تحتفل العديد من العائلات الجزائرية المحافظة بمناسبة المولد النبوي حسب عادات منطقتها وتختلف أساليب وطرق الاحتفال من ولاية إلى أخرى. الاحتفال بالمولد في القصبة له طابع خاص ويظهر الطابع التقليدي للاحتفال, خاصة في البيوت القديمة التي تحتوي على وسط الدار, ولمعرفة طرق الاحتفال بهذه المناسبة في بعض ولايات الوطن قمنا بمحاورة بعض العائلات وفي هذا السياق, تحكي لنا السيدة يمينة حمزاوي والتي تبلغ من العمر 68 سنة وهي إحدى ساكنات حي القصبة العريق, أقدم أحياء العاصمة, تقول: «مازلت حتى الآن أحتفل بالمولد بعادات أجدادي القديمة, حيث تبدأ النسوة بالتحضير للاحتفال بالمولد قبل شهر من حلوله وتقمن بتزيين المنازل بباقات الفل والياسمين التي تلفت نظر المارين في أزقة القصبة الضيقة بالروائح الطيبة, ونشعل البخور ونحضر الحلويات كالغريبية والمحنشة وتشاراك المسكر ونطبخ طبق الرشتة بالدجاج والمرقة البيضاء المكونة من اللفت والقرعة بالإضافة إلى طبق السفيرية, ثم تهدي كل واحدة صحنا مما أعدت في العشاء لتتذوق جارتها ما طبخت, وبعد انتهاء العائلة من العشاء يخرج الآباء إلى المسجد, حيث تقام مدائح دينية وتلاوات للقرآن طيلة الليل, ويخرج الأطفال للعب خارجا ب»الزربوط» ويشعلون الشموع والأجاكس, ثم تحمل كل واحدة من النساء صحنا من الحلويات من صنع يدها وتمسك بيد ابنتها الصغيرة وتتجه إلى منزل أكبر جارة وتلتقي هناك جميع الجارات في السطح أو وسط الدار الذي تكون فيه نافورة و»محابس» من الزهور وتحرص أكبر جارة على وضع الطاولة بطريقة «ناس دزاير» ويجب أن تزين الطاولة بالياسمين وتوضع فيها حلويات كالدزيريات وتشاراك والطمينة المزينة بليدراجي وتجتمع النساء على صينية من الشاي الأخضر وتتباهى كل منهن بالحلويات التي حضرتها وجلبتها معها ويجب أن تكون الحنة موجودة وسط الشموع الملونة لتوضع للبنات كفأل لمولد النبي عليه السلام ونمضي السهرة في ترديد المدائح النبوية والأمثال الشعبية وفي لعب البوقالات, وفي صباح يوم المولد يرافق الأطفال الذين تم ختانهم آباءهم في جولة عبر كافة أزقة الحي ليراهم الجميع». العائلات الجيجلية تتمسك بعاداتها العريقة وتحرص العائلات الجيجلية على التمسك بعاداتها بالرغم من أنها تعيش في العاصمة, وتحكي لنا عائلة بوكلية عن عادات جيجل, حيث تقول السيدة حفيظة: «مع أنني أعيش في العاصمة منذ فترة, إلا أنني لم أنس عادات جيجل في الاحتفال بالمولد, فنحن في منطقتنا نحضر له مسبقا قبل حلوله بعدة أيام فنقوم بفتل الكسكسي في البيت ونقوم بإعداد الطبق التقليدي الذي يسمى الفتات والكسكسي بالسمك أو اللحم والخضار في ليلة المولد وطبق أغروف أو البغرير بالعسل والزبدة الذي نحضر منه كميات كبيرة قبل حلول المولد بعدة أيام لتوزيعها على عابري السبيل والمساجد والكسرة مع اللبن وبعد الانتهاء من العشاء نضع في السهرة الشاي الأخضر بالنعناع والمكسرات والحلويات التي نحضرها كالبقلاوة والمعارك المقطعة بالسكر ونضع الشموع الملونة في النوافذ ونضع الحنة للأطفال الصغار ونشعل العنبر ومن عادات الاحتفال أيضا في السابق نحر بقرة أو عجل يشتريه أعيان الحي ويستثنى من دفع مستحقاته اليتامى والفقراء, ويستوجب على كل أفراد المنطقة حضور مراسيم الذبح لترسيخ التآزر والتكافل الاجتماعي بين سكان المنطقة بالإضافة إلى اللباس الموحد للأطفال وتعليم الأطفال السيرة النبوية ويرددون المدائح النبوية مثل طلع البدر علينا». أطباق وحلويات متنوعة تميز مدينة تلمسان ولمنطقة تلمسان عادات خاصة في الاحتفال بالمولد, إذ حدثتنا السيدة سعيدة عن عادات تلمسان وهي تقول: «نحن في تلمسان نحتفل بالمولد قبل حلوله بعدة أيام, فتحضر النساء الحلويات الخاصة بالمناسبة كالغريوش والمقروط باللوز والكعك والعرايش والبقلاوة وتتواصل الاحتفالات عدة ليالي متتالية بالطبول والمدائح الدينية وقراءة القرآن, ونحضر أطباقا عديدة كالبركوكس والكسكسي والزميطة أو الطمينة بالإضافة إلى المسمن والملوي وترتدي النساء أجمل ثيابهن التقليدية خاصة القفطان التلمساني وأثمن الحلي ونشعل الشموع وترتدي الفتيات الصغيرات الشدة التلمسانية ونحني لهن أيديهن بأشكال مختلفة بالحنة ويرددن المدائح الدينية وتوزع الحلويات والهدايا ونقيم سهرة بها صينية كبيرة مزينة بالشموع ومختلف أنواع الحلويات التقليدية المكونة من اللوز والمكسرات مع الشاي بالنعناع والطمينة بالفستق وننشد المدائح الدينية ويذهب الرجال إلى الزوايا والمساجد ونقيم حفلات لختان الأطفال ونلبسهم لباس مطرز بالخيوط الذهبية». زاد النبي وفرحنا بيه مديح تردده العائلات المستغانمية وتحكي لنا إحدى العائلات المستغانمية عن المناسبة, حيث تقول السيدة منال: «من العادات السائدة في مستغانم للاحتفال بالمولد هي أن تقوم النساء بتنظيف منازلها وتطييبها بمختلف الروائح الجميلة وشراء أغراض منزلية جديدة للتبرك بهذا اليوم مع عقد جلسات عائلية بين أفراد الأسرة بحضور الأقارب والجيران للم الشمل وتواصل صلة الرحم, خاصة على مستوى الأحياء الشعبية, وتحضير الحلويات التقليدية يتخللها تقديم قصائد شعرية في مدح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كزاد النبي وفرحنا بيه وياسعدي زاد النبي وفرحوا به الملائكة, كما تستقبل النسوة فجر المولد بالزغاريد احتفالا بمولد الرسول, وتطهى الأكلة التقليدية كالبركوكس بالدجاج والتقنتة الممزوجة بالفول السوداني والروينة بالإضافة إلى الرقاق بالدجاج, وفي السهرة تجتمع العائلة على الطاولة المزينة المحتوية على المقرود والغريبية ونحني البنات ونحكي قصص الرسول صلى الله عليه وسلم». عائلات من عين الدفلى متمسكة بموكب المنارة وتتميز الاحتفالات بعين الدفلى بموكب المنارة وتقول إحدى العائلات المليانية: «تتميز منطقة عين الدفلى بإقامة موكب المنارة بمختلف أحيائها ومنازلها بعد عصر يوم المولد وينتهي عند المغرب بضريح سيدي أحمد, حيث تتنافس العائلات في صنع هذه المنارات وتخرج منارة الأحياء محمولة باليد أو على عربة بعد صلاة العصر في مسيرات بطيئة يتقدمها الشيوخ والطلبة بالمدائح والزرنة إلى أن تصل عند المغرب إلى مقام أحمد بن يوسف وتجمع أموال المتبرعين وتوزع الحلويات والتكريمات على الصبيان كما تجتمع العائلات على العشاء التقليدي وهو الرشتة باللبن وبعد ذلك تقام أمسيات لقراءة القرآن والمدائح الدينية, كما تقام سهرة بها الشاي والنعناع والمكسرات». عائلات قسنطينية تقصد الزوايا للاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومن جهة أخرىو تقول لنا السيدة فريدة وهي من العائلات القسنطينية عن عادات منطقتها: «من عادات قسنطينة الإقبال على الزوايا في هذه المناسبة كزاوية سيدي عبد الرحمان والتنافس على الصدقة والإطعام, حيث كانت تملأ القصاع بالتريدة أو التليتلي بالإضافة إلى الزلابية التي توضع عند مدخل المساجد ويتم تنظيف المسجد وتعطيره بالعنبر ونجتمع في وسط الدار لإحدى الجارات في البيوت القديمة ونتعاون لتحضير المأكولات التقليدية والاحتفاظ بجزء قليل منها لوليمة العشاء التي تلتف حولها العائلة فيما يوزع القسط الأكبر على الفقراء, وتأتي السهرة وتكون فيها الحنة سيدتها وسط الشموع الملونة والبخور والبيض الملون وتردد المدائح الشعبية ويلقن الأطفال العبر والمعاني من سيرة النبي الى غاية الفجر, حيث يتذوق الجميع الزرير المحشوة باللوز والجوز». مواليد العائلات الطارفية الجدد يسمون بأسماء الرسول عليه الصلاة والسلام هذا وتبدي الأسر الطارفية اهتماما كبيرا بالاحتفال بالمولد, حيث تقول إحدى السيدات من منطقة الطارف: «من عاداتنا أن تستيقظ الأمهات باكرا لطهي العصيدة وتبدأ مظاهر الاحتفال قبل شهر في مدن الطارف القديمة وتزين البيوت بالورود ويتم تنظيفها وتحضير طبق الكسكسي باللحم, ومن أجمل العادات التي ألفها الطارفيون تسمية جميع المولودين بأسماء الرسول عليه الصلاة والسلام كمصطفى ومحمد». الشخشوخة والدوبارة بدون منازع في مدينة بسكرة وعن عادة منطقة بسكرة, تقول صليحة وهي من هذه المنطقة: «نحضر المعارك بحجم كبير في البيت ونشتري التوابل الحارة ورأس الحانوت المشهورة في بسكرة لتحضير طبق الشخشوخة الحارة والدوبارة ونعد في السهرة الشاي مع المكسرات ومختلف أنواع التمور». الوعدة ميزة الكثير من سكان مدينة تيزي وزو أما الاحتفال في منطقة تيزي وزو فتقول عن عادات المولد عائلة عليلوش: «نقيم وعدة ونذبح الدجاج ونطبخ طبق السكسو بالخضر والدجاج ونحضر السفنج أو الخفاف والتين بزيت الزيتون,وكذلك نطبخ القديد الذي نقوم بتحضيره مسبقا خصيصا للمناسبة». حفلات ختان تزامنا مع مناسبة المولد بوادي سوف ومن جهة أخرى, تختلف العادات في منطقة الجنوب الجزائري, حيث تقول عائلة كحول عن عادات مدينتها: «تشهد شوارع وادي سوف حركة كبيرة فرحا بالمولد متجهين صوب المساجد وتكثر خلال هذه المناسبة حفلات الختان وما يميزها في هذه المنطقة أن العائلة تقوم بالإعلان عن الختان من خلال ما يعرف بالراية وهي عبارة عن قصبة من الخيزران تعلق عليها خيوط من الصوف الملونة بمختلف الألوان وتصبغ الخيوط بالحنة, ثم ترفع فوق مسكن الطفل وتحضر النساء طبق الكسكسي بلحم الجمل والرقاق إضافة إلى الحلوى والبيض المسلوق وتجتمع العائلة على الوليمة بالإضافة إلى دعوة الأصدقاء وتلبس النساء والأطفال ملابس جديدة وتحنى الأيادي بمختلف الأشكال, وفي السهرة تردد النساء المدائح النبوية ويحضر الشاي مع المكسرات بداخله ومختلف التمور». قراءة القرآن وترديد المدائح الدينية خلال الاحتفال بتندوف وتحكي لنا إحدى العائلات التندوفية عن عاداتها وتقول: «يقتصر الاحتفال في تندوف على قراءة القرآن والأناشيد الدينية المعبرة عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويخرج الأطفال بلباسهم الأبيض وفي أيديهم الحناء وهم يرددون عبارات أعطيني عرفة أي صدقة وغالبا ما تمتلئ جيوب الكبار بالحلوى استعدادا لطلبات الأطفال وهم يحيون مولد خير البرية ويقوم الأطفال بعد حصولهم على النقود لعبة النفيخات بألوانها المختلفة, كما تقوم السيدات بتحضير طبق الكسكسي التقليدي بعد نحر الجمال».