متحف سيرتا لا يتسع لآثاره الفنية يلعب متحف " سيرتا " بقسنطينة دورا حيويا في حفظ تاريخ المدينة العريق بعدد هائل من القطع الأثرية الثمينة التي يفخر بها و التي تشهد على مختلف العصور التي مرت و الحقب التاريخية التي تداولت على المدينة، و تتميز أروقته بمجموعات نادرة من اللوحات و المنحوتات الفنية الأصلية التي اقتناها المتحف أو أهديت إيه من قبل فنانين عاشوا في أزقة قسنطينة القديمة أو مروا عبر صخورها و تركوا آثارهم عليها. تحدثت النصر مع الفنانة بن دالي حسين شفيقة وهي تشكيلية و مسؤولة عن المجموعة الفنية لمتحف " سيرتا" ، عن قيمة ما يملكه المتحف من كنوز فنية وكيفية الحفاظ عليها. * يحتوى متحف سيرتا على كنوز فنية، كيف تراكم هذا الثراء؟ يحتوي المتحف على مجموعة نادرة من اللوحات و التحف الفريدة و الأصلية التي يعود بعضها للقرن الخامس عشر و من مدارس فنية مختلفة كالمدرسة الفرنسية التي تمثلها أسماء كبيرة كدوبا الأب و الابن، اللذان تميزت لوحاتهما بالواقعية الشديدة في تصوير المدينة و مظاهر الحياة بها و كذا الرسام الفرنسي أورلان مكسيم له عدة لوحات تصور المدينة بالإضافة إلى فوك و روندنلي مارسال ، كلوت روني ، جون قالون روني وآخرون ممن تناولوا المدينة في لوحاتهم بمواضيع و تقنيات فنية متنوعة. و يملك المتحف مجموعة كبيرة أخرى لم يتسن عرضها بسبب ضيق الأروقة و التي نأمل أن ترى النور في المستقبل في متاحف أخرى في المدينة . * تم مؤخرا إعادة ترتيب قاعات العرض واللوحات في المتحف على أي أساس تم هذا ذلك؟ عندما تولت المديرة الجديدة السيدة خلف الله شادية إدارة المتحف قمنا بإجراءات جديدة أهمها جرد محتويات المتحف والذي اكتشفنا بفضله العديد من الأشياء التي يمتلكها المتحف و لم تكن تظهر في قوائمه، كما قمنا بإجراء تغييرات طفيفة في اللوحات وأماكن عرضها حيث أعدنا تقسيم الأروقة وخصصنا قاعة كبيرة "انيفارساليس" (العالمية) تضم أقدم اللوحات الفنية الأوروبية ذات المواضيع المتنوعة تتوسطها المنحوتات القديمة المصنوعة ممن الرخام والبرونز و صالة "قسنطينة" تضم لوحات لفنانين مختلفين أغلبهم أوربيين موضوعها قسنطينة ، و رواق صغير يضم لوحات متنوعة المواضيع لفنانين جزائريين : حداد مالك ، الهادي ندير ، صادق أمين خوجة ، عمار علالوش ، إسياخم و آخرين .... * هل هناك لوحات لفنانات جزائريات في المجموعة غير المعروضة للمتحف؟ للأسف، لا يملك المتحف لوحات لفنانات جزائريات و لكن هذا مشروع تنوي إدارة المتحف تطبيقه باقتناء بعض اللوحات النسائية و عرضها . * تكوينك كفنانة تشكيلية في مدرسة الفنون الجميلة ثم تدريسك فيها و ممارستك للرسم ساعدك كثيرا في مهنتك كمسؤولة عن المجموعة الفنية للمتحف ، من خلالا احتكاكك اليومي بالأعمال الفنية و بجمهور الزوار كيف تنظرين لإسهامات المتحف التاريخية و دورها في استقطاب الشباب و إثارة فضوله الفني؟ أنا اعتبر نفسي محظوظة جدا بهذا العمل الذي يبقيني دائما في حضرة الجمال، وأتصور أن المجموعة الفنية للمتحف محظوظة أيضا بي ، فكفنانة أنا أدرك تماما قيمة كل قطعة نحتية أو لوحة زيتية و أنا أقدر كم من الوقت قضى صاحبها لإنجازها و كم أهدر من جهد فيها. أنا دائما مستثارة لأبدع لأنني أحيا وسط الجمال والفن وأتنقل بين المتحف و البيت في مدينة "الضوء" والتي وقع العديد من الفنانين في حبها لدرجة تخليدها وأنا هنا لخدمة تحفهم الخالدة . * ما هي مشاريع المتحف المستقبلية ؟ لحسن الحظ تزخر بلادنا بمواهب فنية رائعة تستطيع أن تنقل صورة رائعة لأجمل ما فيها و يطمحون أن يضاهي اسمهم يوما الأسماء الفنية الكبيرة ليواصلوا عنهم صناعة التاريخ الفني للجزائر وفي هذا السياق يعمل المتحف على الجمع بين أجيال من الفنانين لخلق التواصل بينهم وذلك من خلال تنظيم معارض جماعية، كالمعرض الذي سينظمه المتحف لمجموعة من الفنانين الشباب في أول جوان تزامنا مع عيد الطفولة و الذي سيكون موضوعه "الهوية الوطنية الجزائرية"، سيكون فرصة لبروز هؤلاء الشباب الموهوبين. دور المتحف ليس فقط الحفاظ على دلائل التاريخ به، بل من واجبه أيضا مساعدة الشباب في صناعة هذا التاريخ.