أجمع محامون على أن اللجنة المكلفة بإلغاء المواد المدرجة ضمن قانون العقوبات والمتعلقة برفع التجريم عن فعل التسيير فشلت في تطبيق قرار رئيس الجمهورية بسبب الإجراءات البيروقراطية. و في هذا السياق قال المحامي مقران آيت العربي المختص في القضايا الجنائية ذات الطابع الاقتصادي بمناسبة مرور سنتين عن صدور قرار رئيس الجمهورية حول رفع التجريم عن فعل التسيير أن “الهيئات المكلفة بتطبيقه عجزت تماما عن ذلك مستدلا ببقاء الغطاء القانوني المتعلق بهذه المسائل يندرج في اطار تبديد المال العام وإبرام عقود مخالفة للقانون. و برر نفس المحامي فشل اللجنة بعدم وجود رغبة حقيقية في الإصلاح بإلغاء المواد المدرجة ضمن قانون العقوبات والمتعلقة برفع التجريم عن فعل التسيير . ودعا في المقابل إلى تشكيل فوج عمل متخصص يتم تزويده بتعليمات واضحة حول اتجاه الإصلاح بهدف اعداد مشروع قانون يعرض على البرلمان للتصوت عليه في ظرف لا يتجاوز ثلاث سنوات. كما دعا فب تصريح ل وأج، إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وتكييفها وفق المعطيات الوطنية. وأكد آيت العربي أن “القوانين الحالية بالجزائر لا تنص على جريمة تحمل تسمية “التجريم عن فعل التسيير" وإنما وقائع متعلقة بتبديد المال العام منصوص عنها في قانون العقوبات والقانون المتعلق بالوقاية من الفساد. و برأي نفس المحامي فهناك خلط بين التسيير والعقاب الناتج عن فعل التسيير و لتفادي اللبس دعا إلى ضرورة “تدخل القانون الجزائي للعقاب عن الجرائم المتعلقة بالرشوة و تبديد و تحويل المال العام أما البقية فينبغي أن يتم تصنيفه كما قال ضمن فعل التسيير بحيث يترك الفصل فيه لمجالس الإدارة و الوزارات الوصية. ومن جانبه أكد ميلود براهيمي الذي تم اختياره سنة 2011 من طرف مركز البحث القضائي والقانوني إلى جانب شخصيات أخرى ضمن اللجنة المكلفة بإلغاء المواد المدرجة ضمن قانون العقوبات والمتعلقة برفع التجريم عن فعل التسيير أن هذه اللجنة “لم تعمل على تطبيق قرار رئيس الجمهورية، مبرزا أن بعض أعضاء اللجنة رفضوا الإستجابة لتعليمات الرئيس. وأوضح الأستاذ براهيمي بأنه “لم تكن هناك نية برفع التجريم عن فعل التسيير بل تم القيام بكل شيء من أجل عدم رفع التجريم عنه و تجريد إلتزام رئيس الجمهورية من كل فحواه". و ذكر ابراهيمي أنه شارك في اجتماع واحد (لهذه اللجنة) مؤكدا أنه اتخذ شخصيا قرار عدم المشاركة فيها بعد ذلك لأنه أدرك —كما قال—أن ذلك بعيد عن الواقع وفائدة الوطن. و في رده على سؤال حول أسباب عدم تطبيق قرار رئيس الجمهورية حول رفع التجريم أرجع ذلك إلى عدم الفهم وعدم الكفاءة والبيروقراطية التي انتهجتها الوزارة. و باعتباره محامي عن إطارات التسيير دعا براهيمي إلى وضع حد للضغط الكبير الذي يتعرض له الاطارات الإقتصادية و"الذي يمنعهم من اتخاذ أبسط المبادرات مما يضر في النهاية بالاقتصاد الوطني". و بعد تذكيره بأن مكافحة “الآفات الاجتماعية» المصادق عليه في الجزائر يعود إلى سنة 1964 أكد ابراهيمي أن التجريم ما زال منحصرا في «التسيير الإقتصادي داعيا إلى “توسيعه إلى سوء التسيير القضائي والسياسي". و من جانبه اعتبر المحامي حسين زهوان أن رفع التجريم عن فعل التسيير يعد من القضايا التي تحتاج للتحليل، مشيرا إلى أنه “لا يمكن تجريم جزائيا شخصا مخلصا لوطنه لا يتمتع باليقظة الكافية للتفطن لأخطاء التسيير". و في هذا الشأن أكد الأستاذ زهوان على ضرورة جعل العقاب لا يتعدى بعض الاجراءات الإدارية مثل التوقيف عن العمل دون اللجوء إلى العدالة. و في هذا الصدد استدل نفس المحامي إلى المشاكل الصحية والنفسية التي يعاني منها العديد من الإطارات السامية في المؤسسات الاقتصادية الذين تمت متابعتهم من قبل و ثبثت براءتهم و هو ما اعتبره “مساس بحقوق الإنسان". و تساءل الأستاذ زهوان في نفس السياق عن الطريقة التي تكفل حماية الاطارات الوطنية التي لتملك كفاءات والمؤسسات الإقتصادية ومصلحة الوطن في نفس الوقت داعيا إلى ضرورة قيام كل من وسائل الإعلام بالتعاون مع الحقوقيين ونواب البرلمان بحملة تحسيسية حول أهمية الوعي بخطورة جرائم الفساد على حقوق الإنسان والمصالح العميقة للبلاد. و يذكر أن رئيس الجمهورية كلف الحكومة سنة 2011 بإعداد الترتيبات التشريعية اللازمة بغرض رفع التجريم عن فعل التسيير من أجل “طمأنة الإطارات المسيرين من دون أن يعني ذلك الافلات من العقاب".