باحثون يدعون إلى إنشاء مركز بحث خاص بكاتب ياسين افتتحت أشغال الملتقى الدولي الخامس حول حياة و مؤلفات الأديب كاتب ياسين بقالمة أمس الأربعاء بالدعوة إلى بناء مركز بحث أكاديمي يعنى بأرشيف الكاتب و أعماله الإبداعية و يكون قبلة للباحثين من مختلف أنحاء العالم. و قال الأكاديمي التونسي منصور مهني بان الوقت حان للانتقال من الملتقيات الفكرية إلى عمل ميداني جاد يكون في مستوى و سمعة الأديب العالمي الذي أصبحت أعماله تدرس بعدة جامعات عربية و أوروبية. و أضاف المتحدث بان فكرة إنشاء مركز البحث باتت أقرب إلى الواقع مؤكدا بان تعاونا وثيقا و مثمرا يجري بين باحثين من الجزائر و دول أخرى لتجسيد المشروع الحلم الذي ظل يتداول من ملتقى إلى آخر غير أنه لم ير النور إلى اليوم. مراسيم الافتتاح التي جرت بالمسرح الجهوي محمود تريكي بحضور السلطات المحلية و مثقفين من مدينة قالمة إلى جانب المحاضرين المدعوين من عدة دول عربية و أوروبية بينها لبنان و تونس و فرنسا و بولونيا. و بدأت أشغال الملتقى بالوقوف دقيقة صمت و ترحم على روح الحاج مصطفى سرايدي الرئيس الشرفي للجنة تنظيم الملتقى و الذي توفي السبت الماضي إثر مرض الم به و عجل برحيله عشية انطلاق ملتقى أدبي و فكري دولي تعود المشاركة فيه بقوة على مدى الأربع سنوات الماضية و اعتبره بعض المشاركين أكبر غائب في الطبعة الخامسة. و قد تركزت مداخلات اليوم الأول حول خصائص و مميزات أدب كاتب ياسين و تأثيره في الأدب المغاربي و العالمي و الظروف الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية المحيطة و التي أدت إلى تفجر موهبة الكاتب و دفعت به إلى إخراج روائع أدبية و شعرية خالدة. و قدم الأكاديمي الجزائري حبيب تنغور مداخلة افتتاحية ضمنها شهادة حية حول كاتب ياسين تحت عنوان "كاتب و أنا" تركزت باقي مداخلات اليوم الأول على الجوانب الإبداعية و الفنية المميزة لأدب كاتب ياسين أهمها مداخلة الأكاديمية اللبنانية ديما حمدان تحت عنوان "الجمال في كتابات ياسين" و قالت بان إبداعات الرجل تتميز بالظهور و الاختفاء بين أحضان الطبيعة كما أنها تتميز أيضا بالثنائية المتفردة في كل شيء السياسة و الشعر ، الأرض و السماء ، الحياة و الموت ، الحرية و الاستعمار . و أضافت ديما حمدان بان الجمال المتعدد في كتابات ياسين هو الذي قاده إلى العالمية و جعله مبدعا متميزا فقد تمكن من اللغة في رائعة نجمة و جعل القارئ يعرف نجمة الرمز و الجمال دون الحاجة إلى معرفة من تكون نجمة هذه الحرية ، امرأة ، الجزائر أو ربما قالمة موطن أجداد ياسين ، إن كتابات ياسين خليط من الرموز و الدلالات ذات المعاني المتعددة. و من جهته أوضح الباحث التونسي محمد سعد برغل بان نجمة نص صعب و مربك و يبقى في حاجة إلى أكثر من قراءة و بأكثر من لغة معتبرا الترجمة إبداع في حد ذاته و ليس مجرد نقل لنص أصلي فقد تكون نجمة باللغة العربية أكثر جمالا و فهما و معنى من نجمة الأصلية باللغة الفرنسية. و حسب المتدخل فإن ياسين كان ناشطا سياسيا مناهضا للاستعمار و الظلم قبل أن يكون أديبا مميزا جعل من رواياته ورشة مفتوحة في الشعر و الرواية و القصة معتبرا نجمة موقفا سياسيا قبل أن تكون موقفا إبداعيا خارقا. و خلص المتدخل إلى القول بأن ياسين ما كتب نجمة بل كتب وطنا و لم يكن ليكتب حتى يقتنع بأنه سيكون متميزا. فريد.غ الأكاديمي الجزائري حبيب تنغور ياسين قاد ثورة أدبية و لم يكن يملك سوى سريرا و طاولة خشبية في بن عكنون قال الباحث الجزائري حبيب تنغور في مداخلة أمام المشاركين في الملتقى الدولي الخامس حول كاتب ياسين "عرفت كاتب ياسين عن طريق الباحثة الفرنسية جاكلين أرنوت عندما كنت طالبا في ثانوية بفرنسا ، كانت جاكلين مهتمة و معجبة بأدب كاتب ياسين كانت تعمل على جمعه كلمة كلمة و تدريسه لطلاب الثانويات و الجامعات ، انتقلت من تلمسان إلى فرنسا لمواصلة الدراسة الثانوية و كنت أظن نفسي من بين الجزائريين القلائل الذين يدرسون بفرنسا في ذلك الزمن الاستعماري المظلم و لم أكن أعرف أن ثمة مبدع و أديب جزائري مميز اسمه كاتب ياسين قبل أن تطلعني جاكلين على بعض مؤلفاته بينها نجمة و المضلع الكوكبي و الرجل ذو النعل المطاطي ، نجمة فجرت الزمن و الفضاء و قلبت الأدب المغاربي رأسا على عقب كان الرجل يتكلم عن الظلم و الاستعمار و تحول إلى لسان المضطهدين في الجزائرالمحتلة و الفيتنام و غيرها من بقاع العالم حيث المعاناة مع الاستعمار. عرفت ياسين عن طريق إبداعاته و قررت أن أعرفه مباشرة فذهبت إلى بن عكنون و زرته في بيت متواضع يعبر عن فقر و زهد كاتب ياسين و إعراضه عن متاع الدنيا وجدت في منزله سريرين صغيرين فوق بعضهما واحد له و الآخر لابنه و طاولة خشبية عليها كتب و جرائد مبعثرة و إناء لإعداد القهوة على الطريق الإيطالية ، هذا كل ما يملك ياسين لم يكن يجري وراء المال و المتاع و الشهرة الزائفة كان همه الكتابة و النضال ضد الاستعمار و إنشاء النوادي و المجموعات الفكرية ، ضاق مرارة الاستعمار و السجن و عمره 15 سنة توقف عن الدراسة لكنه صار أديبا عالميا كبيرا كتب رائعة نجمة و كشف الوجه الآخر للاستعمار و معاناة أجداده ، كان ياسين شابا وسيما تحبه كل النساء حتى أن جاكلين أغرمت به و عشقته و أعجبت بإبداعاته و عملت على جمعها و المحافظة عليها غير أن الموت خطفها قبل أن تكمل المهمة". و حسب حبيب تنغور فإن كاتب ياسين كان يميل إلى الفكر الشيوعي آنذاك غير انه ظل وفيا لأمته يدافع عنها و يتكلم لغتها البسيطة و يواجه الاستعمار بفكر و أدب عالمي راق فجر ثورة حقيقة ضد الاستعمار كان وراءها مثقفون كبار.