أفتخر بكوني لم أفطر يوما طيلة سنوات الاحتراف العشرة رغم الضغوطات بزاز اللاعب والإنسان الهادئ و الخلوق يكشف في هذا الحوار كيف يقضي أيامه ولياليه في شهر رمضان الذي بدأ يصومه في سن التاسعة وكيف أنه لا يفرط في صلاة التراويح وطبقه المفضل وكيفية توفيقه بين التدريبات والصيام وأمور كثيرة تكتشفونها عبر ردوده العفوية والصريحة. -كيف يقضي بزاز أيام الشهر الفضيل؟ طبيعة عملي تجعل من شهر رمضان بالنسبة لي مختلف عن باقي الأشخاص الآخرين، أي بمعنى أنني أعيش حالتين مختلفتين خلال هذا الشهر الفضيل، لما أكون منشغلا بالتحضيرات رفقة فريقي شباب قسنطينة ولما أكون متواجدا بالقرارم رفقة عائلتي. -كلمنا عن أجواء شهررمضان مع العائلة؟ لما أكون متواجدا وسط العائلة خلال أيام الشهر الفضيل أكون في قمة السعادة على اعتبار أن الصيام مع الأحباب له طعم خاص، فأنا استيقظ حينها في حدود الساعة العاشرة كل يوم، وهذا من أجل التنقل إلى السوق وشراء كل ما لذّ وطاب، لا سيما وأنني أريد أن تكون المائدة مزينة بمختلف الأطباق، على أن أعود بعد ذلك مباشرة إلى المنزل من أجل الاستسلام للقيلولة. -وماذا عن رمضان وأنت منشغل بالتحضيرات مع فريقك شباب قسنطينة؟ رغم أن الأجواء داخل معسكرات شباب قسنطينة دوما تكون مميزة على اعتبار العلاقات الأخوية التي تجمعنا، إلا أن الحقيقة تقال رمضان مع العائلة لا يوجد له مثيل، صدقني لما أكون متواجدا مع فريقي أنسى في كثير من الأحيان بأنني في الشهر الفضيل على اعتبار أننا نكون منشغلين كثيرا بالتحضيرات، لا سيما وأنها جد شاقة بالنظر إلى أنه تخص مرحلة قبل انطلاق البطولة والتي تستوجب منا عملا كثيرا، ولهذا أكون جد مرهقا ولا أستيقظ باكرا على عكس حالتي لما أكون رفقة العائلة، حيث أنهض في حدود الساعة الواحدة لأصلي وأعود بعد ذلك مباشرة إلى النوم من أجل الاستيقاظ في فورمة كبيرة بما أننا نكون على موعد مع حصة تدريبية شاقة قبل أذان المغرب. -كيف تكون التدريبات خلال شهر الصيام، خصوصا في فصل الصيف ودرجات الحرارة جد مرتفعة؟ ماذا تريدني أن أقول لك والله صيام شهر رمضان أمر جد صعب خلال التربصات التحضيرية، خصوصا وأنك تتدرب وسط درجات حرارة جد مرتفعة، على اعتبار أنك تكون مطالبا ببذل مجهودات كبيرة خلال الحصص التدريبية، لا سيما وأنها تعتبر جد هامة بالنسبة للاعب كرة القدم بالنظر إلى أنها تخص المرحلة التحضيرية الأهم والتي تسبق انطلاق المنافسة الرسمية، حيث تفقد الكثير من الطاقة ما يجعلك تبحث عن المياه فقط خلال مائدة الإفطار، لهذا أقول لكم بأنني أفتقد كثيرا لصيام الشهر الفضيل مع العائلة. -هل أنت نشط أم كسول خلال هذا الشهر؟ رغم أنني لست من هواة النوم كثيرا، إلا أنني أقضي وقتا طويلا في الفراش خلال أيام الشهر الفضيل، لا سيما لما أكون متواجدا رفقة فريقي شباب قسنطينة لخوض إحدى المعسكرات، أنا أصبح بين ليلة وضحاها إنسان كسول خلال شهر رمضان، حيث لا أحبذ التحرك كثيرا وأفضل الحفاظ على كامل طاقتي للأمسية على اعتبار أنني أكون معنيا بحصة تدريبية جد شاقة يوميا، كما أريد أن أقول شيء مهم وهو أنني وعلى الرغم من أنني أصبح إنسان كسول في رمضان، إلا أن ذلك لا يؤثر على تحضيراتي أبدا، حيث لا أتلاعب إطلاقا بهذا الأمر، خصوصا وأنه جد مهم بالنسبة لي لأنه يتعلق بعملي لا أكثر ولا أقل. -هل بزاز من النوع الذي يتشاجر في رمضان؟ أنا بطبعي إنسان خلوق جدا والجميع يعرف بأنني لا أحبذ إدخال نفسي في المشاكل سواء في رمضان أو خارجه، فحتى لو أتعرض للاستفزاز من أحد الأشخاص فأنا مستعد للسماح في حقي من أجل عدم الدخول في شجار مع أيّ كان، فكما يقال المسامح كريم، وهو الأمر الذي جعلني أحظى باحترام كبير سواء من قبل زملائي اللاعبين أو حتى الأشخاص الذين أعرفهم خارج مجال كرة القدم، كما أريد أن أقول شيء أنا اعتبر قائد السنافر ولا يحق لي بأي شكل من الأشكال أن أعطي صورة سيئة عن الفريق الذي أدافع عن ألوانه. -هادئ أم قلق؟ أنا هادئ جدا إلى درجة أثارت استغراب الكثير من زملائي في كرة القدم، فحتى لو أتعرض للمضايقات وكم هي كثيرة في عالم الساحرة المستديرة، إلا أن شعار المسامح كريم دوما في الخدمة معي، صحيح أنني جد كسول في رمضان ويغلبني كما يقال في الكثير من الأحيان، حيث لا أتمكن من مقاومة الجوع وكذا العطش، لا سيما خلال التحضيرات، إلا أنني لم أتنرفز يوما ولم أدخل في شجار مع أي كان لأن تربتي وطبعي لا يسمحان لي بذلك. -هل تؤدي صلاة التراويح أم لا؟ بطبيعة الحال أنا من المواظبين على صلاة التراويح، لا سيما عندما يسمح لي وقتي بذلك، صدقني لما أكون حرا من أي التزام مع فريقي شباب قسنطينة أفضل أن أؤدي هذه السنة المؤكدة في المسجد على اعتبار أن نفحات التعبد تكون أكبر، أما لما أكون متواجدا في التربصات فأنا أصليها مع زملائي، وهو الأمر الذي حدث خلال تربص حمام بورقيبة الأول، أين صلى بنا زميلنا محمد طيايبة وهو مأجور على ذلك، خصوصا وأنه لا يمكننا بأي شكل من الأشكال تفريط في الكم الكبير من الحسنات رغم التعب الذي نشعر به جراء العمل البدني الكبير الذي نقوم به. -كم كان عمرك عندما بدأت الصيام لأول مرة؟ أتذكر أنه كان عمري تسع سنوات لما صمت لأول مرة، لقد صمت أيام كثيرة إلى غاية سن الثالثة عشرة والتي تمكنت خلالها من صيام الشهر بأكمله، لقد شعرت بلذة هذه العبادة منذ الصغر وزادت لذتها أكثر لما كبرت وأصبحت أتنقل مع الوالد إلى المسجد لأداء صلاة التراويح. -هل أفطرت يوما عمدا؟ أفتخر كوني من اللاعبين العرب والمسلمين القلائل الذين لم ينتهكوا حرمة الشهر الفضيل طيلة مشواري الاحترافي، صدقني لم أفطر يوما طيلة 10 سنوات احتراف قضيتها في أوروبا بين العديد من النوادي الفرنسية، فما بالك أن أفطر عمدا، لا يمكنني أن أتصور نفسي أفعل مثل هذه الجريمة، فرغم الضغوطات الكبيرة التي عشتها أيام احترافي في الدوري الفرنسي، إلا أنه لم يتمكن أي مدرب من زعزعة قناعاتي بخصوص انتهاك حرمة الشهر الفضيل، لقد عانيت كثيرا خلال أيام رمضان، فلقد كان المدربون الذين أشرفوا عليّ في مختلف الفرق التي مررت عليها على غرار تروا وأجاكسيو وستراسبورغ يطلبون مني الإفطار بحجة أنه من المستحيل اللعب والمشاركة وأنا لم أتناول شيء طيلة يوم كامل، إلا أنني لم أستسلم يوما وبقيت متمسكا بقناعاتي ولم أفطر ولو يوما واحدا، وهو الأمر الذي كان يكلفني مكانتي الأساسية. -هل تتذكر مشكلا حدث لك في فرنسا بسبب الصيام؟ لن أنسى مشاكلي الكثيرة خلال شهر رمضان لما كنت محترفا في الدوري الفرنسي، خصوصا مع المدرب كومبواري الذي كان يشرف عليّ في نادي أجاكسيو، لقد عمل المستحيل من أجل إجباري على الإفطار خلال شهر رمضان ولكنني لم أستسلم له يوما وبقيت متمسكا بصيام رمضان، وهو الأمر الذي جعلني بعيدا للمنافسة طيلة شهر كامل رغم أنني كنت من بين أحسن العناصر في أجاكسيو وكنت بمثابة المدلل الأول لأنصار هذا الفريق. -هل صحيح أن الصيام يؤثر على لاعب كرة القدم ويجعله يفقد الكثير من إمكاناته؟ مخطئ من يعتقد بأن الصيام يؤثر على مردود لاعب كرة القدم والأدلة كثيرة... أنظروا ما ذا يفعل زميلي في المنتخب سوداني مع فريقه الجديد دينامو زغرب خلال أيام الشهر الفضيل، فرغم أنه شارك صائما خلال المباراة الأولى له، إلا أنه تمكن من تسجيل هدف رائع واختير رجل المواجهة دون منازع، وهو ما يؤكد بان الصيام لا يؤثر على لاعب كرة القدم بل أعتقد بأنه يمنحه قوة أكبرن وهذا سر رباني لا يعلمه إلا الخالق عزّ وجل، فأنا أتذكر بأنني قدمت أحسن مباراة لي لحد الآن خلال شهر رمضان وكان ذلك مع المنتخب الوطني، لقد قدمت مباراة كبيرة جدا ضد المنتخب السنغالي، أين سجلت هدفا وكنت وراء هداف آخر سمح لنا بالتأهل إلى الدور الأخير الذي تمكنا من خلاله من التأهل لمونديال البرازيل بعد 25 سنة من الغياب. -ما طبقك المفضل في شهر رمضان؟ طبقي المفضل في شهر رمضان هو الطبق المفضل لغالبية سكان شرق البلاد الشربة بالفريك، لا سيما تلك التي تعدها والدتي العزيزة، دون نسيان شربة زوجتي بطبيعة الحال التي تعتبر لذيذة هي الأخرى...يضحك، بالإضافة إلى "البوراك" والكفتة وقلب اللوز التي تعتبر من بين الأشياء التي أنا مدمن عليها، حيث أحرص على أن تكون موجودة على مائدتنا طيلة أيام الشهر الفضيل. -ما هو برنامجك المفضل؟ لست من متتبعي البرامج التلفزيونية، لكنني أصبحت بين عشية وضحاها من المدمنين على المسلسل الفكاهي التونسي "نسيبتي لعزيزة"، والسبب زميلي في الفريق عنتر بوشريط، والذي نصحني بمتابعة أجزائه الثلاث، وبعد أن أصبحت مدمنا عليه، تأكدت بأنه مسلسل كوميدي "يقتل بالضحك"، ولم أندم على اتباع نصيحة زميلي بوشريط. -هل سبق أن أديت مناسك العمرة؟ لا لم يسبق لي وأن أديت مناسك العمرة من قبل على اعتبار أنني منشغل دوما بالتزاماتي مع الفرق التي أدافع عن ألوانها، إلا أنني أفكر بجدية في زيارة بيت الله الحرام مباشرة بعد اعتزالي كرة القدم، حيث سأحاول أن آخذ معي والدتي وزوجتي رغم أنني سبق لي وأن أرسلت والدتي العزيزة. -لمن تدعي في رمضان؟ أدعي لليتامى والمرضى والمساكين وكذا لأبنائي كي يوفقهم الله ويتمكنوا من النجاح في مستقبلهم، خصوصا وأن الحياة أصبحت صعبة في وقتنا الحالي. -صح فطورك بزاز؟ صح فطور كل الشعب الجزائري وصح رمضانكم ورمضان أنصار شباب قسنطينة الذين اشكرهم شكر خاص لما يقدمونه من صورة جميلة عن ناديهم، حيث برهنوا بأنهم الأجمل والأحسن والأروع.