الدساتير السابقة وُلدت قيصريا والتعديل الحالي يفرض نقاشا واسعا يرى الدكتور علي قريشي المختص في القانون الدستوري بجامعة الحاج لخضر بباتنة، بأن تعديل الدستور في الجزائر تأخر ويُفترض تعديله منذ مدة، وهو ما يبرز حسبه الحاجة الملحة لتعديله في الوقت الراهن من أجل مواكبة المتغيرات التي تحدث داخل المجتمع الجزائري و خارجه. واعتبر الدكتور قريشي في حديث للنصر بأن التعديلات السابقة للدستور مرت على عجل وولدت ولادة قيصرية بسبب الظروف التي عاشتها الجزائر ما جعل هذه التعديلات بحسب تعبيره لا تنال نصيبها من النقاش، مؤكدا بأن الظرف الحالي للتعديل الدستوري يفرض النقاش خاصة إذا ما كانت التعديلات عميقة وجوهرية. وقال الأستاذ علي قريشي بأن التعديل الدستوري يجب عرضه على الاستفتاء الشعبي إذا ما كانت نية التعديل إحداث تغييرات عميقة وهذا حتى يكون للوثيقة الدستورية مصداقية كبيرة في أوساط الشعب، معتبرا أن التعديلات التي عرفها الدستور الجزائري بعد الاستقلال أملتها ظروف طارئة ما جعل الدساتير السابقة عبارة عن "دساتير أزمة" راعت حسبه، مصلحة الوطن رغم التعديلات المتكررة. وبشأن التعديلات المرتقبة في فحوى الدستور القادم، ذكر الدكتور بأن احترام وتطبيق الدستور بحذافيره له من الأهمية القدر الموازي لمضمون التعديل، مضيفا بأن التعديلات المرتقبة يفترض فيها توضيح العلاقة بين السلطات، وكذا الخروج بنظام حكم واضح المعالم، واصفا النظام الحالي بالرئاسي المتشدد الذي يضع السلطات في يد الرئيس. ويرى في سياق ذي صلة، بأن التعديلات يجب أن تراعي حريات الأفراد وتضمن الممارسة السياسية الفعلية لأفراد الشعب على حد سواء، مع تطبيق القوانين على الجميع ابتداء من الحاكم، مضيفا بأنه يُرتقب من الدستور المقبل الخروج من مرحلة شخصنة الدولة إلى دولة المؤسسات لضمان استقرار الدولة. وبخصوص طبيعة اللجنة المكلفة بمناقشة وإعداد مسودة الدستور وما إن كان التعديل الجاري يكتنفه الغموض، اعتبر الدكتور علي قريشي، بأنه من صلاحيات رئيس الجمهورية اختيار الطريقة التي تتم بها العملية بعد أن قام بتنصيب اللجنة التقنية المكونة من أكاديميين، مضيفا بأن ذلك لا يعني بأن اقتراحات اللجنة التقنية سيتمخض عنها دستور نهائي، مؤكدا على ضرورة إشراك كافة الفاعلين من ممثلي المجتمع المدني في مناقشة الدستور وآلية إخراج التعديلات التي سيتم إحداثها. وربط الدكتور علي قريشي الطريقة التي يمكن اللجوء إليها للمصادقة على الدستور بالتعديلات التي ستنبثق، مؤكدا بأنها إذا ما كانت عميقة فإن ذلك لن يستند على المادة 176 في عرضها على البرلمان وإنما يجب عرضها على الاستفتاء الشعبي، معتبرا إياها الطريقة الأفضل لإضفاء مصداقية على عملية التعديل الدستوري. وأكد المتحدث بأنه لا يجب إغفال دور المجلس الدستوري في التعديل المقبل، بحيث يجب تفعيل دور هذا المجلس في حماية الدستور أثناء إصدار البرلمان للمواد التشريعية بما يتماشى والمقومات الأساسية للدستور. وركز المتحدث على ضرورة احترام الوثيقة الدستورية بقدر التعديلات التي ستطرأ عليها، مستشهدا في هذا السياق بما قاله الصحابي عمر بن الخطاب لموسى الأشعري "لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له".