"العرضة" دعوة من نوع خاص للموت و التخلي عن الحكم قدم مسرح قسنطينة مساء أمس الأول العرض الشرفي لمسرحية "العرضة" للمخرج الشاب فوزي بن إبراهيم و اقتباس محمد الطيّب دهيمي، في حضور عدد من المسرحيين المحترفين و النقاد. و لم تكن "العرضة" التي تعني الدعوة، دعوة من نوع خاص، لأنها لم تكن دعوة للفرح و إنما للموت، و الخروج عن الزمن الذي يقف حاجزا أمام تحقيق الطموحات الكبيرة و المستحيلة. المسرحية المقتبسة من نص "الملك يموت" ليوجين يونيسكو حملت الكثير من الإسقاطات السياسية و بالأخص التمسك بالكرسي و صعوبة التنازل عنه، لدرجة اختيار الموت بدل التخلي عنه. و تنوعت المسرحية بين التراجيديا، و الكوميديا، تخللته بعض الفكاهة التي كان يقحمها الملك اليائس باستعمال عبارات مقززة مثل "حاب نتقيأ" ، "حاب نخمج" و غيرها من الكلمات التي أضحكت الكثيرين و أتعبت سمع البعض ممن رأوا بأنه كان بالإمكان تهذيبها لأهمية النص المعالج بطريقة فلسفية لشعور الخوف من الوحدة و الموت، حيث يقول الطيب دهيمي في تلخيص لنصه المقتبس بأن" الموت ذلك النفس الخافت، الصامت الذي نخشاه و يجعلنا كعقارب ساعة تتذبذب كلما فقدنا وعي الوقت"،في إشارة إلى رغبة الحكام في الخلود لأجل الإبقاء على النفوذ. و عن الصراع ذاته يقول المخرج الشاب و هو يضع أول حجر بمشواره الفني في مجال الإخراج المسرحي"عندما نصارع لأجل الأفضل و نبلغ القمة...لكن النهاية، تكون مع نهاية الحلم و الإدراك بأن كل ذلك مجرّد غفوة". و مثل المقولة الشهيرة ليوجين يونيسكو"إلى كل من مات قبلنا"،حاول الممثلون الشباب حمامص أحمد (دور الملك)و سامية طبوش(دور خليفة الملكة) و بوالمدايس شاكر (دور الواقف) تقديم صورة مصغرة عما يحدث اليوم في العالم العربي من صراع لأجل الكرسي، بسينوغرافيا اقتصرت على عناصر مشهدية و ديكور بسيط قال الطيب دهيمي أن محتوى النص فرض بساطة الديكور و الذي اعتمد بالدرجة الأولى على الثلج لإبراز مدى الجمود و الغربة التي يمر بها الحاكم بعد فقدانه زمام الحكم، جرّاء الخيانة التي تعرّض إليها حتى من أقرب الناس إليه والدته و زوجته. و للإشارة السينوغرافيا كانت من إبداع الشاب نون موسى، أما الكوريغرافيا فكانت من إمضاء عيسى شواط و الموسيقى من تأليف حسان لعمامرة. و بعد نهاية العرض قال الطيب دهيمي للنصر بأن "العرضة" التي كانت من تجسيد مجموعة شباب، هي محاولة لتشبيب المسرح من خلال تكوين طاقات جديدة.