أبرز أساتذة جامعيون يوم الثلاثاء أن المهمة الرئيسية للبرلمان المقبل الذي سينبثق عن تشريعيات ال 10 ماي الجاري تتجسد في "مراجعة دستور البلاد" الذي سيساهم في بناء "جمهورية جزائرية ثانية". وأكد الدكتور محند برقوق خلال ندوة نظمها مركز الدراسات للبحوث الإستراتجية و الأمنية حول "دور البرلمان في الهندسة الدستورية" أن المهمة الرئيسة للبرلمان القادم تتجسد في "مراجعة دستور البلاد" من شأنها المساهمة في بناء جمهورية جزائرية ثانية بالإنتقال من منطق الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية". وتستند هذه الشرعية حسب مدير المركز الدكتور برقوق إلى المشاركة الفعالة للمواطن في الحياة السياسية من خلال التجسيد الميداني للديمقراطية الثمثيلية التي أشار اليها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في خطابه للامة في 15 أبريل2011. و أكد الدكتور برقوق أن دورالبرلمان المقبل في مسألة التعديل الدستوري "لن تقتصر عند مستوى مناقشة التعديلات المرتقبة و إنما تتعداها إلى صياغة واعداد هذه التعديلات التي سوف تطرح للإستفتاء الشعبي". و اشارفي ذات السياق إلى أن مهمة مراجعة الدستور مرهونة بطبيعة اللجنة التي ستكلف بإعداد مسودة الصياغة و كذا تحديد ملامح الجمهورية الجزائرية الثانية التي تتركز على الشرعية الدستورية. ومن جهته توقع الدكتور محمد فادن (عضو سابق بالمجلس الدستوري) أن التعديل الدستوري سيساهم في إحداث تغييرات جوهرية على نظام الحكم الحالي مما يسمح بتطبيق مبدأ الفصل المرن بين السلطات ويؤدى إلى مزيد من الحريات الفردية والجماعية. و بالمناسبة شرح ذات المتدخل طرق تعديل الدستور التي تضمنها الدستور الجزائري في بابه الرابع مؤكدا على دور البرلمان في هذه المسالة باعتباره " شريكا " مهما كانت الطريقة المتبعة لإجراء هذه المراجعة الدستورية. وشدد الدكتور فادن في هذا الصدد على " أهمية تكوين البرلمانين أو الإستعانة بالخبرة الوطنية في المجال السياسي و القانوني لصياغة دستور يكون في مستوى تطلعات الشعب الجزائري" مشيرا إلى ضرورة إشراك المجلس الشعبي الوطني لمختلف شرائح المجتمع في جلسات الحوار بهدف تأمين " قاعدة شعبية واسعة". و أعرب المتدخل عن أمله في أن يتم في إطار هذا التعديل دسترة" المجلس الوطني الإقتصادي و الإجتماعي لإدراجه ضمن المؤسسات الإستشارية المنصوص عليها في الدستور. من جانبه أوضح الدكتور سعيد مقدم ( أستاذ قانون) الأهداف المتوخاة من إجراء التعديل الدستوي و التي حصرها في " تكيف" مضمون الدستور مع المتطلبات المتجددة للمواطنين ملحا على دور هذا التعديل في دعم الإستقرار الوطني و إحداث توازن بين السلطات و تعزيز مبدأ " المواطنة". وتجدر الإشارة أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كان قد أعلن في خطاب للأمة يوم 15 أبريل 2011 عن جملة من الإجراءات تخص تعديل الدستور حيث أكد بأنه سيتم إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة و خبراء في القانون الدستوري تتولى تقديم إقتراحات بشأن مراجعة دستور البلاد. وأوضح أن هذه اللجنة ستعرض عليه إقتراحات يتولاها بالنظر قبل عرضها "بما يتلاءم مع مقومات مجتمعنا" على موافقة البرلمان أو للاقتراع عن طريق الإستفتاء. وأكد أنه يتعين إدخال "التعديلات اللازمة" على دستور البلاد من أجل "تتويج الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية". وأبرز رئيس الجمهورية أيضا أنه سيطلب من البرلمان إعادة صياغة جملة العدة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الممارسة الديمقراطية.