القسنطينيون يفضلون حزم حقائبهم باتجاه تونس و تركيا و مصر استنفذت معظم الوكالات السياحية بقسنطينة حجوزاتها الخاصة بالعطلة الصيفية لشهر أوت الجاري، إذ سجلت هذا العام إقبالا هاما من قبل الراغبين في الاصطياف بالخارج، بالرغم من أن العطلة جاءت جد قصيرة بسبب حلول شهر رمضان في منتصف الموسم،حيث تصدرت كل من تركيا ، مصر و تونس قائمة الوجهات السياحية الأكثر طلبا، فيما انطلقت الحجوزات بداية من شهر ماي الماضي . هذا الاهتمام بالسياحة الخارجية حول الجزائريين إلى صيد دسم تتنافس عليه أهم الوكالات السياحية الداخلية و الخارجية، خصوصا في ظل تزايد عدد الراغبين في الاستجمام و اكتشاف ثقافات العالم، بعدما حولوا اهتمامهم نحو الخارج بسبب ارتفاع تكاليف الإقامة و الاصطياف في الوطن، و بالمقابل تنوعت العروض و الأسعار الملائمة في دول أخرى تقدم سياحة نوعية تجمع بين المتعة و تميز الخدمات بتكاليف جد مقبولة. تكلفة إقامة شخصين لمدة أربعة أيام بفندق أربع نجوم بمدينة عنابة مثلا، تصل إلى 8 ملايين سنتيم ،مع الحصول على حد أدنى من الخدمات ، و هذا المبلغ يعادل تكلفة إقامة شخص واحد بإحدى منتجعات شرم الشيخ الفاخرة بمصر لمدة أسبوع، دون احتساب قيمة تذكرة الطائرة.. الأمر الذي جعل الكثيرين يفضلون دفع الفارق المالي و إختيار الاصطياف في الخارج بدلا من قضاء عطلهم في الجزائر سواء كانوا أفرادا أو عائلات. تونس الوجهة رقم واحد و تركيا تخطف الأضواء بالرغم من توتر الأوضاع الأمنية بتونس، إلا أنها لا تزال تتصدر قائمة الاهتمامات السياحية للقسنطينيين و الجزائريين عموما ، حسبما أكده السيد والباني زهير زين الدين، المدير التجاري لوكالة نوميديا للخدمات و الأسفار بقسنطينة، حيث تتربع مدنها على قائمة طلبات السياح الجزائريين بسبب ملاءمة الأسعار و نوعية الخدمات التي تقدمها فنادقها و مرافقها.علما بأن الأسعار تختلف من وكالة إلى أخرى حسب مستوى الخدمة، إذ تنطلق عروض الإقامة الأسبوعية لشخص واحد بفندق أربع نجوم بتونس من 8ملايين سنتيم حتى 12 مليون فما فوق. تأتي تركيا في المرتبة الثانية من حيث الطلب، إذ تعرف الحجوزات نحوها ارتفاعا ملحوظا خلال كل موسم جديد، فضلا عن تحولها إلى وجهة مستحبة من قبل العرسان لقضاء شهر العسل، حالها حال البقاع المقدسة، و ذلك نظرا لجمالها و تنوع الخدمات السياحية و العروض التنافسية التي تقدمها، ناهيك عن سهولة الحصول على تأشيرة التنقل إليها، فتكلفة إقامة شخص واحد لمدة ثمانية أيام و سبع ليال بتركيا تعادل 12 مليون سنيتم. المبلغ نفسه الذي لا يكفي، حسبه، لقضاء خمسة أيام بوهران أو بجاية بسبب غلاء الأسعار . هذا فيما أكد مسؤول بوكالة « تورينغ أند سرفيس» وجود عروض أقل تكلفة قد تصل حتى 8 ملايين سنتيم للشخص الواحد توفرها الوكالة ،و ذلك مراعاة لإمكانيات كل زبون و عروض الموسم المطلوب أو التخفيضات المطروحة من قبل الفنادق و شركات الطيران. مصر تحولت بدورها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى أهم الوجهات السياحية للقسنطينيين ، إذ تنطلق عروضها الفردية من 6 إلى 8 ملاين سنتيم لقضاء عشرة أيام كاملة مع خصم تكلفة التذكرة المقدرة بحوالي 5 ملايين. و تحدد هذه الأسعار، كما أوضح زهير والباني ،حسب العروض المطروحة من قبل المتعاملين و الفنادق و درجة نشاط الموسم السياحي، مع الإشارة إلى أن الطلب لا يتوقف طيلة السنة و لا يقتصر على موسم الاصطياف فحسب، بالرغم من أن الفترة الممتدة بين شهر جويلية و إلى غاية منتصف سبتمبر تعد فترة الذروة. دبيوماليزيا للمترفين و إسبانيا للاستثمار وفي وقت لا يزال الطلب باتجاه المغرب محتشما، نظرا لارتفاع التكاليف ، يقبل الجزائريون على اكتشاف وجهات جديدة كدبي و ماليزيا وحتى تايوان و تايلندا، خصوصا بالنسبة لفئة المترفين و أصحاب الدخل الممتاز ،القادرين على الإنفاق بسخاء ،على اعتبار أن الأسعار باتجاه هذه البلدان مرتفعة نسبيا ،لكونها تقدم خدمات فندقية جد راقية ونوعية، حيث تصل تكلفة إقامة شخص واحد لمدة أسبوع بفندق ثلاث نجوم بدبي إلى ما يعادل 43 مليون سنتيم خلال فصل الشتاء الذي يعد موسم الذروة ، و تتراجع نسبيا في الصيف لتعادل 40 إلى 39 مليون ،حسب العروض و الخصومات المتوفرة، فيما تناهز 22 مليون للشخص الواحد بماليزيا مع خصم سعر التذكرة. وإذا كانت أوروبا لا تزال وجهة صعبة و تقتصر على المترفين و رجال الأعمال ،بسبب عراقيل الحصول على تأشيرة « شنغن»، فان إسبانيا قد كسرت القاعدة هذا العام حيث استحوذت على اهتمام الكثير من الجزائريين، بالرغم من تكاليفها الباهظة التي قد تصل حتى 32 مليون للشخص الواحد دون احتساب مصاريف التنقل و الخدمات،حيث باتت من أهم الوجهات السياحية للجزائريين بعد انهيار أسعار العقار بها، مما شجع الكثيرين على السفر نحوها لشراء منازل هناك ومن ثم تأجيرها للراغبين في قضاء عطلهم بأوروبا مقابل أسعار مناسبة، وهو ما أكده عدد من مسؤولي وكالات الأسفار بقسنطينة. الجزائر تستقطب الآسيويين مقابل نزوح الجزائريين نحو دول الجوار لقضاء عطلهم الصيفية، تحولت الجزائر مؤخرا إلى قبلة هامة للسياح الآسيويين و بالأخص الكوريين و اليابانيين و حتى الصينيين . إذ زاد اهتمام هؤلاء السياح كثيرا بالجزائر ، حسبما أكده مسؤول وكالة « تورينغ أند سارفيس» بقسنطينة، حيث يعرف حجم التعاملات مع الوكالات الآسيوية تناميا ملحوظا منذ حوالي سنتين، خصوصا خلال موسم الاصطياف، مشيرا إلى أن وكالته وحدها قد أشرفت خلال الموسم الماضي على قدوم ما يزيد عن 760 سائح آسيوي جلهم من كوريا الجنوبية ، و أضاف محدثنا بأنهم يعمدون إلى برمجة جولة مطولة تشمل بلدان الجزائر و تونس و المغرب ، غير أنهم يبدون رغبتهم في إطالة الإقامة أكثر و زيارة المزيد من المدن الجزائرية بمجرد أن تطأ أقدامهم قسنطينة و يبهرون بجمالها . تتفق جل الوكالات السياحية على أن الجزائر بحاجة إلى ضبط سياسة سياحية أكثر مرونة، ناهيك عن تحسين نوعية الخدمات و الفصل بين سياحة رجال الأعمال و السياحة العائلية، خصوصا بالنسبة لقطاع الفندقة الذي يعد الحلقة الأضعف نظرا لغلاء أسعاره مقارنة بمستوى الخدمات، لأنها خارطة الطريق الوحيدة التي من شأنها إعادة بعث السياحة الداخلية و الاستفادة من الأموال الجزائرية التي تصرف بسخاء في الخارج.