تحتفل ولاية وهران على غرار باقي ولايات الوطن باليوم العالمي للمتاحف المصادف ل 18 ماي من كل سنة والأكيد أن هذه المناسبة هي فرصة لتثمين هذه المعالم التاريخية والثقافية الخالدة في بلادنا، والأكيد أن وهران التي تتوفر على متحف الشهيد أحمد زبانة، سوف لن تسمح بمرور هذه الذكرى مرور الكرام بل أنها ستسعى إلى جعل المتحف همزة وصل وحلقة تواصل بين الأجيال الحالية وما خلفه أجدادنا وصنعه من تراث مادي ولا مادي عبر مختلف الأزمنة والعصور الغابرة. وحتى نضع الجميع في الصورة نبدأ أولا بتعريف كلمة متحف حيث يعود أصلها إلى العصر اليوناني وتعني (ميزا) وهو اسم لأحد الآلهة السبعة (سيدة الجبل) وأحد ربات الفنون التسع أما في اللغة والأثر العربي فيعني ذلك المكان الحصين الذي تجمع وتحفظ فيه التحف الثمينة والنفسية النادرتين والمتاحف جميعها هي في الأصل أماكن تُخزن وتحفظ فيها الذاكرة الإنسانية والحضارية والمعرفية الشاهدة على عبقرية الإنسان وعظمته الفكرية وقوته العضلية التي تميزها في مختلف المراحل التاريخية والحضارية للأمم والشعوب والشعب الجزائري ماهو إلا حلقة من حلقات تلك الشعوب والأمم التي شهدت حركية تاريخية وحضارية متنوعة المشارب ومتعددة المذاهب ومختلفة الأجناس ماتزال مواقعها الأثرية متناثرة إلى حد اليوم عبر عديد المدن والقرى والجبال والأدوية والصحاري، وللحفاظ على هذه المعالم الأثرية النفسية، تم جمعها وحفظها في مختلف المتاحف الجزائرية التي توجد في بلادنا على غرار المتحف الوطني للفنون الجميلة الذي يعتبر أغنى متحف في القارة الإفريقية والذي توجد فيه مختلف المراحل التي مرّ عليها الفن بمختلف أشكاله بدءا بالمدارس السويسرية والهولندية والفرنسية والإيطالية للقرن ال 20، وكذا متحف الشهيد أحمد زبانة ومتحف سيرتا وما يجمعانه من مخزون تاريخي آثاري، حضاري وتحفي قديم تعبر عن مختلف المراحل التي عرفتها مديتي وهران وقسنطينة تعود إلى العصر الحجري القديم والمتأخر والمعاصر خاصة الفترات البونية، الرمانية، النوميدية، المورتيانية إلى جانب المسكوكات الذهبية والفضية والبرونزية والقطع النقدية النادرة من العهود الأغلبية والفاطمية والمرابطية والموحدية والمرينية، ضف إلى ذلك المتحف الوطني للآثار القديمة الذي يعد من أقدم المتاحف الجزائرية الذي يضم بين أجنحته مختلف المواد والتحف الفنية التاريخية التي مرت بها عديد الحضارات المتعاقبة على الجزائر منذ فجر التاريخ إلى منتصف نهاية القرن التاسع عشر كالليبية والنوميدية اليونانية، الرومانية الوندالية البيزنطية وكذا الفترة الإسلامية كالأموية والعباسية والرسمية والحمادية والمرابطية والحفصية والمرينية. نشأة المتاحف الجزائرية الأكيد أن المتاحف الجزائرية تأسست أثناء الفترة الإستعمارية ومن ثمة فليس غريبا أن تخضع للمنظومة التشريعية الفرنسية روحا وشكلا ومضمونا مما جعل معظمها تعبر في غالبيتها عن المسار التاريخي الفرنسي والأوروبي، اللهم إلا الشيء القليل عن المسار التاريخي الجزائري والأمازيغي الحضاري الأصيل، وبقيت المتاحف الجزائرية تسير على هذا النحو إلى غاية صدور الأمرية رقم 67- 281 المؤرخة في يوم 20 ديسمبر 1967 المتعلق بالحفريات وحماية المواقع والمعالم التاريخية والطبيعية، الموقعة عليها من قبل رئيس مجلس الثورة الراحل هواري بومدين، وبناء على ذلك القانون شرع في بناء المتاحف الجزائرية مثل متحف سطيف ومتحف شرشال وتحويل بعض المقرات والبنايات إلى متاحف مواضعية كتحويل بيت الكاتب الرسام ناصر الدين ديني بقرار صادر عن مجلس الوزراء عام 1969 والمصنف كمتحف وطني في 1993 ببوسعادة. أول مرسوم تنفيذي لتحديد مهام المتاحف في عام 2007 تقدمت السيدة وزيرة الثقافة خليدة تومي ولأول مرة منذ استرجاع السيادة الوطنية في 5 جويلية 1962 بأول تقرير مسحي شامل أفضى إلى صدور مرسوم تنفيذي في 27 ماي 2007 حددت من خلاله مهام المتاحف وكيفيات تنظيمها وتسييرها واستغلالها وترشيد رسالتها التاريخية والحضارية وإبراز كل ما يتعلق بالهوية الوطنية من خلال الآثار التحف والوثائق والمسكوتات وغيرها من الوسائل المعبرة عن الكنوز المتحفية للأمة الجزائرية وقد أصبح هذا المرسوم الجديد قاعدة تشريعية محفزة نحو تفصيل وتثمين تلك المعالم والمواقع والمراكز والمقرات الحافظة للكنوز ورابطا حصينا تحفظ فيه الذاكرة الوطنية الشاملة.