برامج قديمة و تربصات منعدمة أثرت على نوعية الصحفيين يرى الأستاذ حميد بوشوشة نائب عميد كلية الإعلام و الاتصال و السمعي البصري بجامعة قسنطينة 3 ،أن محتوى برامج التكوين في الكلية لا يزال قديما و غير متناسب مع تطورات كبيرة عرفها الإعلام و الاتصال في الجزائر و في العالم، مبرزا طغيان الجانب النظري على الممارسة العملية بخلاف القليل من تقنيات التحرير و فنيات العمل الصحفي. ويؤكد الأستاذ بوشوشة أن الحاجة صارت ملحة للعودة إلى عملية الانتقاء التقليدية لدخول كلية الإعلام و قال أن الكثير من الطلبة تم توجيههم آليا لدراسة الصحافة في السابق من ضمن عشر اختيارات و لم يكن الكثيرون منهم متحمسين و لا راغبين فيها، على العكس من الوضع الحالي حيث أن 95 بالمئة تقريبا من طلاب الكلية قالوا أنهم اختاروا الصحافة كأفضلية أولى عند طلب توجيههم بعد الحصول على الباكالوريا. و هنا يشير الأستاذ الذي كان صحفيا بجريدة النصر أن تطورات الحقل الإعلامي سمحت ببروز اهتمام بالإعلام كمهنة، و يرى الحاملون الجدد للباكالوريا في عدد كبير من العناوين الصحفية، و في التلفزيونات الخاصة فرصة للحصول على منصب عمل بعد تخرجهم. بالنسبة للتكوين قال نائب عميد كلية الإعلام أن الجامعة في الوضع الراهن لا تكون صحفيين بل مجرد مشاريع صحفيين، يحتاج الذين يمتلكون منهم الموهبة و الاستعداد الفردي إلى وقت من الممارسة للتطور، كما أن الجامعة تقدم لطلبة الإعلام القواعد الأساسية فقط و هي لا تجعلهم صحفيين كاملين، و أوضح أن الجانب النظري من التكوين تجاوزه الزمن فاليوم صارت قواعد الكتابة الصحفية عالمية و لا حاجة للنظريات السابقة في أسلوب الكتابة، لأن المتلقي يحتاج خبرا كامل العناصر في كلمات قليلة. و رغم ذلك فالجزء الضئيل من العمل التطبيقي لا يزال في فرع الصحافة المكتوبة، لأن الجامعة تفتقر إلى وسائل و إمكانيات تسمح بالتطبيق في الإخراج الإذاعي و التلفزيوني مثلا، و هناك متخرجين لا يحسنون حمل كاميرا و لم تولي الجامعة اهتماما بالتجهيز على عكس ما هو موجود في المدرسة العليا للصحافة في المغرب الأقصى مثلا حيث توجد 50 كاميرا في متناول الطلبة و ليس لدى جامعة قسنطينة3 كاميرا واحدة يؤكد نائب العميد متأسفا. أما عن التربصات فهي قليلة بسبب قلة الوسائل و المؤسسات الإعلامية في قسنطينة، و قد كانت لجامعة منتوري بقسنطينة تجربة شراكة معتبرة مع جريدة النصر حسب المتحدث لكنها لم تعد كافية ،و بينما كانت التربصات في معهد جامعة الجزائر حتى نهاية الثمانينات تستغرق ستة أشهر تم تقليص فتراتها حاليا إلى 15 يوما و هو ما لا يسمح للطالب بالتأقلم مع المناخ الميداني العملي للإعلاميين. و يرى الأستاذ بوشوشة أن "تأثير هذه العوامل صار واضحا في نوعية و جودة الصحفيين المتخرجين حديثا، فقد كان الناس إلى وقت قريب في التسعينات ينتظرون صدور صحيفة معينة بسبب جودة الأقلام التي تكتب فيها أما اليوم فلا شيء من هذا يحدث و ليس لدينا في الجزائر صحافة رأي و أحيانا تجد مقالات متناقضة داخل الصحيفة نفسها، و هو ما يفسر عدم بروز أقلام صحفية بمثل الأسماء التي ظهرت في فترات سابقة". يشير محدثنا أن "بعض الجامعات الأمريكية و الشرق أوسطية فيها حاليا أقسام خاصة بأخلاقيات الصحافة و بجرائم الإعلام، لكننا لا نزال بعيدين عن تناول تلك القضايا غارقين في التنظير للفكر السياسي و هو ما لا يحتاجه طالب الإعلام". ويرى أن هناك "ضرورة لمراجعة البرامج و تكييفها مع التطورات و هناك حاليا نقاش حول تقادم جنح الصحافة و لا يزال الحديث مقتصرا على الصحافة المكتوبة التي تسقط جرائمها بمرور شهرين بينما جريمة الوسيلة الإعلامية الإلكترونية تحتاج إلى وقت أطول لتسقط ، نظرا لطول تقادمها، و هذا النقاش للأسف غائب تماما عن الجامعة الجزائرية و لدى الدارسين في مراحل ما بعد التدرج بكليات الإعلام بسبب غياب تشريعات الإعلام عن برامج التكوين". و يقترح الأستاذ بوشوشة العودة إلى أسلوب الانتقاء التقليدي للطلبة الراغبين في دراسة الصحافة بإعتبارها من المهن المُؤَمنًةُ، و لا يكفي الحصول على معدل مرتفع في الباكالوريا ليكون الطالب صحفيا، و التأكد من إمتلاكه إستعدادا ذهنيا و فيزيولوجيا ليصير رجل إعلام. ع.شابي