العازف منير بوخضرة يريد إعادة «الفحل» إلى قيادة جوق المالوف يبهر العازف الشاب منير بوخضرة جمهور المالوف و الموسيقى القسنطينية أينما يحل، فهو دائما يتألق بعزفه الرائع على آلة المزمار القسنطيني أو "الجواق" كما يحلو للقسنطينيين تسميتها، حيث سجل حضوره بقوة مع العديد من كبار مغني المالوف و على رأسهم الحاج محمد الطاهر فرقاني الذي يعتبره المعلم الأول والأب الروحي لهذه المدرسة. عن مسيرته الفنية يقول منير(26 سنة) ، المتحصل على شهادة ليسانس في علم النفس، بأنه سعيد جدا كونه استطاع من خلال عزفه أن يرافق ثلة من كبار الفنانين من مدينة قسنطينة ومن خارجها كالحاج محمد الطاهر فرقاني وتوفيق بن طيار اللذين ظهر معهما في تسجيل تلفزيوني سنة 2012، بالإضافة إلى عدة فنانين آخرين كأحمد عوابدية و محمد عبد الرشيد سقني ورياض خلفة وغيرهم، ممن شاركهم إحياء عدة حفلات ونشاطات موسيقية مختلفة. و يكشف بأن أول ظهور له كان مع الفنان سليم فرقاني وفرقته في حصة إذاعية وهو لم يتجاوز 15 سنة من العمر، كما سجل هو ومجموعة من الشباب نوبة قسنطينية من طابع "الزيدان" عندما كان في التاسعة عشر من العمر، وهو حاليا عضو ضمن فرقة الفنان عدلان فرقاني حفيد عميد المالوف الحاج محمد الطاهر الفرقاني. بالرغم من صغر سنه، ترأس منير لمدة خمس سنوات جوق جمعية الفن والأدب لمدينة البليدة التي أسسها الفنان عبد الحفيظ صالحي، حيث تمكن عبرها من إفتكاك المرتبة الثانية في المسابقة الوطنية للمالوف خلال طبعة سنة 2012، وإحياء عدة حفلات في مختلف الولايات باسم الجمعية التي تمرست على يديه الطابع القسنطيني. بهذا الشأن يضيف متحدثنا، بأن جمعيات الموسيقى القسنطينية اليوم لم تعد تلقن الشباب المالوف الذي يتمثل في النوبة الأندلسية، بل صارت عوض ذلك تميل إلى الأنواع الخفيفة والطبوع الدخيلة أو ما يسمى "بالطقطوقات"، مع أن وظيفتها الأساسية هي المحافظة على تراث المالوف والنوبة القسنطينية، كما أنها تدعى إلى المهرجانات والحفلات لتمثيل تراث مدينة الجسور لا لإظهار ما هو ليس لهم. ولذلك هو يدعوهم إلى الالتفات لما تزخر به قسنطينة من رصيد واسع وعدم الاتجاه كثيرا نحو "الاستيراد الموسيقي" لما من شأنه أن يمحق الهوية القسنطينية لموسيقى المالوف كالسماعيات وغيرها، مشيرا إلى أنه ليس ضد الإبداع أو التجديد في الموسيقى ولكنه ضد أن يتم العبث بالأصالة والأساسيات الموسيقية لهذا الفن. ويتميز عزف هذا الشاب بالإتقان والإبداع في ذات الوقت، دون المساس بأصالة الطابع الذي يؤديه حيث يتوسم له كثير من المستمعين الأوفياء لهذا اللون الموسيقي مستقبلا واعدا في المجال الموسيقي وبالأخص كعازف على آلة "الجواق"، فمع صعوبتها استطاع التمكن منها والعزف عليها بشكل احترافي وبأسلوبه الخاص. و يقول عنها بأنها أهم آلة في جوق المالوف والعازف عليها هو قائد الأوركسترا، بالرغم من تغير هذا المفهوم لدى الكثير من الفرق اليوم، فقد صار العازف الأساسي إما بآلة الكمان أو العود العربي أو غيرهما، مع أن الأصل غير ذلك حسبه. كما أن آلة "الجواق" والتي تسمى أيضا ب"الفحل" لا توجد إلا بالمدرسة القسنطينية وهي عكس الآلات النفخية الأخرى من ناحية الثراء الموسيقي ومرونة العزف، حيث يمكنها الانسجام مع مختلف الطبقات الصوتية دون الحاجة إلى استبدالها. وعن مشاريعه الفنية يقول الفنان بأنه بصدد التحضير لألبوم موسيقي سيصدره في الأشهر القادمة، يتكون من عدة مقاطع موسيقية من نوع "الباشراف"، مجسدة في كل من طبع "الذيل" و"السايكاه" و"الزيدان" و"الحسين"، كما اختار مجموعة من الآلات يجب – حسبه - ألا يخلوا منها أي جوق مالوف متمثلة في الدربوكة، النغرات، الطار، الجواق والعود العربي والكمان مع إضافة آلة القانون التي تم تجاهلها كثيرا بالرغم من دورها المهم في إثراء العزف وتاريخيتها بمدينة قسنطينة، بالإضافة إلى انتقائه لعدة عازفين من فئة الشباب ليرافقوه في إعداد هذا المشروع، الذي يقول عنه بأنه سيخلو من أية مؤثرات صوتية أو رقمية، فهو ليس إلا خطوة أولى نحو تسجيل أكبر قدر ممكن من تراث المالوف من أجل المحافظة على المدرسة الأندلسية القسنطينية.