الجزائريون يرفضون التبرع بأعضاء موتاهم للأحياء تعرف عملية التبرع بالأعضاء من الأموات إلى الأحياء إقبالا محتشما، بحيث لم تسجل الجزائر سوى حالتين فقط الأولى كانت بقسنطينة والثانية بالبليدة، ورغم إجازة التبرع من الأموات إلى الأحياء من طرف علماء الشريعة ووضع بطاقية للتبرع بالأعضاء في المستشفيات، إلا أن العملية لا تزال تراوح مكانها رغم حاجة آلاف المرضى لأعضاء جديدة خاصة لزرع الكلى، الكبد ، القلب،البنكرياس، الرئتين، و القرنيات. تشير الإحصائيات المقدمة بالمعهد الوطني للكلى بالبليدة إلى إحصاء 08 آلاف مريض بالقصور الكلوي في حاجة لزرع كلى، كما أن الجزائر في حاجة لزرع 450 كبد سنويا و300 بنكرياس إلى جانب 300 حالة زرع للقلب و 200 حالة زرع للرئتين، ورغم توفر الإمكانيات الطبية اليوم لعمليات الزرع المختلفة خاصة مع إنجاز معهد الكلى بالبليدة الذي سيتخصص في زرع الأعضاء بمعدل عملية كل أسبوع، إلا أن العملية تواجه ضعف الإقبال على التبرع بالأعضاء من الأموات إلى الأحياء، وبهدف دفع عملية التبرع بمستشفى فرانتز فانون بالبليدة، شكل رئيس مصلحة الجراحة العامة بذات المستشفى البروفيسور سي أحمد الهادي لجنة يرأسها الإمام الشيخ محمد كحلة الذي يتكفل بمهمة الاتصال بأقارب الأموات الذي يفارقون الحياة بالمستشفى، من أجل إقناعهم بالموافقة على نزع أعضاء من الميت ليستفيد منها مريض آخر لكن العملية لم تنجح. يقول الشيخ محمد كحلة على هامش يوم تحسيسي حول عملية التبرع بالأعضاء نظم مؤخرا بالمعهد الوطني للكلى، أنه اتصل ب22 عائلة من أقارب أموات فارقوا الحياة بمستشفى فرانتز فانون، لكن لم يتمكنوا من الحصول على موافقة سوى عائلتين فقط، ويرجع الشيخ سبب رفض أقارب الميت الموافقة على نزع أعضائه إلى صدمة وفاته، خاصة وأن العملية تمس بشكل أكبر الذين توفوا فجأة. كما أن البعض يوافق في بداية الأمر و عندما يطرح الموضوع للاستشارة الموسعة في العائلة تكون الإجابة بالرفض، رغم ما يقوم به الشيخ من تقديم المواعظ لأهل الميت بأن الجسد سيتحول إلى تراب وروح الميت انتقلت إلى رب السموات والأرض والموت قضاء وقدر، والتبرع بأحد أعضاء الميت يعد صدقة جارية ينتفع بها الميت مثلها مثل التصدق بأشياء أخرى، كما يوضح لأهل الميت إجازة العملية من طرف كبار علماء الشريعة، لكنهم لم يقتنعوا بذلك تحت الصدمة التي تكون قوية لوفاته. إقناع الأم بنزع أعضاء من جسد ابنها المتوفى ليس أمرا سهلا من الصعوبات الكبيرة التي واجهت اللجنة المذكورة المخصصة للتواصل مع أهل الميت قصد إقناعهم بالتبرع بأحد أعضاء فقيدهم، عدم التمكن من إقناع الأم لأن صدمتها تكون قوية وبهذا لا توافق على تشريح جثته ونزع أحد أعضائه، ليستفيد منها مريض آخر يقول أحد أعضاء اللجنة في اليوم التحسيسي، بأنه في حالة الحصول على موافقة الأم يكون الأمر سهلا للحصول على موافقة أفراد العائلة الآخرين،حيث الكل يوافق على ما تقوله الأم باعتبارها أقرب الناس إلى الفقيد والأكثر تألما لفقدانه. كما يشير بهذا الخصوص الشيخ محمد كحلة إلى أن بعض العائلات توافق على التبرع لكن بعد توسيع الاستشارة لأشخاص آخرين قد لا ينتمون للعائلة تكون إجابتهم بالرفض. في نفس السياق يقول أحد الموظفين بمستشفى فرانتز فانون وعضو باللجنة المذكورة بأنه يجب تحديد المصطلحات لأهل الميت وعدم استخدام المصطلحات الطبية مثل «الموت الدماغي» أو «الموت الإكلينيكي»، بل يجب تأكيد حدوث الوفاة لأهل الميت لأن الموت الدماغي يعني الموت النهائي وبهذا فإن استخدام مصطلح الموت الدماغي لأهل الميت قد يعني لهم أن قريبهم لم يمت نهائيا و يبقى الأمل في العودة للحياة ممكنا ، لكن الطب يؤكد أنه يستحيل لمن أصيب بموت دماغي أن يعود إلى الحياة مرة أخرى. و يشير في هذا الإطار إلى إحدى الحالات التي وقف عليها بحيث تعرض شاب لموت دماغي وفي تلك الأثناء اتصلوا بوالده قصد إقناعه بالموافقة على التبرع بأحد أعضاء ابنه لزرعها في جسم مريض آخر. في البداية وافق الوالد، لكن بعد دخوله إلى مصلحة الإنعاش وشاهد ابنه يتنفس اصطناعيا تراجع عن موافقته بنزع أحد أعضائه وأشار إلى أن ابنه لا يزال يتنفس و هناك أمل لعودته إلى الحياة ، لكن في واقع الحال أن ابنه توفي دماغيا وحافظ الأطباء على تنفسه الاصطناعي لكي يتسنى لهم نزع أحد أعضائه، لكن بعد رفض الوالد نزعت من جسده تجهيزات التنفس الاصطناعي وحول إلى مصلحة حفظ الجثث. دعا عضو اللجنة المذكورة إلى ضرورة مساهمة الجميع في العملية لما لها من أهمية في إنقاذ حياة عشرات الآلاف من المرضى الذين يعانون وأملهم الوحيد في زرع عضو من شخص آخر لتعود إليهم الحياة، ويؤكد في هذا الإطار مدير المعهد الوطني للكلى بمستشفى فرانتز فانون طاهر ريان بأن الجزائر يمكنها أن تنقذ حياة آلاف المرضى الذين هم بحاجة لزرع أعضاء من ضحايا حوادث المرور الذين يموتون يوميا بالعشرات وذلك بنزع أعضائهم ، لكن ذلك لا يتم إلا بموافقة أهلهم ، ويؤكد نفس المتحدث بأن العملية تتم في إطار القوانين الوطنية والدولية ،بالإضافة إلى الجانب الديني الذي يدعم العملية لكن لا تزال عملية التبرع محتشمة رغم إنشاء بطاقية للتبرع بالأعضاء. تعليمات للأئمة لتناول موضوع التبرع في خطبة الجمعة أوضح ممثل مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية البليدة في اليوم التحسيسي حول التبرع بالأعضاء،بأنه تم تقديم تعليمات للأئمة في المساجد لتناول من حين لآخر موضوع التبرع بالأعضاء في خطبة الجمعة و التحسيس حول العملية في المساجد وتوعية المواطنين بأهمية التبرع من الأموات للأحياء، وذلك لما للعملية من أهمية في إنقاذ حياة المرضى ، وقال بأن مديرية الشؤون الدينية تتعاون مع هذا العمل الطبي والعلمي الجيد، كما أوضح بأن الجانب الفقهي لم يعد مطروحا بل المشكل في التبليغ وإيصال الرسالة للمواطنين. نزع الأعضاء لا يكون إلا بعد الموت الدماغي الذي تثبته لجنة مختصة شرح البروفيسور سي أحمد الهادي رئيس مصلحة الجراحة العامة والمشرف على عملية التبرع بالأعضاء في الجزائر في اليوم التحسيسي، كيفية الوصول إلى نزع أعضاء الميت بحيث أوضح بأن ذلك لن يتم إلا بعد التأكد من الموت الدماغي للشخص، و أشار إلى أن هناك فرق بين الموت الدماغي والإنعاش، حيث أن الإنعاش يعني أن المريض في حالة خطيرة أما الموت الدماغي فهو موت نهائي و لا رجوع بعده إلى الحياة، كما أوضح بأن تأكيد الموت الدماغي يتم في وثائق رسمية تشرف عليه لجنة مختصة يرأسها طبيب شرعي وطبيبين مختصين في الإنعاش، إلى جانب طبيب رابع مختص في الأعصاب، وما تقوم به هذه اللجنة هو أنها تتأكد من عدم وجود أي استجابة من طرف جسم المريض،إلى جانب التأكد من عدم مرور الدم إلى الدماغ، ويتم ذلك بالتوازي مع ربطه بجهاز التنفس الاصطناعي وتحافظ ذات اللجنة على نبضات القلب ببعض الأدوية، وبعد تحرير تقرير الموت الدماغي، لا يبقى أمام الأطباء سوى 04 ساعات لنزع أحد أعضاء الميت، وفي هذه الفترة يتم التأكد إذا كان الفقيد سجل اسمه في بطاقية التبرع بالأعضاء وإذا لم يكن ضمن المسجلين يتم الاتصال بأهله بمشاركة الإمام محمد كحلة، وفي حالة الحصول على الموافقة يقوم الأطباء بتشريح الجثة ونزع أحد أعضائه وإذا لم تتم الموافقة تنزع أجهزة التنفس الاصطناعية ويحول إلى مصلحة حفظ الجثث. كما يؤكد البروفيسور سي أحمد أن الجثة لن تشوه بعد نزع أحد الأعضاء وتبقى على حالها بحيث كثيرا ما يتخوف أهل الميت من تشويه الجثة لكن ذلك لن يتم نهائيا وما يحدث صورة مماثلة للعمليات الجراحية التي تجرى في غرف العمليات .