انتزعت تسمية "سي مصطفى" في مسلسل بن بولعيد سطع نجمه في المهرجانات الوطنية والدولية الكبرى، كبطل لفيلم مصطفى بن بوالعيد للمخرج أحمد راشدي، وها هو يزداد تألقا بتحويل ذات العمل الثوري الى مسلسل ضم مشاهد عرضت لأول مرة عبر شاشة رمضان 2010... وكم يعتز لأن الكثير من المحيطين به والمعجبين يصرون على مناداته "سي مصطفى" وهي شهادة وجائزة اضافية من الجمهور تؤكد -حسبه- أنه كان "الى حد ما" في مستوى مسؤولية تجسيد شخصية في قامة الشهيد الرمز بن بوالعيد التي توجته الأهقار الذهبي لأفضل ممثل. ولايزال حسان قشاش، الطبيب الذي خطفه الفن، يواصل درب الابداع مع راشدي الذي "دشن" موهبته في 1992 عبر فيلمه "كانت الحرب" ليصور معه حاليا دوره في فيلم وثائقي حول الفاتح من نوفمبر 1954.. اتصلنا به، فكانت هذه الاطلالة على أعماله ومشاريعه النصر: كيف تم اختيارك لتجسيد شخصية الشهيد البطل مصطفى بن بوالعيد في عمل ضخم حول مساره النضالي والانساني؟ - حسان قشاش: شاركت في عملية كاستينغ استقطبت عشرات المشاركين واذا بالمخرج أحمد راشدي يهتف عندما حان دوري: "لقد وجدت مصطفى بن بوالعيد!".. انتابتني في تلك اللحظة الخالدة التي لن أنساها ما حييت الكثير من المشاعر دفعة واحدة، شعرت بالفرح والاعتزاز وفي نفس الوقت ثقل المسؤولية على عاتقي.. فقد كلفت بتجسيد شخصية عظيمة من رموز صفحات مجيدة في تاريخ ثورة عظيمة.. والعمل الضخم حظي بدعم وتمويل وزارتين.. المؤكد أن ملامحي التي تشبه الى حد كبير ملامح الشهيد البطل بشهادة الكثرين خدمتني، لكنني غصت واشتغلت كثيرا على الشخصية التي رسمها كاتب السيناريو الصادق بخوش.. حاولت الوصول الى عمقها وابراز جانبها الانساني وعدم الاكتفاء بإبراز بن بوالعيد العسكري، القائد، المرشد الموجه والواعظ الحكيم.. خاصة وأن هذا العمل وقع توجه السينما الجزائرية الى الصفوف الأولى في القيادات الثورية.. ولإثراء دراستي وبحث حول هذه الشخصية التي حظيت بشرف ومسؤولية تقمصها، حاولت الاتصال بأبناء الشهيد في باتنة. وحالت الالتزامات دون احتكاكي بابنيه، لكن ابنته نبيلة حضرت تصوير العمل، وظهرت في أحد المشاهد ولو بشكل رمزي.. وكم اسعدني تهافت العديد من رفاق ومعارف الشهيد على تقديم شهاداتهم ومعلومات حوله ودعم كل الناس ومساعدتهم لنا اثناء التصوير.. فجميعهم معنيون بمرحلة تاريخية نضالية، شهدت انتفاضة مجموعة من الشباب ووعيهم واقتناعهم بتفجير أعظم ثورة بامكانيات متواضعة.. بصراحة، مارأيك في تحويل فيلم "مصطفى بن بوالعيد" الذي حضر عرضه الأول رئيس الجمهورية قبل أن يقتحم المهرجانات الوطنية، والدولية الى مسلسل تلفزيوني رمضاني؟ - المسلسل وسع دائرة مشاهدة ومتابعة العمل واستقطب مختلف الشرائح الاجتماعية، خاصة وأن نسبة مشاهدة التلفزيون الجزائري تزداد في الشهر الفضيل، أشير هنا الى ان مدة تصوير مشاهد العمل أكثر من خمس ساعات، ومدة الفيلم حوالي ساعتين ونصف وبالتالي تم استغلال كافة المشاهد لدى تحويل العمل الى مسلسل يخلد نضال 15 عاما من عمر الثورة التحررية تقريبا، وهكذا استمتع المشاهدون الجزائريون بمتابعة مشاهد عرضت لأول مرة عبر شاشة رمضان وهي كثيرة ومميزة. ماذا أضاف "مصطفى بن بوالعيد" لحسان قشاش الى جانب تتويجه بالأهقار الذهبي لأفضل ممثل والتألق في المهرجانات الكبرى؟ - أنا سعيد جدا بالعمل وبإصرار الكثير ممن حولي من معارف ومعجبين حتى من فئات الأطفال على مناداتي "سي مصطفى" وأنما ذهبت تهاطلت على عبارات الاعجاب والمحبة والتقدير المؤثرة... إنها أكبر مكافأة وشهادة من الجمهور تبرهن أنني نجحت إلى حد ما في تحمل مسؤولية تقمص الشخصية الكبيرة... هذه جائزة أهم من كل الجوائز والمهرجانات وأنا محظوظ بالفوز بها. - وما هي الصعوبات التي واجهتموها أثناء التصوير؟ - كثيرة.. فالعمل ضخم من توقيع فريق عمل كبير وقد استغرقت التحضيرات لإنجازه حوالي سنة والتصوير 5 أشهر ونصف متقطعة، عبر 6 مناطق بالبلاد في ظل ظروف جغرافية ومناخية صعبة. المهم أنه لم يكتف بتسليط الضوء على مرحلة تاريخية حاسمة بل تجاوز ذلك لابراز جماليات البلاد ومناظرها الطبيعية السياحية الرائعة وماعدا ذلك يهون. - كانت انطلاقتك في 1992 مع المخرج أحمد راشدي من خلال المشاركة في فيلمه "كانت الحرب" وهو ثوري... وتألقت لاحقا في شخصية حسان حشاد مؤسس الحركة النقابية بالمغرب العربي في العمل الثوري التاريخي "عيسات إيدير" للمخرج الاردني كمال اللحام وشاركت في فيلم تاريخي آخر عنوانه "شارع النخيل الجريح" للتونسي عبد اللطيف بن عمار هل تنوي التخصص في الأعمال التاريخية؟ - قبل كل شيء أود أن أشير إلى أن العمل الأخير يؤرخ لحرب بنزرت ويدعو إلى كتابة علمية دقيقة للتاريخ... وأنا جد متفائل بالانطلاقة الثقافية القوية التي تشهدها بلادنا ومعانقة الفن لأعماق التاريخ والتواصل الجميل بين الماضي والحاضر... لكن هذا لا يعني أنني أنوي بالضرورة التخصص في الأعمال التاريخية، فأنا أرحب بالأعمال الاجتماعية الدرامية وقد شاركت في العديد منها خلال مساري. وأنا بطبعي أحب الأدوار المركبة ذات العمق... التي تتطلب العمل والتفكير والاجتهاد وتجعلني أخوض تجربة جديدة تصقل قدراتي... أرحب بكل الأنواع الفنية الجيدة والراقية التي تضفي خبرات جديدة. - ماذا لو عرض عليك تقمص دور كوميدي؟ - مبدئيا، لم أفكر في ذلك، لكن لا توجد لدي خطوط حمراء... مرحبا بكوميديا الموقف التي تجعل المشاهد يضحك من قلبه وتخاطب ذكاءه وتدعوه للتفكير... - كيف تم خطف حسان قشاش من عالم الطب والأدوية الى التمثيل؟ - درست فعلا الطب ومارسته لفترة... لكن الصدفة لعبت دورها في حياتي ومساري المهني... كنت ذاهبا للقاء صديق، فوجدت نفسي أمام عدد كبير من المشاركين في عملية كاستينغ تحت اشراف المخرج أحمد راشدي الذي كان يحضر لإنجاز فيلم ثوري عنوانه "كانت الحرب"... ولأنني كنت أحب التمثيل منذ الصغر، اغتنمت تلك الفرصة... سألني راشدي: "أنت طبيب هل تستطيع تقمص الدور؟" فأجبته: "هناك قواسم مشتركة بين الطب والتمثيل، الأول يهتم بمعالجة الجسم، والثاني يتعامل مع الروح ويعالج النفس والعقل والقضية المشتركة بينهما: الإنسان"... ضحك المخرج ووافق على مشاركتي في "الكاستينغ" ثم أسند لي أول دور في حياتي في "كانت الحرب"... إنه متواضع وكريم ومبدع، وصبور جدا في بلاطوهات التصوير... وتعلمت منه الكثير... تعاملت بعد ذلك مع المخرج محمد شويخ وشاركت في فيلم "العرش" ولم ألبث أن تفرغت تماما للتمثيل. - جديدك... - أواصل تصوير دوري في فيلم وثائقي تاريخي ثوري مع أحمد راشدي منذ رمضان. - مشاريعك؟ - فيلم سينمائي تاريخي عنوانه "الاندلسي" لمحمد شويخ حول سقوط غرناطة والأحداث التي أحاطت بتلك الحقبة الزمنية والأشخاص الذين غادروها محملين بذكرياتهم وأحزانهم باتجاه الجزائر... وهناك عمل تاريخي آخر في طور التحضير للمخرج مراد شورار عنوانه "ربما يوما ما" أجسد من خلاله شخصية سجين جزائري في معتقل ألماني خلال الحرب العالمية الثانية... كما سأشارك في مسلسل بوليسي للمخرج بشير درايس...