خلافات بين الباحثين حول هوية و فكر كاتب ياسين و العوامل المؤثرة فيه تواصلت بقالمة أمس الجمعة فعاليات الملتقى الدولي الخامس حول كاتب ياسين لليوم الثالث على التوالي بتقديم مداخلات عديدة قدمها مشاركون من دول عربية و أوروبية تناولت أوجه الشبه و المقارنة مع مفكرين غربيين أمثال ألبير كامي و موليير و جورج باطاي و بيغال و كوستار مدى تأثير هؤلاء المفكرين في حياة الكاتب و فكره الإبداعي بينما ذهب متدخلون آخرون إلى التركيز على هوية كاتب ياسين و لغته الأم و البيئة التي عاش فيها و مدى تأثير ذلك في مسيرته الإبداعية. و حسب الباحثة «كلوي موني» من جامعة بوردو الفرنسية فإن كاتب ياسين قد تأثر بمفكرين غربيين كبار بينهم ألبير كامي و موليير و انخرط في الحياة السياسية و ساقه المد الشيوعي مطلع الخمسينات حتى صار واحدا من بين معتنقيه من المثقفين في الجزائر و برز ذلك في أعماله التي تتحدث عن الماركسية و الستالينية و أضافت بان كاتب ياسين كان يمثل رموز الحزب الشيوعي في الجزائر. و من جهته اعتبر الباحث البولوني «باوليتش رودريغاز» كاتب ياسين صورة أصلية للمفكر البلجيكي «شارل دو كوستار» قائلا بان هذا الأخير تحدث أيضا عن المعاناة و المأساة و التراجيديا و مجتمع الريف و ظلم الاستعمار تماما كما فعل كاتب ياسين بعده في نجمة و الجثة المطوقة حيث اعتمد على اسلوب مشابه في اختيار الشخصيات و توظيف التقنيات اللغوية عند كتابة القصة أو الحكاية الشعبية التراثية. و أضاف بان كاتب ياسين يشبه أيضا مفكر آخر اسمه لانس بيغال و تأثر به مؤكدا بان البيئة التي عاش فيها ياسين مشابهة تماما لتلك التي عاشها أدباء أوروبيون و خاصة في فرنسا و بلجيكا الدولتان الشبيهتان بالجزائر في مجال اللغة و الفكر و العلاقات الاجتماعية. وتحدث متدخلون آخرون من الجزائر و تونس و فرنسا عن ما وصوفه بأوجه الشبه بين كاتب ياسين و مفكرين آخرين حتى أنهم كادوا يفصلون كاتب ياسين عن بيئته و لغته و عقيدته و وطنه كما قال التونسي سعد برغل الذي خاطب متدخلين فرنسيين قائلا «اتركوا لنا بعضا من ياسين و خذوا البعض الآخر اتركوا لنا ياسين الجزائري العربي الذي ولد في بيئة مسلمة و عاش بين أهله». و أضاف سعد برغل بان الحديث عن إبداع الكاتب يجب أن يكون ضمن إطاره الحقيقي و لا يمكن هكذا ببساطة إسقاط هوية الكاتب و فكره على مجتمع آخر لم يعرف منه ياسين إلا لغة كوسيلة اتصال و تواصل مع الآخر. و قال الباحث الجزائري بن عمر مدين في رده على مداخلات تحدثت عن تأثر كاتب ياسين بمفكرين غربيين « يجب أن نقول بان ياسين لم يكن صفرا كان يستند إلى عائلة مثقفة عملت في الإدارة و القضاء و تعلمت القرآن واللغات و علمتها للأجيال زمن الاستعمار ، لقد سافر الرجل إلى مكة وزار ارض السودان و لم يزر فرنسا إلا سنة 1947 ، لقد كان شاعرا مبدعا و لم يكن مناضلا له برنامج سياسي لا يجب أن نربط كاتب ياسين بكبار المفكرين الغربيين و نقول بأنه تأثر بهم و أثروا فيه يحب أن نكون حذرين عندما نتكلم عن كاتب ياسين و الأدب المقارن». فريد.غ يجمع أرشيفه و إبداعاته و كل ما كتب عنه مركز البحث و التوثيق كاتب ياسين سيكون عمليا في مارس 2015 قال منظمو الملتقى الدولي كاتب ياسين بقالمة أمس الجمعة بان مركز البحث و التوثيق كاتب ياسين سيكون عمليا في مارس 2015 و قبل انعقاد الطبعة السادسة للملتقى. أرشيف و مخطوطات نادرة لكاتب ياسين و أضاف مصدر من لجنة التنظيم في تصريح للنصر انه تم التوصل إلى اتفاق شبه نهائي مع مسؤولين محليين لتجسيد المشروع على ارض الواقع بعد أن ظل مجرد فكرة مطروحة للنقاش قبل 5 سنوات تقريبا. و قد تم عقد جلسة عمل ضمت مجموعة من الباحثين و المنظمين ليلة الخميس إلى الجمعة لبحث إجراءات عملية و تنظيمية حول المؤسسة الفكرية المستقبلية بينها مقر المركز و الهيئة المشرفة عليه و مشاركة الأدباء و الباحثين المهتمين بحياة و مؤلفات كاتب ياسين. و ذكر بان السلطات المحلية تكون قد وافقت مبدئيا على إقامة مركز التوثيق كاتب ياسين بمقر المكتبة البلدية الجديدة بمدينة قالمة و ذلك مؤقتا إلى غاية بناء مركز جديد بكل المقاييس يحمل اسم كاتب ياسين و يجمع أرشيفه و إبداعاته و كل الأعمال الفنية و الأدبية التي تناولت الأديب بالبحث و الدراسة و التحليل من طرف كتاب و باحثين من مختلف أنحاء العالم. و حسب نفس المصدر فإن الاتصالات مع كتاب و نقاد و باحثين كتبوا عن ياسين و ذلك بدعم مباشر من محاضرين أجانب يشاركون في الملتقى الخامس بينهم فرنسيين و تونسيين و لبنانيين. و يتوقع المنظمون استلام المركز قبل انطلاق الملتقى السادس الذي تقرر تنظيمه في النصف الثاني من شهر مارس 2015. و قد وجه المنظمون الدعوة لكل باحث و مؤلف تناول حياة الأديب عبر دول العالم لتزويد المنظمين بكل المعلومات الخاصة بالمؤلفات و دور النشر الصادرة عنها حتى يتم شراء نسخ منها و جلبها إلى المركز إلى جانب أرشيفه المتناثر في كل مكان داخل الجزائر و خارجها. فريد.غ في رحلة استكشافية لتعقب آثار الأديب المشاركون في الملتقى يزورون منطقة عين غرور موطن قبيلة كبلوت زار المشاركون في الملتقى الدولي كاتب ياسين المنعقد بقالمة منطقة عين غرور أمس الجمعة بمبادرة من المنظمين الذين تعودوا على تنظيم رحلات استكشافية للوفود المشاركة منذ تنظيم أول طبعة قبل 5 سنوات تقريبا. عين غرور بقالمة ...موطن كاتب ياسين و قد وقف الزوار من أدباء و أساتذة و باحثين جزائريين و أجانب على آثار كاتب ياسين و بيئته الطبيعية منطقة عين غرور موطن قبيلة كبلوت أجداد ياسين و أرض المأساة و المعاناة مع الظلم و الاستعمار الذي عمل على طمس معالم المنطقة و إبادة القبيلة العريقة و تشريد أهلها بعد حادثة الرومية الشهيرة حيث سيق أعيان كبلوت إلى ميادين الإعدام و دمرت المدارس و الإدارات و الزوايا التي أقامها علماء كبلوت بعين غرور بينهم السائح أحد أجداد كاتب ياسين. و زار الوفد النصب التذكاري المخلد لحياة و مآثر كاتب ياسين بعين غرور و هو نسر أسود يرمز للحزن و الدمار الذي لحق بالقبيلة بعد الهجوم الفرنسي المدمر. وظلت قبيلة كبلوت تعتقد بان النسر كان يحميها من الغزاة و عندما قرر الرحيل من جبل السانح المجاور حل الدمار بالمنطقة و انهارت حضارة كبلوت المبنية على العلم و الزراعة و الإدارة. و يرى الباحثون و النقاد بان عبقرية كاتب ياسين قد تفجرت بعين غرور و أخرجت روائع نجمة و الجثة المطوقة و المضلع الكوكبي و فلسطين الجريحة و الرجل ذو النعل المطاطي. و ظل كاتب ياسين يتردد باستمرار على منطقة عين غرور يلتقي أهلها و يقضي الليل يكتب بآلة راقنة داخل خيمة. و جال الوفد بين بقايا زاوية كبلوت و موقع الخيمة و المنبع المائي الغزير عين غرور و جبل السائح حارس قرية حزينة تتذكر ابنها باستمرار و سيتجرع أهلها زمن المأساة الضاربة في أعماق التاريخ مأساة كبلوت مع الاستعمار و الظلم و مأساة ياسين مع الفقر و اليتم و التشرد و السجن و مع الإبداع الفكري الخارق.و كان باحثون قد صرحوا مرات عديدة بان زيارة عين غرور و تتبع آثار كاتب ياسين على ارض الواقع تعد رحلة استكشاف مثيرة تدفع إلى إعادة النظر في كل ما كتب عن ياسين و قراءة مؤلفاته قراءة صحيحة ينطبق فيها الواقع المادي مع الخيال الإبداعي المثير.