فوضى ونهب للعقار ومياه شرب تُحول للسقي بالمجان أساسات محفورة في أعماق الأرض يسابق أصحابها الزمن للوصول إلى مرحلة الطوابق الجميلة وبجانبها مساكن أخرى ارتفعت في زمن قياسي وأصبح البعض منها آهلا بالسكان، فالعمل هناك لم يتوقف ليلا ونهارا للاستيلاء على المزيد من الأراضي الشاغرة حتى وصل الأمر إلى حد الاستحواذ على الأرصفقة والطرقات والفضاءات العامة، حتى الأراضي الزراعية لم تسلم من الفوضى. وظهرت بها إصطبلات ومستودعات عملاقة يكون البعض منها قد ولد بطريقة غير شرعية بعيدا عن قوانين العمران التي جمدت وتنتظر من يأخذ بها ويفرضها على أرض الواقع حتى ولو تطلب الأمر قوة الردع وجر المعتدين إلى أروقة المحاكم، هذا ما وقف عليه والي قالمة العربي مرزوق خلال زيارة العمل والتفقد التي قادته إلى بلديات دائرة هيليوبوليس نهاية الأسبوع 12 ساعة بدون انقطاع كانت كافية لتعرية واقع المدن والقرى وكشف الوجه الآخر لمملكة الفوضى التي تمردت على قوانين العمران وتحول فيها الموظف المدلل إلى بطال يطالب المزيد من مناصب العمل، والفلاح إلى أجير مسجل على قوائم الشبكة الإجتماعية. نهب للأرصفة والطرقات بالفجوج بلدية الفجوج الواقعة على بعد 5 كلم تقريبا غرب هيليوبوليس كانت أول محطة يتوقف بها والي الولاية لتفقد مشاريع سكنية هامة بعضها انتهى والبعض الآخر مازال قيد الإنجاز منها برنامج للقضاء على السكن الهش وآخر تابع لصندوق معادلة الخدمات (أفانبوس) كاننا مكاتب الدراسات حاضرة هناك لتقديم مخططاتها الهندسية الجميلة التي ترسم الصورة المستقبلية للأحياء الجديدة مساحات خضراء، هندسية راقية وفضاءات خارجية ساحرة كانت عروض تقنية بديعة تكشف مدى التناقض الصارخ بين هندسة الكومبيوتر الدقيقة وهندسة الواقع الذي ستؤول إليه تلك احياء عندما تنتهي بها الأشغال وتصبح آهلة بالسكان، وقد حث الوالي مقاولات الانجاز على ضرورة تدعيم الورشات بالوسائل المادية والبشرية لإنهاء الأشغال في الوقت المحدد، مشددا على ضرورة احترام المواصفات التقنية وتمديد ساعات العمل لتدارك التأخر الحاصل بين الورشات وصرح بأن بلدية الفجوج ستسفيد من مشاريع سكنية أخرى في إطار المخطط الخماسي الجاري وذلك للقضاء على السكن الهش وتهيئة الأحياء وتطوير المرافق الخدماتية وتعبيد الطرقات. وعند الانتقال إلى حي لونيس بوقرة لتفقد مشروع التهيئة والتحسين الحضري وقف والي الولاية على إحدى صور التوسع الفوضوي ومظهرا من مظاهر نهب العقار والأرصفة والطرقات وأصدر أوامر فورية لهدم كل بناء فوضوي وفتح الطرقات المغلقة وإعادة الأرصفة إلى وضعها السابق في أسرع وقت ممكن حتى ولو تطلب الأمر أستعمال القوة وجر المعتدين إلى العدالة في حالة اعتراضهم على قرارات الهدم. وقبل مغادرته لبلدية الفجوج استمع الوالي إلى بعض الانشغالات التي طرحها المواطنون في مجالات التهيئة الحضرية، الصحة، التعليم، الرياضة والطرقات والسكن وقال بأن الوضع سيتحسن كثيرا بعد الانتهاء من المخطط الخماسي 2010-2014. اسطبلات مرشحة للهدم غادرنا مركز بلدية الفجوج باتجاه بوعاتي محمود عبر الوطني 80 الرابط بين قالمة وسكيكدة وعلى بعد كيلومترات قليلة من الفجوج أنتبه والي الولاية إلى نشاطات بناء وتسييج مكثف لأراضي زراعية تتوسطها حواجز مائية ومستودعات وحقول للأشجار المثمرة سأل المرافقين له عن شرعية تلك الأسطبلات وما إذا كان أصحابها يتوفرون على رخص بناء وسط الأراضي الزراعية، كانت الأجوبة متضاربة مما دفع بالوالي إلى المطالبة بتقرير مفصل عن الوضع الذي تشهده واحدة من أجود الأراضي الزراعية بالمنطقة مؤكدا بأنه وفي حالة ثبوت عدم شرعية تلك البناءات فإنها ستهدم، وليت الأمر توقف عند تلك المستودعات العملاقة فقط فقد كشف رئيس بلدية بوعاتي محمود أمر آخر أشد خطورة حيث صرح أمام والي الولاية بأن أحد مزارعي تلك المنطقة أصبح يتحكم في قناة مياه الشرب التي تزود سكان بوعاتي محمود انطلاقا من آبار الفجوج وحولها إلى قناة لتعبئة الحواجز المائية التي أقامها هناك مما أدى إلى حرمان سكان بوعاتي محمود من الكميات الكافية من مياه الشرب وعادت أزمة العطش من جديد. وجاء دور مسؤول الجزائرية للمياه لتوضيح الأمر أكثر حيث صرح بأنه تمت متابعة المزارع أمام القضاء لكنه استفاد من البراءة بعد استئنافه للحكم الابتدائي الذي أدانه بمحكمة قالمة الابتدائية مضيفا بأن المزارع أظهر وثيقة وقعتها مصالح الري والدائرة تسمح له بالاستفادة من مياه القناة مجانا ومدى الحياة مقابل تمرير القناة وسط أراضيه الزراعية الواسعة. وقد استغل المزارع هذه الوثيقة ليحول الاستفادة من مياه الشرب فقط إلى استفادة مجانية مدى الحياة من مياه السقي وذهب إلى حد إنجاز حواجز مائية تتغذى بدون حساب من أنبوب العطشى الذين يعانون في صمت ببوعاتي محمود، صدم الوالي عندما سمع تفاصيل القصة المثيرة التي ظلت خفية عن الرأي العام وكانت الصدمة أكثر عندما صرح مسؤول الجزائرية للمياه بأنه لم يتم الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا وصار حكم البراءة حائزا على قوة الشيء المقضي فيه ولا أحد بإمكانه قطع الماء عن سدود المزارع المحظوظ وليذهب سكان بوعاتي محمود إلى جحيم العطش من جديد أو يبحثوا عن قناة أخرى تأتيهم بالماء من بئر آخر أو من سد زيت العنبة العظيم...؟! قرارات فورية لهدم 17 مسكنا وغلق قاعة حفلات وصلنا إلى مشروع 80 مسكنا إجتماعيا ببلدية بوعاتي محمود حالة طوارئ قصوى وسط المقاولين ومكاتب الدراسات الأشغال جارية على قدم وساق أطلع الوالي على سير الأشغال وأعطى التعليمات اللازمة للمقاولين ومكاتب الدراسات وحثهم على الجودة واحترام الآجال وأمر الجهات المشرفة على التوزيع بإعداد قوائم المحتاجين الحقيقيين والتفطن للمتلاعبين الذين يقدمون وثائق مزورة لتغليط الإدارة والحصول على سكن بطريقة غير شرعية مؤكدا بأن البعض من هؤلاء لا يترددون في تقديم كشوف الأجور المزورة وفي هذه الحالة فإن العدالة ستكون مصير هؤلاء وغير بعيد عن المشروع الجديد كانت البناءات الفوضوية، تسابق الزمن مساحات واسعة من مخطط شغل الأراضي تم الإستيلاء عليها في غفلة من مسؤولي بلدية بوعاتي محمود، الوالي وبعين المكان أعطى أوامر بهدم 17 بناء فوضويا مع متابعة أصحابها أمام العدالة وهي بداية للشروع في هدم كل البناءات الفوضوية التي تم تشييدها عبر مختلف البلديات.وتواصلت رحلة اكتشاف الفوضى والنهب بمدينة هيليوبوليس قاعة حفلات غير مرخصة سيتم غلقها وهدم السياج والجدران التي أقيمت حولها بعد الإستيلاء على مساحة أرضية بطريقة غير قانونية