الذكور ينزعجون و الفتيات يقبلن على مضض تثير عادة انتظار الأولياء لأبنائهم الممتحنين أمام أبواب مراكز الامتحانات طيلة أيام الاختبارات ردود فعل مختلفة في أوساط الطلبة المعنيين، تتراوح بين استحسان و رفض لظاهرة ملفتة لا تكف عن التزايد من سنة إلى أخرى، و في مشهد يتكرّر مع كل الأطوار التعليمية دون استثناء. و في جولة بين عدد من مراكز الامتحانات بقسنطينة سألت النصر عددا من التلاميذ و كذا الأولياء الذين كانوا يترّقبون على أحر من الجمر خروج أبنائهم من أقسام الامتحانات، فكانت أجوبة و تعليقات أغلب الذكور ضد فكرة انتظار أوليائهم لهم صباحا و مساء، فيما اختلفت تصريحات الفتيات بين قبول و رفض. و بمصطلحات شبابية قال طلبة / شعبة رياضيات تقنية/ كانوا متجمعين أمام ثانوية الأختين سعدان و بصوت كاد يكون واحدا "ما نقبلوش السمير" أي سلوكات غريبة في نظرهم و تقلّل من قيمتهم. و استطرد عبد المنيب 18سنة "أوصيت والداي بعدم إحراجي و مرافقتي كالأطفال الصغار لأن ذلك يوترني أكثر". و قال زميله ميسر 19سنة بأنه تمكن أخيرا من التخلّص من عادة مرافقة والدته له في كل الامتحانات، و علّق ضاحكا"وصل الأمر بي إلى حد التهديد بمقاطعة الامتحانات إن هي أصرّت على نقلي كالعادة و انتظاري يوميا أمام المركز". و أضاف آسرا بأنه مل تعليقات زملائه كلما أخبرهم بأنه لن يرافقهم في العودة إلى البيت لأن والدته ستفعل ذلك. و ذكر الطالب هيثم بوراس/ شعبة علوم طبيعية/ بأنه تعوّد على مرافقة والديه له في كل الامتحانات حتى العادية منها، و لا يجد حرجا في ذلك، طالما أنهما لا يزعجانه بالأسئلة و الملاحظات التي قد تزيد من توتره. و هنا يتدخل زميله سامي عجالي و يعلّق ساخرا" أنا مع الفكرة عند انتهاء الفترة الصباحية و ضدها في الفترة المسائية" موضحا بأن حضور والدته أو والده لانتظاره بعد انتهاء امتحان الفترة الصباحية يسعده، لأنهما يدللانه كثيرا من حيث تنويع الغذاء له داخل المطاعم التي قال أنه لا يدخلها إلا في العطلة خارج الولاية(يضحك). و إذا كان الذكور ينزعجون من الظاهرة فإن العديد من الفتيات يعتبرنها ضرورية لما يجدن فيها من دعم و رفع للمعنويات كما ذكرت بعض الطالبات اجتزنا امتحان شهادة البكالوريا بثانوية يوغورطة أين وقفت مجموعة من النساء، بدا عليهن القلق بعد الصعوبة التي واجهها أبناءهم مع مادة الرياضيات، و أكدت بعضهن بأنهن لم يتمكن من البقاء بالبيوت و انتظار عودتهم، و فضلن القدوم و انتظارهم أمام مركز الامتحان خوفا عليهم و للتخفيف عنهم في حال وجدوا صعوبة في حل أسئلة مادة الإنجليزية، حيث أسرت إحدى الأمهات التي لم تنجح في إخفاء توترها لشدته، بأنها بكت كثيرا بعد سماع خبر صعوبة أسئلة الرياضيات و لم تنتبه لنفسها إلا و هي أمام الثانوية يوغورطة في انتظار ابنتها رميلة. و كان عدد الأمهات أمام مراكز الامتحانات أكبر بكثير من عدد الآباء ظاهريا، لكن بعد خروج الطلبة تبيّن أن أغلب الآباء لم ينزلوا من سياراتهم المركونة في كل الاتجاهات، و إن كان بعضهم برّر سبب حضورهم برغبتهم في تجنيب الأبناء تعب المواصلات، لمنحهم ظروف الراحة تامة مثلما قال والد نهاد /شعبة تسيير و اقتصاد/الذي كان يتصّفح الجريدة داخل سيارته المركونة أمام متوسطة خديجة أم المؤمنين، أين قالت إحدى الأمهات و هي تتحدث عن الضغط الذي تعيشه العديد من الأسر الجزائرية هذه الأيام، معلّقة "نسبة الأدرينالين عندي بلغت أعلى مستوياتها"إشارة إلى حالة القلق و التوتر التي تمر بها كغيرها من الأمهات، و استرسلت ضاحكة بأن ابنها المقبل على امتحان البيام حذرها من القيام بنفس التصرّف معه، لأنه يفضل الذهاب مع زملائه و العودة معهم. و اعتبرت المختصة النفسانية نور الهدى خرشي /مركز المتابعة النفسية المدرسية /بأن مساندة الآباء لأبنائهم الممتحنين بالشيء الإيجابي إذا لم يتعد حدود التشجيع عن بعد و ليس ممارسة الضغط عليهم و نقل خوفهم و قلقهم إلى الأبناء الممتحنين، و خاصة الأمهات اللائي يعجزن في التحكم في دموعهن أو يفقدن شهية الأكل و يقفن لساعات أمام مراكز الامتحانات و كأن مصير الابن يتوّقف عند شهادة البكالوريا كما قالت. مريم/ب