تقاتل الصحافيون الفرنسيون أمس على أبواب "صالون الغونكور" من أجل الحديث إلى المتوج فوق العادة، ميشال والبيك، إلى درجة أن الصحافي الشهير برنار بيفو قال أن ما عاشه لم يحدث حتى خلال مقابلات مارسيليا وباريس سان جيرمان. تدافع وقتال من أجل الوصول إلى الكاتب المجنون الذي كان ينظر بعين ساخرة إلى رجال الإعلام الذين لم يصدقوه حين قال قبل سنوات قليلة أنه أهم كاتب على قيد الحياة! وحتى وإن كان تتويج هذا الكاتب بأشهر جائزة أدبية في فرنسا مطعونا فيه، على اعتبار أن هذا النوع من الجوائز لا يعطى عن استحقاق بقدر ما يمنح بمساعي لوبيات، فإن الهالة التي يحاط بها تكشف أن الأدب لم يفقد وجاهته في عالمنا المعاصر وأن الكتابة وإن كانت في جوهرها هي فن العزلة والموت فإنها يمكن أن تُستدعى إلى مسرح التمظهرات وتنافس الفنون الأخرى في المجد.قد يكون ميشال والبيك الوجه الأدبي لفرنسا العنصرية، لكن فرنسا اختارت الأدب لتبرز وجها من وجوهها في نهاية المطاف ومنحت مرة أخرى كتابها من أصل عربي فرصة لقضم الأظافر وإطالة الانتظار، حيث لم يتوج أي منهم هذا العام بأي من الجوائز الفرنسية أو الغربية بعد أن رفعوا سقف الحلم إلى نوبل كالعادة. وبالطبع سترتفع الأصوات المنددة والمشككة والساخطة لكن المشكلة ليست في فرنسا ولا في غيرها، بل في العالم العربي الذي لازال إلى اليوم يدفع بنخبه إلى الاغتراب ويناصبها العداء، ولا زال إلى اليوم يناهض قيم الجمال والحرية في ظاهرة غريبة وشاذة تأبى الانقراض.