مطلقة تقيم مع أبنائها الأربعة داخل سيارة لنقل البضائع بالبليدة لم تجد الأم المطلقة ليلى مكتفي بمدينة البليدة من مأوى سوى سيارة خاصة بنقل البضائع للمبيت فيها مع أبنائها الأربعة منذ حوالي ثلاثة أسابيع، و ذلك بعد انتهاء الفترة المحددة لإقامتها بمسكن كانت قد استأجرته بحي 200 مسكن بوسط المدينة. الأم المسكية قالت للنصر بأنها لم تتمكن من دفع الإيجار وصاحب السكن أمهلها 15 يوما لتجديد عقد الكراء أو مغادرة المسكن وأمام عدم قدرتها على دفع المستحقات كونها عاطلة عن العمل، غادرت المسكن ولم تجد سوى المركبة التي تحصلت عليها عن طريق الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة ومنحتها لابنها البالغ من لعمر 21 سنة لاستغلالها في نقل البضائع لإيوائها مع صغارها. مشيرة إلى أن دخل ابنها من هذا العمل ضعيف جدا ولم يتمكن من توفير القوت لهم نظرا لكثرة سيارات وشاحنات نقل البضائع المخصصة للكراء والتي أغلبها تم الحصول عليها في إطار القروض المصغرة. معاناة ليلى مع السكن بدأت في سنة 1996 عندما اضطر زوجها السابق لمغادرة المسكن العائلي بسبب تعدد الورثة، لتبدأ معه رحلة تأجير المساكن، مؤكدة بأنها أجرت إلى غاية هذه السنة أكثر من 10 مساكن بمناطق مختلفة. نظرا لصعوبة الحصول على مستحقات الإيجار التي غالبا ما تكون من مساعدات المحسنين كما قالت محدثتنا تعقدت علاقتها مع زوجها المعاق حركيا الذي لا يقوى على الحركة و تأزمت وضعية الأسرة الفقيرة و غير المستقرة، فوصل الأمر برب الأسرة إلى طلب الطلاق بالتراضي من زوجته. أضافت ليلى بأن الطلاق حدث في سنة 2011 و تنقل طليقها للإقامة مع شقيقته وبقيت هي مع أبنائها الأربعة تصارع مرارة الظروف خصوصا إيجاد مكان يأويهم. شرحت بأنها راسلت كل الجهات من والي الولاية إلى رئيس بلدية البليدة.هذا الأخير كما قالت وجهها إلى رئيس الدائرة بحكم أن توزيع السكن من صلاحياته ، لكن هذا الأخير رفض استقبالها ، كما لم تتلق أي رد من طرف المسؤولين الآخرين باستثناء مديرية النشاط الاجتماعي التي راسلت مسؤول دار الرحمة بالعاصمة للتكفل بها وإيوائها بشكل مؤقت. اضطرت محدثتنا إلى التوجه إلى دار الرحمة ببئر الخادم،فقال لها المسؤولون عنها بأن هذه الدار مخصصة للعجزة ومرضى السرطان فقط،،و تم تحويلها إلى دار العجزة بسيدي موسى. وتكرر نفس الشيء هناك حيث رفض استقبالها بحجة أن الدار مخصصة للعجزة فقط. استمرت معاناة هذه الأسرة التي لم تجد من مأوى سوى سيارة نقل البضائع التي لم تسلم فيها كذلك من مضايقات المنحرفين ليلا.بهذا الخصوص قالت الأم بأنها كانت تبيت بباب السبت مع أولادها ويتم غلق زجاج السيارة خوفا من تعرضهم للاعتداءات و رغم ذلك لم تسلم حيث تتعرض ليلا لتحرشات من طرف منحرفين فاضطرت إلى تحويل مكان السيارة إلى حي فروجة بمحاذاة الأمن الحضري الثاني حتى تشعر بالأمن. ذكرت ليلى بأنه عندما تم ركن السيارة بباب السبت ترك جميع أفراد أسرتها أحذيتهم خارج السيارة ،فلم تسلم هذه الأحذية من اللصوص الذين سرقوها و تركوهم حفاة. و شددت بأنها و صغارها يجدون صعوبة كبيرة في قضاء حاجاتهم والحصول على الماء لتنظيف الملابس. حتى غلق زجاج السيارة و أبوابها سبب لهم معاناة كبيرة فجميعهم أصبحوا يجدون صعوبة في التنفس ويتخوفون من إصابتهم بأمراض مختلفة جراء ذلك. أعوان شرطة يتضامنون مع العائلة ويوفرون لها الطعام ليلا تنقل هذه العائلة للمبيت بمحاذاة الأمن الحضري الثاني بفروجة، خوفا من تحرشات واعتداءات المنحرفين لقي تعاطفا من طرف عناصر الشرطة بمقر الأمن الحضري المذكور .حيث أكدت ليلى بأن عناصر الشرطة يوفرون لها و لأبنائها الأربعة الطعام و بعض الأعوان العاملين ليلا منحوها مبالغ مالية تضامنا معها نظرا للوضعية السيئة التي تعيش فيها،إلا أن حالها في النهار مختلف، فرغم مرور أكثر من 21 يوما على ركن السيارة ببعض أثاثها بالقرب من مسجد البدر بباب السبت بمحاذاة عدة محلات تجارية، إلا أن لا أحد تضامن معها ولو بقارورة ماء لأولادها خاصة ابنتيها اللتين تذهبان صباحا إلى المدرسة بدون تناول وجبة فطور الصباح ،حتى غسل وجهيهما غير متاح لهما. الطفلة دلال:أنا مهملة في الشارع ودراستي بدأت تضيع بدأت البرعمة دلال البالغة من العمر 13 سنة والمتمدرسة في الطور المتوسط حديثها معنا بصوت مرتفع ينم عن انفعالها و تأثرها الشديد بوضعية أسرتها قائلة: "أنا مهملة في الشارع أين حقنا في السكن؟ ..دراستي بدأت تضيع من هذا الوضع الذي أعيشه ،لماذا لا أكون مثل باقي التلاميذ في القسم أقيم في منزل وعندما أعود من المدرسة أتوجه إلى المنزل. أين حقنا في الحياة؟" و أضافت وهي متألمة لحالها وحال والدتها وإخوتها بأن بعض الأساتذة لا يفهمون وضعها فالبعض منهم أخبرتهم بحالها وتتلقى الدعم منهم في حين تحفظت بذكر وضعها أمام آخرين. استطردت الصغيرة قائلة بأنها لم تعد كباقي التلاميذ الآخرين في القسم فهي لم تعد تقوم بواجباتها المنزلية لأنها تعيش حالة تشرد و ضياع لا مأوى لها و لأسرتها سوى تلك السيارة التي يخصصونها للنوم ليلا. أما في النهار تقول الطفلة دلال بأنها عندما تخرج من متوسطة محمد بوسليماني في منتصف النهار تذهب لشقيقتها الصغرى بالمدرسة الابتدائية المجاورة وتبقى معها في فترة راحة منتصف النهار ويتناولا وجبة فطور خفيفة، لتعود إلى المدرسة في الفترة المسائية. بعد الخروج مكان لقاء العائلة هو السيارة المركونة بباب السبت أين يقضون مساءهم و في الليل يغلقون زجاج السيارة وينامون. الوالدة أخبرتنا بأن ابنتها دلال تعاني من مرض في القلب وأختها الأصغر منها سلاف مصابة بالربو مشيرة إلى أن ابنتها الأخيرة تعيد السنة الدراسية بسبب ظروف السكن.أما ابنها منصف ابن 15 ربيعا ،فقد توقف عن الدراسة في السنة السادسة لنفس الظروف. شددت الأم في ختام حديثها بأن أملها الوحيد في الحياة هو الحصول على سكن يأويها مع أبنائها مناشدة والي الولاية للتدخل ومنحها سكنا خاصة وأن دائرة البليدة تشرف خلال هذه الأيام على توزيع حصة 260 سكنا اجتماعيا. و أشارت من جهة أخرى إلى أن لجنة السكن الاجتماعي عاينت وضعية الأسرة منذ سنوات ورغم توزيع عدة حصص سكنية لم تتمكن من الظفر بسكن لحد اليوم.