المرأة التي تطمح إلى تأسيس الجمهورية الثانية يعتزم حزب العمال قيادة حملة انتخابية قوية، خصوصا على مستوى الخطاب السياسي، مستفيدا من التجربة التي تحوزها مرشحته لويزة حنون بشخصيتها الكاريزمية، هي التي تحترف العمل السياسي منذ شبابها، وستكون عنابة المحطة الاولى التي تحل بها المرشحة للانتخابات الرئاسية. و يقول مساعدوها المحتشدون في مقر مديرية حملتها الانتخابية بأعالي الحراش في العاصمة، أن خيار الولاية التي تربت وكبرت فيها المرشحة ليس عاطفيا بل جاء استجابة لطلب المناضلين و للدلالة على "الانتصار الذي حققته الدولة الجزائرية من خلال إعادة تأميم مركب الحجار، الذي يعتبر مفخرة الصناعة التعدينية في الجزائر". وخلال جولة في مقر الحزب الذي حول مؤقتا إلى مديرية للحملة، بدا الجو هادئا جدا، لا تقطعه إلا أصوات آلات النسخ و رنين الهاتف، و خصوصا هاتف جلول جودي، الذي يدير الحملة، فالرجل كان على اتصالات بقنوات تلفزيونية وجرائد لتحديد مواعيد للمرشحة، مستخدما كل شبكات معارفه في وسائل الإعلام ، كما عمل جودي على جبهة الخطوط الجوية الجزائرية لحجز المقاعد، للمرشحة والوفد المرافق لها و للصحفيين الموكلة لهم تغطية خرجاتها، و حرص على الحصول على كل الضمانات بعدم حدوث مفاجآت غير سارة من شأنها التأثير على مجريات الحملة وخصوصا في اليوم الأول منها. و أثمرت اتصالات جودي بتسوية مشاكل الحجز على الخطوط الجوية الجزائرية، بينما تولى أعضاء آخرون في المديرية وضع آخر التفاصيل لإطلاق موقع على شبكة الانترنت و صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي لدعم المرشحة سيطلق في اليوم الأول من الحملة حسب التوقعات. من جهة أخرى، كان يجري تجهيز الوسائط الدعائية وبرنامج الحزب، و تم لهذا اقتناء آلات طابعة ونسخ متقدمة، لتولى العملية، يشرف عليها مناضلون. ويتولى آخرون توجيه المناضلين و المتعاطفين الراغبين في المشاركة في مراقبة الانتخابات. في مقر حزب العمال، كانت الحميمية حاضرة بين الأعضاء، الناشطين في الحملة، فالجميع يخاطب الجميع بالرفيق والرفيقة الموروثة من أدبيات الحركة اليسارية، والذي يعد حزب العمال من رموزها في الجزائر، حيث تأسس على أنقاض المنظمة الاشتراكية للعمال ذات التوجه التروتسكي. وحافظ أعضاء الحزب على هذه الخطاب رغم نزوع الحزب نحو التيار الوطني و الديمقراطي الاجتماعي. و يراهن حزب العمال على تحقيق المفاجأة في الانتخابات الرئاسية الجديدة، وانتزاع نتيجة أفضل مما حققه في الانتخابات السابقة، ففي انتخابات 2004 جمعت حنون 101 ألف صوت واحتلت المرتبة السادسة بنسبة واحد بالمائة من الأصوات، وفي 2009 حققت نتيجة أفضل وجاءت ثالثة بحوالي مليون صوت أي 4,22 بالمئة من الأصوات. وتحتفل حنون في أفريل المقبل بعيد ميلادها الستين، ورغم معاناتها من السجن وأمراضه في فترة شبابها لازالت ابنة قرية الطاحونة بأعالي الشقفة بولاية جيجل تتمتع بطاقة استثنائية على الحركة، و سبق لها أن تجولت في أنحاء الجزائر مرات عديدة خلال الانتخابات وخلال تحضير مؤتمرات الحزب. و تعتزم خلال الحملة العودة إلى المسالك التي تعرفها جيدا. و برمجت في الأسبوع الأول للحملة 11 تجمعا شعبيا في شرق وغرب الوطن و الوسط، و فضل القائمون على الحملة برمجة النشاطات مرة واحدة كل أسبوع. وقال أحد المقربين منها أن السيدة حنون، تكتفي بأدوية خفيفة، أهمها "كاليسيبرونات" وهو منشط مكون أساسا من فيتامين ج . وأضاف أنها سيدة قوية ومعروف عنها ممارستها الرياضة ومنها رياضة المشي، حيث تعود سكان العاصمة على رؤيتها تسير في الشارع لمسافات رفقة حراسها، للحفاظ على اللياقة البدنية. و يأخذ الجانب الأمني أهمية في حياة الحزب، خصوصا بعد التهجمات الواردة في حقها مؤخرا من أوساط سلفية، ولهذا تستفيد حنون من الحراسة في تحركاتها منذ سنوات. كما جرى نصب كاميرات مراقبة منذ فترة بمقر الحزب بالحراش بأعالي العاصمة. واختارت المرشحة حنون "الجرأة لتأسيس الجمهورية الثانية" شعارا لكسب ود الجزائريين واستمالة أصواتهم، و تؤكد في برنامجها على أن الأوان حان للانطلاق في الجمهورية الثانية لبناء الدولة الديمقراطية، يكون مواطنوها متساوين في الحقوق وأمام الواجبات فعليا. وترى حنون أن الانتخابات المقبلة مفصلية ومصيرية بالنسبة للجزائر، و توجهت إلى الجزائريين للمشاركة في الانتخابات لأجل بعث ديناميكية وطنية للحفاظ على كيان الأمة و ألحت عليهم بألا يسمحوا لأي مرشح أن "يستعين بالقوى الامبريالية كي تنصبه ليخدم مصالحها". ويؤكد الحزب أن الانتخابات الرئاسية المقبلة يجب أن تكون جزائرية حصريا ، وأن الشعب الجزائري هو المؤهل للحسم فيها انطلاقا من البرامج، وأن الضمانات من حق الشعب الجزائري وحده. ويقترح الحزب في برنامجه إصلاحا دستوريا يؤسس للديمقراطية بدء بتقوية الطابع الجمهوري للدولة الجزائرية عبر ترسيخ المساواة من خلال دسترة الأمازيغية كلغة رسمية ثانية وإجبارية تدريسها في 48 ولاية واستخدامها في الإدارات و المحاكم. و صبت حنون في برنامجها مطالبها التقليدية، من فرض ضريبة على الدخل وتجريم التهرب الجبائي وتأميم الثروات غير المكتسبة بصفة غير شرعية انطلاقا من مبدأ من أين لك هذا؟، و من أولويات الإصلاح السياسي الذي تقترحه، استرجاع العهدة الانتخابية، وتجريم التجوال السياسي ترسيخا لاحترام العهدة كمكونة أساسية في السيادة الشعبية. وتضم المقترحات أيضا مراجعة نصوص الإصلاحات السياسية وتقسيما إداريا جديدا عبر زيادة عدد الولايات ومضاعفة عدد البلديات، وإلغاء حكم الإعدام، و إنشاء غرفة تشريعية واحدة، تتمتع بصلاحيات واسعة لنواب ينتخبهم الشعب ويمكن عزلهم. وتعهدت حنون بإنشاء حكومة مؤقتة مكونة من تقنيين مختصين في مختلف القطاعات لتسيير الشؤون العامة والشروع في تجسيد الأهداف الرئيسية التي اقترحتها في ديباجة برنامجها، وتتولى هذه الحكومة إجراء إصلاح دستوري عميق لتأسيس الجمهورية الثانية تليه انتخابات تشريعية.