أعيش في الغربة لكني أتنفس هواء بابار يعرب الروائي الزين بخوش في هذا الحوار عن تعلقه بمسقط رأسه وبوطنه الجزائر، ويتحدث عن بعض مواضيع كتبه. يحمل الباحث شهادة دكتوراه في الجغرافيا الحضرية من جامعة اكس ان بروفانس الفرنسية، درّس لعدة سنوات بجامعة بسكرة، قبل أن يهاجر إلى فرنسا، وله مجموعة من الكتب المنشورة في الرواية وفي مجال اختصاصه. يكتب الروائي بالفرنسية ويجيد العربية إلى جانب لغته الأم الأمازيغية. حاوره: نورالدين برقادي من الجزائر إلى فرنسا ومن التهيئة الحضرية إلى الكتابة الروائية، هل من وصف للرحلتين ؟ هناك جانبان في نفس كل شخص، رحلة إنسان بألم فراق الأهل والوطن، أنا جامعي عدت من فرنسا من أجل ممارسة عمل نبيل (التدريس والبحث) وأداء الخدمة الوطنية والاقتراب أكثر من ربوع الوطن، وبعد مأساة العشرية السوداء واغتيال بعض أصدقائي غادرت الوطن لأنني لا أريد أن يبقى أبنائي يتامى وضحايا مأساة ليس لها اسم أو عنوان. "ابن الأوراس"هو عنوان روايتك الأولى، وهي سيرة ذاتية، ماذا قلت عن "بابار"مسقط رأسك في هذا العمل ؟ قل إنه جزء مني وأن لاشيء بدون عائلتي وقريتي بابار، وهويتي ووطني الجزائر. لا أنسى أنّ دراستي الأولى كانت في بابار، في مدرسة الشهيد والبطل ابن قريتي رحالي لكحل. درست في هذه المدينة وولد فيها أبنائي، ولي فيها أصدقاء، إذن هي مدينة لها مكانة خاصة في قلبي. قبل صدور روايتك الأولى، صدر لك كتاب عن التهيئة الحضرية في بسكرة، بما يتميز عمران عاصمة الزيبان عن غيره ؟ كتابي يتناول علاقة عمران المدينة بالتجارة كمحافظ لهذه الديناميكية. بسكرة مدينة لها تاريخ عريق مع تجارة التمور. المعمرون كانوا يتعاملون مباشرة مع أوروبا من خلال هذه التجارة. اليوم أيضا بسكرة هي حلقة وصل بين الشمال والجنوب، وقد كتبت أيضا عن الأوراس. كما صدر لك كتاب بعنوان "أوراس النمامشة تحولات منطقة، حالة أولاد رشاش وجبل ششار"، ما نوع التحول الذي تعنيه في كتابك هذا ؟ هذا الجزء من الأوراس يمتاز بشيء فريد منذ القدم، سكان هذا الجزء من الأوراس يستعملون مجالين صحراوي وتلي. قديما كان السكان يقيمون في الصحراء شتاء، وفي فصل الصيف ينتقلون إلى التل، لهم أرض "عرش" في الصحراء وأرض "ملك" في التل. ويعتمدون على الزراعة "الفيضية" في الصحراء ويسكنون الخيّم. الآن حتى وإن وصلت الحضارة إلى هذه المنطقة، فعملية تقسيم أرض العرش قديمة ومعتمدة منذ أكثر من ألف سنة. تتميز هذه المنطقة بتنظيمها الاجتماعي التقليدي الذي يحتكم للجماعة والعرف ويرفض التخلي عنه، بما تفسر هذا الأمر ؟ تتميز كذلك بالتماسك الاجتماعي وغالبا ما تمثل الزراعة مدخولا إضافيا للعائلة النموشية. على ذكر العائلة النموشية، يشتهر النمامشة بزربيتهم التي تعدت شهرتها حدود الجزائر، كيف استطاعت المرأة النموشية أن تبدع أجمل زربية في الجزائر وهي التي لم تقرأ لا الحساب والهندسة ولا الفنون الجميلة؟ رغم أنني من هذه المنطقة الفنانة، إلا أنني دائما أقف أمام زربية بابار وكلي إعجاب وتقدير. المجتمع الشاوي أبدع لأول مرة عندما ولى الملكة الكاهنة على رأس مملكته وهي امرأة. المرأة في تقديري أبدعت زربية فريدة في العالم لكونها تتمتع بذكاء خلاق خصصت كل وقتها في إسعاد أهلها رغم قلة الإمكانيات. الزربية و"الحولي" هما تاج المرأة في منطقتنا. هل من مشاريع كتب في الأفق؟ أنا بصدد كتابة رواية جديدة مشروع في البداية حول تشخيص مأساة بلادنا في شكل قصة. كيف تعيش يومياتك في الغربة ؟ ككل مغترب أحمل معي هموم وطني، أريده أن يكون أحسن، أشعر بالغيرة وأنا أعيش في وطن يقدس فيه المواطن دولته ولا يعبَث بمستقبله، الفرد فيه سيد والموظَف لا يشكر على عمله لأنه يؤدي واجبه لا غير.