يقول أمبرتو إيكو عن القارئ الذي يعيش داخل الرواية إنه الاتفاع الثالث للعمل الأدبي بعد الكاتب و شخوصه. لكن البساطة البعيدة عن التأويل الفلسفي تقول أن الناشر هو الارتفاع الثالث, بعد الكاتب و شحوصه .. فكيف هي هذه الشخصية الهامة التي تربط العمل الإبداعي بارتفاعاته الحقيقية ؟ هل صار الناشر صديق الكاتب وفاء لمسيرة مشتركة, أم أنه لا يرقى لذلك إذ تتخلص مهمته في جانب تقني يتحدد في الطباعة و التوزيع .. دار مكتبة مدبولي المصرية مثلا .. كان صاحبها بائع كتب في الطريق العام و لا يعرف حتى كتابة اسمه. من جانب آخر يشتغل الناشر على حاله في وقتنا الحالي, و يعتلي السلطة التي تشتري العمل الأدبي, عدد كبير من دور النشر تتبع رجيم خاص, الناشر غالبا ما يكون كاتبا سابقا تعتر أو لنقل توقف لأسباب ما .. و بالتالي نحن أمام ناشر بامتيازات خاصة, ناشر يتذوق و يختار عمله بعناية أدبية كبيرة. كذلك يمكن أن يكون الناشر مترجما .. فالترجمة غالبا ماتكون بداية فعلية لعالم النشر, لا سيما في المشرق .. و عليه كيف هي علاقة الناشر بالكاتب في الجزائر ؟ الناشر الأول الذي كان عبارة عن مؤسسة تابعة لمجموعة مطابع الحزب, ثم الثاني الذي تدرج إلى صناديق الدعم, و أخيرا الناشر الذي تتوسط له الكوطة السنوية في تسوية المتاعب المالية. لحبيب السايح : غياب كتاب حقيقيين غيّب ثقافة النشر في اعتقادي لم تتأسس بعد في الجزائر ما يمكن أن نسميه ثقافة نشر، في غياب تشكل طبقة كتاب حقيقية لا يمكن الحديث عن علاقة احترافية بين الكتاب والناشر. لا يحدث بين الكاتب وبين الناشر في عملية تنازل الأول عن منتوجه للثاني مقابل عقد نشر هو مجرد مجازفة. فالكاتب، رغم نص العقد مثلاً، على سحب عدد محدد من النسخ لا يستطيع أن يراقب مدى احترام الناشر لذلك، كما لا يعرف بالضبط عدد النسخ التي بيعت ومن ثمة ليقبض حقه. مقابل ذلك فإن الناشر يغامر فعلا بنشر عمل الكاتب"رواية خاصة، نقداً، دراسة"، نظراً إلى تدهور حال المقروئية، فكلا الطرفين إذاً مرتهن إلى واقع نشر وتوزيع متذبذب ومختل التوازن على جميع المستويات. غير أنه لابد من الإشارة إلى أن علاقة الكاتب بالناشر تحكمها أيضا القدرة التفاوضية بهذا الكاتب أو ذاك مع ناشره على تركيب كيفيات الاستفادة من حقوقه ومن الالتزام ببنود العقد، يحدث هذا عادة مع الكتاب المكرسين. تجربتي الخاصة مع السيد أحمد ماضي، مدير دار الحكمة، برهنت إلى حدّ الآن على عمق الثقة بيني وبينه وعلى مدى التفاهم والتجاوب والتعاون في تصور وإخراج رواياتي من حيث الغلاف والقطع والخط والورق، وأحيانا من حيث تحديد سقف ثمن بيع النسخة العمومي. لا بد لي أن أذكر في السياق أني استلمت دائما حقوقي من دار الحكمة بصيغة التراضي، وذلك بمجرد صدور عملي، وهو سلوك طيب جداً يتميز به السيد أحمد ماضي مع مؤلفين آخرين غيري ينشر لهم. كمال قرور: نحن في مرحلة النشر العشوائي غير المدروس العلاقة بين الكاتب والناشر في الجزائر مازالت بعيدة عن الإطار الذي يفترض لها أن تحتله، لذلك العلاقة بينهما اليوم ليست اختيارية بل هي جبرية أو اعتباطية أو محل شبهة. عندما يجد الكاتب ناشرا يقتنع بما يكتب ويتبناه ويتعاقد معه على نشر كتبه التي تتماشى ومشروع دار نشره، فيقوم بالترويج والتسوق له ويكون الكاتب ملتزما وجادا لتحقيق خطة الناشر ورسالته في الوقت نفسه، تكون العلاقة بينهما جادة ومثمرة في الواقع.. بصراحة ليس لدي علاقة بدور النشر ما دمت في مرحلة النشر العشوائي غير المدروس.. فالظروف هي التي تفرض علي أين أنشر وليس يختار الكاتب ناشره بمعنى الأفضلية. الإستراتيجية التي أتحدث عنها مازالت غائبة للأسف رغم أني أعيها جيدا من أجل نجاحي وتكريس اسمي في المشهد الثقافي.. ومع ذلك كانت تجربتي مع دار فيسيرا أقل ألما وحسرة وندما، لكني لست راضيا كل الرضا.. هناك خيبات أصابتني رغم أن الصديق توفيق ومان بذل كل ما في وسعه. لذلك أنا بصدد البحث عن ناشر جديد. أحسن تليلاني: الناشر مسؤول عن تغيب كاتب الجزائر العميقة.. مسألة الرضا عن الناشر - في تصوري - مرتبطة بوفاء الناشر بالتزاماته تجاه الكاتب، ومن بين هذه الالتزامات الحقوق المادية المترتبة عن نشر الكتاب، بالإضافة إلى مدى قدرة هذا الناشر على التعريف بالكتاب المطبوع، وإيصاله إلى القارئ في شكل جيد. أعتقد أننا في الجزائر أصبحنا نملك مطابع كثيرة ذات نوعية جيدة، لكننا للأسف مازلنا نعاني من غياب إستراتيجية ناجعة بخصوص النشر والتوزيع، مثلا على صعيد شخصي، في رصيدي اليوم عشرة كتب مطبوعة تشمل الإبداع المسرحي والنقد والترجمة وأدب الأطفال، غير أن كتبي وإن حققت لي مردودا ماليا مقبولا، فإنها بالمقابل لم تحقق لي مقروئية واسعة، ذلك لأن الناشرين يكتفون بطباعة تلك الكتب دون متابعة توزيعها على مكتبات الوطن ودون الحرص على إيصالها للقراء في كل مكان. ما أتأسف له وجود ما يسمى عندنا بنقابة الناشرين، التي لم تعطنا نحن كتاب الجزائر العميقة فرصة الحضور والمشاركة في معارض الكتاب الوطنية والدولية، وكأن تلك الدعوات تخضع لعوامل أخرى غير بريئة. أمينة شيخ: تجربة العشرين سنة ليست ناضجة.. علاقاتي مع أبيك جيدة، لأن مديرها ناشر محترم يتعامل باحترافية، أمضيت العقد قبل نشر روايتي "أسفل الحب" وتحصلت على حقوقي كاملة لأن نشرها كان ضمن صندوق دعم الإبداع، لكن المؤسف في الجزائر عموما هو أن الناشر لا يتحمل عناء الإشهار للكاتب، وفي الغالب الكاتب هو الذي يتولى دور الترويج لكتابه، رغم أن هذا لا يدخل ضمن اختصاصاته. بعض الناشرين لا يقدمون فرصة الإصدار الأول للشبان وينكبون على الطبع المتواصل للأسماء المرسخة. لذا الناشر الجزائري يعتقد أن دوره ينتهي عند حدود الطباعة التقنية ولا يلتفت لصناعة الصورة الإعلامية للكاتب ولا للكتاب. وبالتالي لابد علينا أن ننتظر طويلاً حتى تنضج تجربة النشر في الجزائر التي لا يتجاوز عمرها العشرين سنة، وان نتعاون مع الناشر للوصول إلى حد ما من الاحترافية، فالمفاهيم عندنا لم تتبلور بعد ولا يعرف كل من الكاتب والناشر حدوده. عمر أزراج: الكتاب والنّاشرون في الجزائر والركود الثقافي أرى منذ البداية أنّ الكتاب في الجزائر لا يرقى إلى مرتبة الصناعة الراقية، كما أنّ قطاع النشر يتميز بالتخلف، والسطحية، والارتجال، ومحكوم بالهاجس التجاري البعيد كل البعد عن الأهداف المعرفية الجادة والمخطط لها سلفا. إذا فحصنا عناوين الكتب التي تطبع فإننا نلاحظ بأنها محصورة عموما في الأدب من شعر، وقصة ورواية، ونقد، وفي الكتب الدراسية التي ينجزها أساتذة ومدرسون لفائدة قطاع المنظومة التعليمية بمختلف مستوياتها، وفي مجالات التاريخ، وخاصة تاريخ الحركة التحريرية الوطنية الجزائرية، فضلاً عن مؤلفات تبسيطية وضحلة جدًّا في علم الاجتماع، والاقتصاد، والفلسفة وهي كلها، في الغالب، يطغى عليها التوجه المدرسي التعليمي الفضفاض والذي يبتعد عن روح الحداثة ومواكبة مستجدات التطور العملاق في كل حقول المعرفة الحديثة والمعاصرة في العالم. إلى جانب ما تقدم فإنه ينبغي الآن تحليل واقع كل من الكتاب، والطبع والنشر على حده وبعجالة كالتالي: 1- إن قطاع النشر العام والخاص في الجزائر تقليدي ولا يملك مشروعا معرفيا وصناعيا بل هو أقرب إلى البدائية و"البزنسة"، وهو شبيه بباعة سوق الحراش. 2- إن معظم أصحاب دور النشر التابعين للقطاع الخاص يفتقدون إلى التكوين الفني، وإلى المهنية، ولا علاقة لهم بشكل عام بالمعرفة والثقافة وتكنولوجيا صناعة وتوزيع وإشهار الكتاب وطنيا، وإقليميا، ودوليا.إنه يمكن استثناء كمشة من دور النش الجزائرية ولكنها لا تشكل ظاهرة مستقرة متميزة رغم المحاولات التي تبذلها والتي تصطدم دائما وفي الغالب بضعف رأسمالها المالي، وبانعدام امتلاكها للمطابع المتقدمة والمتطورة، وللأسطول القادر على ضمان إيصال المطبوعات إلى القراء، ويلاحظ أيضا أن معظم دور النشر التي أنشئت بسرعة"عند تشكيل وزارة الثقافة لما يسمّى بلجنة الكتاب، ومنذ اعتماد الجزائر عاصمة للثقافة العربية"، انحصرت غايتها في المشاركة في السباق المحموم نحو تقسيم كعكة الغلاف المالي المخصص للطبع ونشر الكتب علما أن نسبة ثمانين بالمائة من هذه الكتب قديمة أعيد طبعها مراراً، وتوصف بأنها تقليدية وبعيدة كل البعد عن إضافة معالم معرفية وفكرية وأدبية وعلمية جديدة، فضلا عن كونها ذات طابع فولكلوري، أو تراثي محلي من الواضح أن الخاسر الأكبر في عمليات الطبع والنشر في الجزائر هم المؤلفون الذين تقدم لهم نسبة 10٪، في حين توزيع نسبة 90٪، من سعر الكتاب على صاحب المطبعة والناشر.وهكذا صارت وزارة الثقافة في خدمة الوسطاء وليس المؤلفين الذين هم أصحاب الحقّ، والأولى بالدّعم والمكافأة. 3- لا تملك دور النشر الخاصة استراتيجية تأسيس العلاقة مع المؤلفين والمترجمين سواء داخل الوسط الأدبي والفني، أو بداخل الوسط الأكاديمي، أو الوسط المهني للعمل معا على التأليف والترجمة في شتى حقول المعرفة ووفق عقود محمية بالقانون، ومخطط جاد ومستمر قصد تغطية حاجيات قاعدة القراء، مع ربط عملية التأليف والترجمة بالتنمية الوطنية بشريا واقتصاديا، وصناعيا، وتربويا، ومهنيا. 4- وبخصوص الكتاب الأكاديمي الذي ينتجه الأكاديميون الجزائريون من أساتذة وباحثين فيتميز بأنه قليل العدد، حيث أن معظم الأطروحات الجامعية الجيدة في شتى المجالات لا تطبع ولا توزع، بل فإنها تهمل نهائيا ويرمى بها في كهوف النسيان الأبدي. وفضلا عن ذلك فإن الجامعات الجزائرية عبر الولايات لا تملك المطابع الخاصة بها، حيث أن ديوان المطبوعات الجامعية اليتيم عاجز عن مواكبة البحث العلمي وما ينتج من دراسات وأبحاث في الجامعات الجزائرية أو في العالم معا. 5- وفيما يتعلق بمطبوعات ومنشورات دور الثقافة، والجمعيات، أو المجلس العليا التابعة للرئاسة فإنها تتميز بالضعف في المحتوى والشكل، ولا توزع التوزيع المطلوب، الزمر الذي يجعلها حبيست الأدراج في مقرات هذهالمؤسسات شبه العاطلة عن العمل. 6- على أية حال فان واقع الكتاب والطبع والتوزيع في الجزائر متخلف، ويلعب دورا محوريا في فرض الانحطاط على مجتمعنا مع الأسف الشديد. أمين الزاوي: الناشر هو اليد الثالثة في العزف على البيانو لقد أصبح سور النشر قصيرا يسمح لكل من هب ودب القفز عليه، وتلك حالة عامة جزائريا وعربيا، فباستثناء بعض دور عربية محترمة وعريقة يمكن عدها على الأصابع أما البقية فتمارس "الطباعة الرديئة" وليس النشر بمفهومه الحضاري، قد أصبحت لهذه الدور المتسللة فرصة سانحة لترويج بضاعتها الفاسدة وهي مواعيد المعارض الدولية للكتاب التي اتخذت منها طريقا لبيع "منشوراتها" بطريقة "التبضيع" وب"الكيلو" مرات كثيرة. باعتباري روائيا يكتب باللغتين العربية والفرنسية ومن خلال تجربتي مع الناشر الجزائري والعربي والأجنبي فإن هذه التجربة هي تجربة كاتب مع عالمين متباعدين في النشر والثقافة والسلوك والمرجعيات. علاقتي مثلا بناشري الجزائري دار البرزخ والتي نشرت لي روايتين بالفرنسية هما: "وليمة أكاذيب" و"غرفة العذراء المدنسة"، هي علاقة متميزة، فعلى مستوى صناعة الكتاب أنا راض على الصورة التي يتم عليها إخراج الرواية، وأنا متفائل أيضا للمجهود الكبير الذي يقومان به من أجل توصيل الرواية إلى القارئ، أما على مستوى الحقوق فإن هناك تعاملا احترافيا يمر عبر وكيلي الأدبي الموجود بباريس، هو الذي يتولى مناقشة العقود مع الناشر الجزائري حيث أن ما نشرته لي دار برزخ هو شراء حقوق الطبع من الدار الفرنسية "فايار" التي تتولى النشر الأولي، فحقوقي المادية مصونة ومحفوظة مع كل طبعة، أما تجربتي مع ناشري رواياتي بالعربية، وهي منشورات الاختلاف الجزائر، وهو نشر مشترك ما بينها والدار العربية للعلوم –ناشرون لبنان، وقد نشرت لي روايتين هما: "الرعشة" و"شارع إبليس"، أنني سعيد أن أنشر في منشورات الاختلاف المتميزة التي يتولاها الأديب الروائي المتميز بشير مفتي والمثقفة الدكتورة آسيا موساي لما لهذه الدار من حس نقدي واختيار سليم للكتب التي تنشرها والتي تنتمي إلى الفكر التنويري والتحديثي وتساهم في محاربة الظلامية الثقافية والفكرية التي تغرق سوق الكتاب بالعربية في بلادنا. إلا أن عليها أن تدخل ميدان الاحترافية، وأن تعيد النظر في طريقة سيرها لتٌلاقي ما بين الفكري والإبداعي من جهة والسوق-الاقتصاد من جهة أخرى، على هذه الدارالجزائرية الوحيدة التي نراهن عليها أن تتخلص من الارتجال وتدخل رهان معركة النشر بكل مفاهيمها الحضارية والتجارية والمنافسة الثقافية الإبداعية. أما علاقتي مع ناشري الفرنسي لقد مضى على تعاملي مع دور النشر الفرنسية أزيد من عشرية، أنا جد سعيد لما تقدمه دار فايار لرواياتي ولتجربتي في الكتابة أيضا، والناشر الجيد المحترف ذو السمعة الأدبية العالية هو الذي يوصل الرواية إلى لغات أخرى عبر الترجمة وهو بالفعل ما حصل لرواياتي التي نشرتها بالفرنسية إذ ترجمت إلى اثنتي عشرة لغة من الصينية مرورا بالسويدية والإيطالية والصريبة والتشيكية وغيرها وصولا إلى الإنجليزية. ربيعة جلطي: الثقة بين الناشر والكاتب رأسمال مشترك لأن عملية النشر بالنسبة لي لم تكن في يوم من الأيام هاجسا سابقا على هاجس الكتابة، لذلك ظلت دائما في المرتبة الثانية، كنت حريصة على أن أنجز أولا وقبل كل شيء نصا أكون راضية عليه، ولو نسبيا، أو على الأقل متصالحة معه فكريا وجماليا. لم أبحث عن ناشري، بل غالبية فرص اللقاء كانت دون سابق بحث، ودون سابق علاقة، وفي أغلب الأحيان الناشر هو الذي يطلب مني أو يقترح علي نشر عمل جديد أو إعادة نشر عمل سابق. علاقتي بالناشرين الذين تشرفت بنشر كتبي لديهم، تميزت ولا تزال بالاحترام والمودة الثقافية والأدبية المتبادلة بيننا. أشعر أن تنوع فضاءات النشر يسمح للكاتب أولا بتوصيل نصوصه إلى أكبر عدد ممكن من القراء في ظل ما تعرفه سياسة الكتاب العربي من حجز ومنع وتشديد ورقابة، وثانيها أيضا أن النشر المتعدد يقدم للكاتب صورة عن سقوف حرية التعبير في البلدان العربية. حين انتهيت من كتابة رواية الذروة مثلا هاتفت السيدة رنا إدريس، التي لم تكن تجمعني بها، قبل نشر الرواية، سوى علاقة عابرة جدا، فاقترحت علي إرسال المخطوطة بواسطة البريد الالكتروني، وهو ما حصل، وبعد فترة وجيزة استلمت تقريرا إيجابيا من لجنة القراءة، وقد تضمن التقرير أعجابا بنص الرواية بناء ولغة والإشادة بمضمونها الجريء، ومن خلال هذه التجربة الأولى مع دار الآداب اللبنانية سررت بطريقة العمل المنتهجة من قبل الدار والتي فيها كثير من تقاليد الاحتراف وعلى رأسها احترام الكاتب والجدية في التعامل مع الكِتاب ومع النصوص. لقد وجدت في دار الآداب الالتزام بكل ما هو معترف عليه في دور النشر الأجنبية العريقة والفرنسية على وجه الخصوص. إن طريقة التعامل الحضارية التي عوملت بها روايتي "الذروة" من قبل دار الآداب وأيضا تسويقها بشكل جيد في كل معارض الكتب العربية، وتواجدها أيضا في مكتبات البيع الهامة في الدول العربية وفي الخارج، وهو ما جعلها في طريق صدورها مترجمة إلى الفرنسية وتحويلها إلى مسلسل تليفزيوني ومسرحية، كل هذا يجعل الثقة مؤسسة بيني وبين القيمين على دار الآداب وعلى رأسهم السيدة رنا إدريس، وأتمنى أن يستمر التعاون بيننا في نصوصي القادمة. واسيني لعرج: أنا مدلل.. ولا مشكل لدي على الإطلاق في النشر في الحقيقة مند بداياتي لم أعاني من إشكال النشر، مع مرور الوقت والنجاحات تعودت على عدد من الناشرين.. دار الآداب ودار الجمل والدارالجزائرية الفضاء الحر، لذا مسألة التعود والوفاء هامة في هذا الأمر، لأن النشر المتكرر في دور معينة دون غيرها تعني أنك مرتاح من الناحية المادية وكذا المعنوية.. فهم في مصاف القارئ الأول.. ومع مرور الزمن صارت العلاقة أكثر من عملية نشر، كل هؤلاء أصدقائي.. وأنا مدلع في الحقوق وفي التوزيع أيضا. أحمد منور: الناشر هو انعكاس المجتمع، وعلى الدولة تنظيم هذا القطاع تعاملت مع العديد من الناشرين، ووجدت بينهم كل ما يوجد في المجتمع من الصور السلوكية: الجاهل، والجاحد، والدخيل على المهنة، والانتهازي، ومن لا ذمة له ولا عهد، ومنهم من يريد استغفالك واستغلالك، لكن وجدت منهم أيضا المثقف، والنزيه الذي يحترم الكاتب ويتعاون معه، ولا يهضم عنده حق، غير أن هؤلاء قلة قليلة، كالمعدن النادر. وأتأسف كثيرا على ما ضاع مني من الوقت وعلى ما هدرت من الجهد طوال سنوات، قبل أن أهتدي إلى هؤلاء الناشرين النزهاء. على العموم فإن قطاع النشر يعاني من فوضى عارمة، ويحتاج إلى تدخل الدولة من أجل تنظيمه وتنقيته من المتطفلين والدخلاء عليه.