاء لرب المنزل صاحب المأدبة ولسائر المسلمين. وفي أحياء مدن ولاية الطارف كالقالة القديمة وبوحجار، عين الكرمة.. تبدأ مظاهر الاحتفال قبل شهر من حلول المولد النبوي، فتقوم النساء بتزيين المنازل والشرفات بباقات الياسمين، وفي ليلة المولد النبوي الشريف يغادر الرجال منازلهم نحو المساجد للإبتهال والاستماع إلى المدائح وحضور حفلات الختان، بينما تلتقي النساء في منزل الجارة الأكبر سنا لاحتساء الشاي الأخضر، وتتباهى كل منهن بحلوياتها. وفي صباح يوم المولد النبوي، يرافق الأطفال الذين تم ختانهم آباءهم في جولة عبر كافة أزقة الحي ليراهم الجميع، ومن أجمل العادات التي ألفها الطارفيون تسمية جميع المولودين في هذه المناسبة بأسماء الرسول (ص). مفرقعات من كل الأنواع وبشتى الأسعار ومن بين تحضيرات الطارفيين لإحياء هذه المناسبة صرف الملايين لشراء المفرقعات، وتزكّيها طاولات بيع المفرقعات والمواد المتفجّرة بالأسواق الشعبية لولاية الطارف، وإن سجلنا انخفاضا ملحوظا في عددها وكميات السلع المعروضة مقارنة بالسنوات الماضية. قنابل مدوية تباع على الأرصفة تحضيرا ل”حرب الشوارع” التي أصبحت تقليدا يمارسه الشباب والأطفال الطارفي خاصة في الأحياء الشعبية في ليلة المولد النبوي الشريف وبشكل مثير ومميز، مقلصين من مساحة المظاهر الاحتفالية التقليدية لهذه الليلة في الطارف، وما كانت تشهده الأجيال السابقة من إشعال للشموع وبخور وأجسام مضيئة بشكل كبير، فاسحين المكان أمام المفرقعات المدوية التي يتلذّذ عشّاقها بتفجيرها في أوقات متأخرة من الليل مسببين، وككل عام، حالات من الهلع وسط السكان في الأحياء والمجمعات السكنية.