زوجان يسكنان داخل خزانة لربط الغاز بحي فيلالي النصر زارت الزوجين في خزانة الغاز في حي فيلالي بقسنطينة، التي تشبه حجرة ضيقة لا نافذة فيها ولا فتحة تسمح بدخول الهواء أو الشمس ، حيث يعانيان من البرد القارص و تسرب قطرات المطر و الثلج عبر السقف الإسمنتي الهش المليء بالثقوب على جوانبه. الزوجان استأنفا حياتهما الزوجية بهذه الغرفة من جديد بعد أن قضت الزوجة شهورا طويلة في بيت أهلها في مدينة عنابة منذ طردهما من سكنهما المستأجر الأخير في شهر مارس الماضي، حيث بقي الزوج طيلة هذه الفترة في ورشات البناء التي يعمل فيها في النهار لدرجة أنهما فكرا في الطلاق نهائيا ثم لجأ للتهديد بالإنتحار حرقا بالبنزين أمام مدخل البلدية من أجل منحهما سكنا خاصة أنه أودع ملف السكن قبل عشر سنوات. و لتهدئتهما يقول الزوج قامت مصالح البلدية في شهر جوان الماضي بإسكانهما في أحد غرف ربط الغاز الفارغة تماما كان يستعملها أعوان النظافة بالمنطقة كمخزن يضعون فيه أدواتهم، و قبل نقلهما قام عمال البلدية بتغطية أرضيتها الترابية بالإسمنت لإخفاء أنابيب الغاز البارزة من القاعة كإجراء أمني وحيد، و منذ ذلك الحين لم يعد أحد منهم ليتفقد وضعهما أو يقدم لهما حلولا جذرية رغم ا وعدهم أن هذه الوضعية المخالفة للقانون و الخطيرة ليست إلا حلا مؤقتا. و رغم إدراك كل من مراد و زوجته لخطر العيش فوق أنابيب و وصلات الغاز المغطاة بالإسمنت إلا أنهما كما قالا لا يملكان حلا آخر فلا ملجأ بديل يهربان إليه من الرعب اليومي التي يعيشانه على الدوام بمجرد التفكير في إحتمال حدوث إنفجار للغاز في الغرفة مما قد يودي بحياتهما أو تصيبهما تشوهات بالغة و إعاقات خطيرة. و هو الهاجس الذي دفعهما لتخفيف الأثاث في الغرفة الضيقة تاركين أكثر من نصفه لدى البلدية و مكتفين فقط ببعض الحاجيات الأساسية كالثلاجة و التلفزيون و الأفرشة و قارورة الغاز و طابونة للطهي و في نفس الوقت للتدفئة، حيث قام الزوج ببناء مرحاض لم يتمكن من وصله بشبكة الصرف الصحى للحي مكتفيا بغرس الأنبوب البلاستيكي المنبعث منه في التراب، كما يقوم بسقي الماء يوميا من الإكمالية المقابلة ، أما بالكهرباء فزودهم بها أحد الجيران المتطوعين. الكثير من السكان و الجيران لا يعرفون أن هناك من يسكن داخل غرفة ربط الغاز تلك مما يعرضهما يوميا لمحاولات إقتحام المكان من قبل أجانب خاصة في الليل، حيث يحاول بعض المخمورين الذين يحاولون بقوة الدخول عليهما ، و عندما يجدون بابها مغلقا من الداخل يبقون بجانبها مستندين على جدرانها من الخارج ليشربوا و يتحدثوا بصوت مرتفع متلفظين بكلمات بذيئة تدفع بالزوج في الكثير من الأحيان للخروج و التشاجر معهم عندما يرفضون المغادرة طالبا منهم على الأقل الجلوس بإحترام مراعين حرمة وجوده مع زوجته في مسكنهما المؤقت الذي لا يشبه البيت إلا في جدرانه الأربعة و الباب، كما عبر لنا صاحبه قائلا أنه يشعر أنه يسكن في العراء أو وسط خمارة ليلية. و بسبب عدم إطمئنانه على زوجته التي تبقى بالغرفة لوحدها طيلة النهار في أوقات تواجده في الخارج إختار مراد درسوني العمل في ورشة بناء قريبة في حي مصطفى بن بولعيد بفيلالي، ليستطيع تفقدها من حين لآخر و للقدوم إليها بأقصى سرعة في حال تعرضها لمشكلة ما، حيث يطلب منها إحكام إغلاق الباب و عدم فتحه مهما حصل حتى تتصل به، أما بالنسبة لها فالأمر أكثر صعوبة لأن الجو خانق داخل الغرفة المظلمة التي لا يمكنها أن تفرق بداخلها بين الجو المشمس أو المكفهر، مما يصيبها كما قالت بالكثير من القلق و الإكتئاب لأنها لا تغادر البيت إلا نادرا لزيارة أهلها في عنابة. المكلفة الإعلامية بشركة سونلغاز السيدة مزياني أكدت أن هذه الحالة الأولى هي من نوعها في قسنطينة فلم يسبق لهم مصادفة مثل هذه المأساة من قبل، نظرا لخطورة المكان الملغم الذي بإمكانه الإنفجار في أي لحظة و حينها لن يستطيع أعوان سونلغاز التدخل لإنقاذهما قبل أن تتشتت أشلاؤهما في كل مكان، مستغربة إقدام هذا الزوج على المغامرة بحياته و حياة زوجته بهذه الطريقة المخالفة للقانون و الدين أيضا لأنها لا تحفظ لهم نفسهم قائلة : " هذه ليست أبدا طريقة للمطالبة بالسكن بل هي مجرد إنتحار غير معلوم الأجل"، حيث أكدت أن شركة سونلغاز قامت بتقديم بلاغ فيهم لدى مصالح الأمن للتدخل في أقرب الآجال و إخراجهم من خزانة الغاز التي شغلوها قبل فوات الأوان و ذلك بعد أن تأكدت مصالحها من إتخاذهما كمسكن حقيقي بعد بناء المرحاض بها و إخراج أنبوب الصرف الصحي منها و وضعهم لصحن " البرابول " في سقفها، مما أكد تواجدهما فيها بشكل دائم منذ حوالي 6 أشهر، بعد أن كانا من قبل يأتيان لفترات ثم يغيبان عنها أثناء الخرجات التفتيشية العادية لسونلغاز.