مصالح الأمن تمنع شابا من إضرام النار في جسده تدخّلت أمس قوات الأمن لتفريق عشرات الشباب البطالين القادمين من عدة ولايات للاعتصام أمام مقر وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي بالعاصمة، ما أسفر عن توقيف عدد من الذين أصرّوا على تنظيم الوقفة الاحتجاجية بالقوة قبل أن يُطلق سراحهم فيما بعد. والخطير أن شابا حاول إضرام النار في جسده احتجاجا على وضعه الاجتماعي، لكن أعوان الأمن وبعض المحتجين تدخلّوا وأنقذوه من موت مؤكد. انتشرت أعداد معتبرة من قوات مكافحة الشغب على طور أسوار مبنى وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الكائن غير بعيد عن حي بلكور الشعبي وسط العاصمة، رغم أن الحركة بدت عادية منذ الساعات الأولى لنهار أمس، لكن سرعان ما تجمع عدد كبير من الشباب البطالين مع مرور الوقت للمطالبة بتحسين وضعهم الاجتماعي والتكفل بهم من طرف السلطات العمومية. وقد نفذت ما يسمى ب «التنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين» التابعة للنقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية «سناباب»، تهديدات أطلقتها قبل أيام باعتبارها من يقف وراء هذا الاحتجاج الأوّل من نوعه، واللافت أن منشطي هذه الوقفة ينحدرن في الغالب من ولايات الجنوب الذين جاؤوا حاملين معهم شعارات تدعو إلى تخصيص منحة لصالحهم لا تقل عن 50 بالمائة من الأجر الوطني الأدنى المضمون. ورفع ممثلو المحتجين جملة من المطالب وعلى رأسها القضاء على المحسوبية والرشوة التي تتمادى وكالات التشغيل في ارتكابها، حيث نددوا بما وصفوه «الظلم والاستغلال الممارس من قبل مافيا التشغيل»، كما أثار المحتجون انشغالا يتعلق بممارسات شركات المناولة التي ترفض، حسب ممثل شباب الجنوب، تشغيل أبناء المنطقة، ومن بين المطالب المرفوعة أيضا منع تسريح أي عامل لأسباب اقتصادية مزعومة، وترسيم كل العاملين المتعاقدين في إطار عقود ما قبل التشغيل، وأكد الشباب على أنهم في انتظار حلول ملموسة من الجهات الوصية ولا يقبلون الوعود. ورغم اضطرارها إلى توقيف عدد من المحتجين، فإن مصالح الأمن التي حضرت إلى عين المكان حرصت على التعامل بهدوء مع البطالين، وهو الأمر الذي لم يكن كافيا ليضمن عدم وقوع بعض التطورات الخطيرة التي دفعت أحد الشباب، في حدود الساعة الواحدة، إلى حدّ إحضار دلو مملوء بالبنزين مهدّدا بإضرام النار في جسده، ما أحدث حالة استنفار قصوى دفعت بالمحتجين ومصالح الأمن إلى التدخل الفوري لمنعه من الانتحار أمام أسوار مقر وزارة «الطيب لوح». يأتي ذلك في وقت قرّر مسؤول بوزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي استقبال أربعة ممثلين عن المحتجين، وحسب الانطباعات التي خرج بها هؤلاء فإنهم لم يحصلوا على أية وعود أو التزامات واضحة من طرف مسؤول الوزارة، باستثناء الاتفاق على الالتقاء من جديد في الأيام المقبلة. وانعقد اللقاء مع المدير العام للتشغيل على مستوى الوزارة، «السعيد عنان»، ومدير العلاقات العامة، «أحمد بوربية»، إلى جانب مسؤول آخر في مفتشية العمل. وأما حضور النائب بالبرلمان «بسباس» عن حزب «الأرسيدي»، فأوضح ممثل الشباب المحتجين، «الطاهر بلعباس»، أنهم يرفضون أن تستغل لجنتهم أو مطالبهم لأغراض سياسية أو من قبل أي أحزاب سياسية تريد الاستثمار في مطالبهم، مشيرا إلى أن اللجنة كانت تنوي أن تنظم حركات احتجاجية قبل اندلاع الاحتجاجات في تونس، لكنها تراجعت «حتى لا يتهموننا بالفوضى أو العمل لصالح جهات أخرى»، مثلما أكد بأن الوقت قد حان للتنديد بالوضعية التي نعيشها وسننتظر رد الوزارة، وفي حال عدم الاستجابة سنعاود تصعيد الاحتجاج».