اعتقال الرئيس السابق ساركوزي في قضية فساد تم أمس، في سابقة لم تعرف لها فرنسا مثيلا، اعتقال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ووضعه رهن الحبس على ذمة التحقيق في قضية استغلال نفوذ، و هو أمر لم يحدث من قبل بالنسبة لرئيس فرنسي سابق. بينما كان ساركوزي يستعد للعودة إلى الساحة السياسية، لكن المتاعب القضائية التي تلاحقه في شبهات فساد و سوء تصرف قضت على حلمه السياسي بالعودة من جديد إلى الواجهة في فرنسا. مع بداية يوم تاريخي في حياة الجمهورية الخامسة وصل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي قبيل الساعة السادسة صباحا من نهار أمس بالتوقيت العالمي في سيارة سوداء زجاجها داكن إلى مقر القيادة المركزية للشرطة القضائية في نانتير قرب باريس، حيث يوجد محاميه تييري هرزوغ الموقوف هو الآخر رهن التحقيق منذ يومين، والقاضيان الكبيران في النيابة العامة لمحكمة التمييز جيلبير أزيبير وباتريك ساسوست، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية. ويسعى المحققون للتثبت مما إذا كان الرئيس السابق سعى بدعم من محاميه هرزوغ للحصول على معلومات من قاض كبير حول تحقيق يطاله لقاء وعد بمنحه منصبا مرموقا. كما يتقصى المحققون في إطار تحقيق قضائي فتحته النيابة العامة الوطنية المالية في 26 فيفري لمعرفة ما إذا كان ساركوزي تم تبليغه بصورة غير قانونية من طرف متواطئين معه بخضوعه للتنصت، الذي أقرته الأجهزة القضائية لفائدة التحقيقات الجارية في ملفات الفساد. و قد جاءت هذه التطورات القضائية الدرامية في وقت كان الجميع ينتظر فيه إعلان عودة ساركوزي إلى العمل السياسي حيث سيحاول استعادة رئاسة حزبه الاتحاد من أجل حركة شعبية (معارضة يمينية) الذي يتخبط في أزمة غير مسبوقة نتيجة فضيحة فواتير مزورة. وكان نيكولا ساركوزي قد خرج عن صمته في مارس الماضي لأول مرة منذ فشله في الانتخابات الرئاسية في 2012 ليدافع عن براءته إزاء الاتهامات الموجهة له من قبل القضاء الفرنسي. و في محاولة لإستعادة زمام المبادرة السياسية على رأس حزبه الديغولي، و قال في رسالة وجهها للفرنسيين ونشرتها صحيفة "لوفيغارو" (اليمينية) أنه وقع ضحية مؤامرة لتصفية حسابات، و نفى نيكولا ساركوزي تورطه في قضايا فساد أو استغلال نفوذ، مؤكدا أن "مبادئ الجمهورية أصبحت غير محترمة". على حد ما جاء في الرسالة، كما هاجم الرئيس الفرنسي السابق وبشدة بعض القضاة، لاسيما أولئك الذين فتحوا تحقيقات لتحديد مسؤولياته في عدة قضايا فساد أبرزها ما يسمى بفضيحة "كراتشي" المتعلقة ببيع أسلحة و تلقي رشاوى و عمولات، و علاقاته بالثرية وريثة إمبراطورية مالية ضخمة "ليليان بيتانكور" المتعلقة باستغلال النفوذ، واحتمال تلقيه أموالا من ليبيا في 2007 من أجل حملته الانتخابية، و هي القضية التي فجرها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قبل مقتله في أكتوبر 2011، فضلا عن قضية استطلاعات رأي قام بها الإليزيه بفضل أموال عامة عندما كان ساركوزي رئيسا بين سنة 2007 و حتى سنة 2012، حينما خلف الاشتراكي فرانسوا هولاند ساركوزي في قصر الإيليزيه. يشار أن الرئيس الفرنسي الأسبق، و هو من نفس العائلة السياسية جاك شيراك كان قد واجه متاعب قضائية تتعلق بسوء تسيير و فساد عندما كان رئيسا لبلدية باريس، لكن لم يصل الأمر إلى حد اعتقاله كما حدث مع خليفته نيكولا ساركوزي أمس.