"احتجاج جزائري" يربك القيادة المصرية لاتحاد المحامين العرب طبع "الاحتجاج الجزائري" أشغال المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب الذي اختتم ليلة أمس بالعاصمة السورية دمشق وعرف مرافعة جزائرية ضد الأمانة العامة للاتحاد التي وجدت نفسها لأول مرة أمام اتهام علني وصريح باستخدام هذه الهيئة لأهداف سياسية داخلية بل وحزبية، حيث لم يتردد محامون جزائريون في التنديد باستغلال الحزب الحاكم في مصر هيئة يفترض أن تمثل كل المحامين العرب، الوفد الجزائري الذي طالب بإدانة صريحة لحرق المحامين المصريين للعلم الجزائري قدم ملفا يتضمن صور نقيب المحامين المصريين وهو يحرق العلم الجزائري وكذا وثائق تتضمن تصريحات مشينة تمس بمصداقية اتحاد المحامين العرب. وشهدت جلسة صبيحة أمس لحظات ساخنة كانت أولاها لدى تدخل المحامي الجزائري محمد عثماني بن عاشور عضو المكتب الدائم الذي انتقد "استخدام اتحاد المحامين العرب لخدمة سياسة ما أو طرف ما" مستغربا صمت اتحاد المحامين العرب على حرق علم الجزائر ودفعه نحو استصغار الأمر والتهدئة في محاولة للتستر على انحراف محامين يستدعي الإدانة، وذكر المحامي الجزائري المشاركين بتصريح رئيس اتحاد المحامين العرب وهو يهين الجزائريين ويقول "علمناهم أمس وسنسحقهم اليوم"، مؤكدا أن الوفد الجزائري يتوفر على صور للنقيب المصري وهو يقوم بإحراق العلم وأنه لن يستطيع التخفي خلف الإنكار ، وهنا تدخل رئيس الجلسة نقيب المحامين السوريين الذي حاول إثناء المحامي الجزائري عن المضي في هذا الموضوع، بل أنه دعا إلى تجاوز هذا الأمر معربا عن ضيقه من أن يكون هذا الحادث حديث الكواليس ثم موضوع مداخلات، وهو ما رفضه محمد عثماني الذي شدد على أن اتحاد المحامين العرب يجب أن يكون مواليا للمحامين العرب وليس لحزب سياسي، في إشارة إلى هيمنة الحزب الحاكم في مصر على هيئة المحامين العرب. محاولة النقيب السوري ثني المحامي الجزائري عن طرح القضية وإجباره على الحديث في صميم ما قال انه البرنامج أثار انزعاجا بين المحامين الجزائريين، و قال البعض منهم للنصر أن هناك "تسويات" تتم بين أطراف عربية على حساب القضية التي أثارها الوفد الجزائري الذي أربك لأول مرة منذ قيام المنظمة نظيره المصري المهيمن. وكادت الجلسة تتوجه نحو الفوضى حين حاول محام سوري الدفاع عن الطرف المصري بالقول "يكفي أن علما عربيا سيرفرف في المحفل الدولي وأن المصريين سيشجعونه" ويدعو صراحة إلى إغفال قضية حرق العلم لأنها "قضية جزئية" بالنظر إلى الانشغالات التي تواجه المحامين، وهنا ثارت ثائرة محامين جزائريين كانوا بالقاعة حيث قاطعوا المتدخل هاتفين بأن حرق علم بلد عربي ليس قضية جزئية وسادت حالة من الفوضى، استغلها رئيس الجلسة ليحاول طرد الحاضرين من القاعة والاقتصار على أعضاء المكتب الدائم، قبل أن يتدخل رئيس الوفد النقيب أحمد ساعي الذي هدأ الوضع. وقد طالب الوفد الجزائري بسحب كلمة "قضية جزئية". رئيس الوفد الجزائري النقيب ساعي طالب في تدخله باصلاح جذري لاتحاد المحامين العرب يكون يستطيع القيام بدور الدفاع في حماية حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية وتحقيق استقلالية القضاء، ولتجسيد ذلك اقترح تغيير ميثاق الاتحاد وهياكله"حتى يكون أكثر عدلا في التمثيل وأكثر نجاعة وفعالية". عاد في مداخلته إلى الأزمة الجزائرية المصرية وشرح كيف أريد لمقابلة كروية أن تتحول لأهداف سياسية إلى عداوة وخصومة بين شعبين شقيقين، مذكرا بحملة القذف والشتم التي استهدفت الجزائريين في الإعلام الرسمي المصري والإعلام الخاص، بعد أن وضع المصريون الفوز على الجزائر في خانة "الاستراتيجية القومية لمصر"، مسجلا انخراط الرسميين المصريين في هذه الحملة أسوة بابن الرئيس المواطن علاء الذي وصف الجزائريين بالارهابيين، كما ذكر بحادثة الاعتداء على حافلة الفريق الوطني والحديث بعد ذلك عن اعتداء مناصريين جزائريين على مصريين بالخرطوم دون تقديم دليل على ذلك، وعرض النقيب ساعي إلى عقد الرئيس المصري لحكومة حرب تواصلت بعدها الحملة وتم طرد1600 طالب جزائري من مصر. وبشأن قضية حرق العلم ذكر النقيب ساعي بأن المصريين رفضوا بعد اندلاع الثورة الجزائرية الانتساب إلى فريق دولي للدفاع عن المساجين السياسيين الجزائريين أمام المحاكم الفرنسية، في وقت انضم فيه محامون فرنسيون وإيطاليون وسويسريون وبلجيكيون مع المحامين المغربيين والتونسيين إلى الهيئة. وقال ان الامتناع سجله التاريخ ليضاف إلى ذلك في الوقت الحالي سلوك رئيس اتحاد المحامين العرب بأنه سيقدم شكاوى جنائية ضد مسؤولين جزائريين. لينتهي الامر على حرق العلم الجزائري أمام نقابة المحامين المصريين بالقاهرة يوم 22 نوفمبر واصفا ذلك " بالتصرف الأرعن والإجرامي ..الذي قام به محامون تجردوا من قيم الشرف والاستقامة". مسجلا أن المحامين الجزائريين رفضوا الرد بالمثل. و خاطب رئيس المحامين العرب بالقول أنه لا يصدق رواية الشخص المندس الذي احرق العلم التي تضمنتها رسالته إلى النقابة الجزائرية، مشيرا إلى أن رئيس الاتحاد لم يدن السلوك ولم يندد به. من جهته حاول الطرف المصري عبر أحد مساعدي رئيس الاتحاد على الظهور في صورة الطرف المهدئ، حيث أشاد بالثورة الجزائرية وبدور الجيش الجزائري في حرب أكتوبر وعاد ليذكر بالروابط التاريخية بين البلدين مطالبا بجعل ما حدث حادثا من الماضي الذي لا يعيق العمل المشترك. وخاض المحامون الجزائريون معركة حقيقية من أجل دفع المشاركين العرب إلى وضع حد لاستغلال هيئتهم لأغراض مشبوهة بلغت حد الإساءة لبلد عربي بحرق علمه، ووجد الوفد الجزائري "تضامنا في الكواليس" لم يترجم في مختلف التدخلات، وأسرت مصادر من الوفد الجزائري أن بعض الجيران تضامنوا مع الجزائر بالكلام فقط وكانوا في مواقع أخرى عملا، حفاظا على مواقعهم داخل المنظمة أو من باب الطموح والمصالح. وتحدثت مصادر من الأشغال عن "تحالف طارئ" بين البلد المترئس والبلد المستضيف. وانتزع الوفد الجزائري أثناء الأشغال بتضمن البيان لإدانة أو تشكيل لجنة تحقيق على الأقل تنظر قضية حرق العلم. واللافت أن الخطاب السياسي طغى على أعمال المكتب الدائم، وذكر محامون عرب أنه أريد لقضية احتلال الجولان أن تكون في الواجهة على اعتبار أن سوريا هي التي تحتضن الأشغال، غير أن بعض المشاركين استهجنوا الإفراط في السياسة وإغفال مهنة المحاماة ودورها، وسجل محامين مغاربة ومورطانيين تخلي المحامين العرب عن قضايا الحريات وحقوق الإنسان، وتساءل محام مغربي كيف نطالب شعوبا غير متحررة أن تحرر أراض محتلة، وقال أن تحرير الاوطان ليست مهمة المحامين وأن المشكلة في الأنظمة التي باركت عمليات احتلال منها احتلال العراق واصفا بعض المداخلات بالرياء السياسي مشيرا أن النظام السياسي العربي الذي يجامله محامون جزء من المشكلة. كما انتقد محام موريتاني صمت الاتحاد عن طرق محاكمة سجناء الرأي والمحاكمات العسكرية والتضييق على الدفاع وتبنيه لخطب حزبية ليصبح أقرب إلى اتحاد الأحزاب العربية منه إلى تسميته الحالية.