كشف باحثون ومختصون عن الدور الذي لعبته وسائل الإعلام والصورة قبل وأثناء الثورة التحريرية. الباحثون الذين استضافتهم النصر في منتداها على مدار يومين (الخميس والجمعة) بمناسبة الذكرى الستين لاندلاع الثورة قدموا، كل وفق مجال اختصاصه، مسحا شاملا لدور وسائل الاعلام، حيث قدمت الباحثة وأستاذة التاريخ فاطمة الزهراء قشي بانوراما للصحافة الجزائرية قبيل اندلاع الثورة، في حين تعرض الصحفي آرزقي حيمر للدور المشبوه الذي لعبته الصحافة الكولونيالية التي كان عملها مكملا للعمل العسكري. أما الصحفي المخضرم زهير إحدادن فقد تطرق للظروف التي تم فيها إنشاء جريدة المقاومة الجزائرية ثم جريدة المجاهد فيما بعد، ورصد أحمد بجاوي الثورة المصورة سينمائيا من خلال سرد قصة الثورة في السينما من أول الأشرطة. أما المؤرخ بن يامين سطورا الذي تحدث عن التأريخ في الصورة فقد أشار إلى صعوبة توثيق الحرب من الجانب الجزائري لأن الحرب لم تكن متكافئة أيضا في مجال الصورة، ونبه إلى أن الفرنسيين لازالوا إلى اليوم ينكرون ما حدث خلال حرب التحرير الأمر الذي يجعل من تحصيل الاعتذار أمرا صعبا. المؤرخ بنيامين سطورا في منتدى جريدة النصر فرنسا لا تزال تنكر جرائمها في الجزائر فكيف تريدونها أن تعترف أو تعتذر قال المؤرخ المشهور بنيامين سطورا أن الكثير من الفرنسيين لا يزالون بعد 60 سنة من اندلاع حرب الجزائر ينكرون حدوث جرائم، و مجازر إبادة و لذلك فهم لا يفكرون مطلقا في الوقت الحالي على الأقل في الاعتراف بجرائم الاستعمار، ناهيك عن الاعتذار للشعب الجزائري عما اقترفه الجيش الفرنسي في حقهم. و قال أنه ينبغي على الفرنسيين أولا الإعتراف و القبول بعدد ضحايا حرب الجزائر، لأن الكثيرين منهم لا يزالون يرونها مجرد أحداث بسيطة لم يسقط فيها مثلما يقول الجزائريون مليون و نصف المليون من الشهداء. سطورا الذي كان ضيفا على جريدة النصر في منتدى تم تنظيمه عشية عيد الثورة التحريرية الستين، قال أن حرب الصورة كانت لصالح المستعمر الفرنسي للمرة الأخيرة في حرب الجزائر ، لأنها في حرب فيتنام بعدها ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية صارت لصالح الثوار الفيتناميين، بينما كانت حرب الجزائر دون صورة " إيقونية" بارزة يتداولها الناس عبر العالم للتعريف بالقضية الجزائرية و حشد التأييد لصالحها، كما جرى في صراعات تالية، معتبرا أن غياب الصورة الإيقونة في حرب الجزائر جعل فرنسا، تتمسك حتى الآن بإنكارها وقوع فضائع خلال تلك الحرب و أشار أن الجيش الفرنسي تدخل لمنع انتشار صورة حقيقية وحيدة ظهرت على صفحات مجلة " باري ماتش" سنة 2003، بعد أكثر من أربعين سنة من نهاية الحرب، مشيرا إلى أن الصورة هي الأداة التي تصنع الوعي الجماعي للحرب و قد غابت عن الفرنسيين بقرار عسكري، رغم أن هناك مئات آلاف الصور عن الحرب في برج قلعة إيفري العسكري بفرنسا و لكنها لم تنشر حتى لا يكتشف الفرنسيون الوجه الحقيقي للحرب في الجزائر. بنيامين سطورا الأستاذ في جامعة باريس13 قال أيضا أن المؤرخين في غياب الوثيقة المكتوبة يمكنهم الاعتماد على الصورة الثابتة أو المتحركة لإظهار حقيقة تاريخية، مشيرا إلى أن حروب الاستقلال التي تنتهج أسلوب حرب العصابات في النصف الثاني من القرن الماضي لا توجد فيها جبهات قتال و بالتالي غابت عنها الصورة و غالبا ما يعمد الجانب الأقوى في تلك الحروب غير المتكافئة إلى إخفاء الحقيقة بحجب الصورة و هو ما فعلته فرنسا في الجزائر. و تطرق سطورا إلى كون تمثيل وقائع الحرب غير صادق لأن عديد الفاعلين في الصراع لم يتعرفوا على أنفسهم في مشاهد أفلام تروي وقائع حرب التحرير و مثال ذلك فيلم الخارجون على القانون لرشيد بوشارب حسب نظرة المؤرخ سطورا الذي يعتبر من أهم المؤرخين لحرب التحرير الوطنية. بينما اعتبر أن صراعات لاحقة في الفيتنام مثلا لم تخضع لهذا المنطق و لعبت الصورة فيها دورا قويا في إنارة الرأي العام، و لم تظهر صورة العربي بن مهيدي عند اعتقاله كصورة إيقونة لحرب الجزائر في وقتها حسب سطورا ردا على ملاحظة أحد المشاركين في منتدى جريدة النصر مما جعلها على نفس المستوى في المخيال الفرنسي مع صورة الجنرال دوغول و هو يرفع يديه عاليا في السماء، لحظة قولته المشهورة " لقد فهمتكم" . و قال سطورا أن الفرنسيين يجهلون عدد ضحايا الحرب فكيف نطلب منهم الاعتراف بوقوع جرائم أو الاعتذار عما حدث خلالها، منبها إلى أن الوجود الحالي لواقعة يمر حتما عبر نشرها عبر التلفزيون و قال أن 10 ثواني من مشاهد صور تلفزيونية عن واقعة يمكنها أن تنسف شهادات عشرين شخصا يروون وقائع عايشوها، منبها أن المؤرخين يجدون صعوبة في التعامل مع مادة تاريخية أساسها الصورة، التي تبقى غير معتمدة كمرجع في البحث التاريخي، لكنه لجأ إليها فيما يتعلق بتاريخ حرب التحرير، ردا على عدم التوازن في مجال الصورة التي تصنع المخيال الجمعي لشعب حيال الصراع. و قال أن الوثيقة المكتوبة مهما توفرت فهي لن تتضمن بأي حال أوامر الجلادين للقيام بالتعذيب أو لا تبرز سحنات وجوههم و هم يمارسون الاستنطاق، و لذلك كانت الصورة مصدرا لتأريخ وقائع حرب لا تزال فرنسا تنكر الكثير من حوادثها، و أحداثها. ع.شابي * تصوير: الشريف قليب السينمائي أحمد بجاوي صور صحفيين أمريكيين حركت الرأي العام العالمي لصالح الثورة الجزائرية اعتبر الأستاذ الناقد السينمائي أحمد بجاوي أن الصور الحقيقية الوحيدة التي انتشرت خلال الثورة التحريرية خارج الرقابة العسكرية الفرنسية كانت لصحافيين أمريكيين يقودهم جون كرافت، و قد أظهرت تلك الصور حقيقة ما يجري من حرب بشعة تقوم بها القوات الفرنسية في الجزائر و ساعد انتشارها كثيرا في تدويل القضية الجزائرية و كسب التأييد لصالحها في المحافل الدولية، زيادة على أعمال مصورين ملتزمين إلى جانب القضية الجزائرية من يوغوسلافيا سابقا. المتحدث قال أن هناك القليل من الصور عن الحرب من الجانب الجزائري، و قد نجح ابن قسنطينة جمال الدين شندرلي في إعطاء شهادة ميلاد السينما الجزائرية من الجبال رفقة عناصر جيش التحرير الوطني و نقل على بساطة العمل الذي قام به مشاهد لعمليات قصف رهيبة حركت الضمير العالمي، و قال أن كاميرا شندرلي التقطت قصفا فرنسيا للمداشر بالنابالم بالصدفة، و نجحت قيادة جيش التحرير الوطني في تمريره رفقة الأشرطة التي قام بتصويرها نحو تونس و منها عرضت في نيويورك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أين كان أخوه عبد القادر شندرلي ممثلا للحكومة المؤقتة للجهورية الجزائرية. و لما قام الصحفي الأمريكي جون كرافت بإلقاء محاضرة في جامعة يال الأمريكية مرددا ما كانت الدعاية الفرنسية تروج له حول ما يجري في الجزائر قام أمحمد يزيد وزير الإعلام في الحكومة المؤقتة بالاتصال به و قال له أنه غير راض عن الموقف، لكنه يتفهمه و دعاه لزيارة الجزائر و الوقوف بأم عينه على ما يجري و نقل الحقيقة بعدها إن شاء كما رآها، و حدث أن تم تنظيم رحلة لما صار يعرف " الدائرة المغاربية" و هي مجموعة صحفيين غربيين نقلوا صورا مدهشة و صادمة عن حقيقة حرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. المحاضر تطرق إلى مواضيع الثورة في السينما الجزائرية و سيناريوهات الأفلام التي كانت من الطاهر وطار في فيلم " نوة" و مولود معمري في " الأفيون و العصا" و " أطفال نوفمبر" لموسى حداد الذي عمل مساعدا للمخرج الإيطالي جيل بونتيكورفو في عمله الكبير " معركة الجزائر" . و سرد بجاوي واقعة سقوط مجموعة جناوي في فخ الجيش الفرنسي، حيث هرب جناوي و فريق صحفي كانوا بعملون بالإذاعة و التلفزيون الفرنسي مع معداتهم محاولين الالتحاق بجيش التحرير و تأخر وصول الدليل الذي يقودهم إليهم 48 ساعة تم خلالها الإخطار باختفاء الفريق الصحفي و التقني و نصب الضابط غودار كمينا لهم في سفح أحد الجبال برمي جثث قتلى و عليها منشورات مزيفة منسوبة لجيش التحرير و لما برز جناوي و رفاقة و شرعوا في التصوير ألقي القبض عليهم. و قال بجاوي أن ذلك حدث قبل التحاق شندرلي بالجبال. مبرزا أن قادة الثورة التحريرية كانوا يواجهون صعوبات كبيرة في تفنيد إدعاءات الاستعمار، و الرد على أكاذيبه، لكنهم وجدوا في التزام مناصرين للقضية الجزائرية، من مصورين و صحفيين غير متحيزين لفرنسا السند القوي، و تأسف لكون السينما الجزائرية بعد الاستقلال لم تتمكن لأسباب مختلفة من نقل الصورة كما وقعت للأجيال الجديدة باستثناء القليل من الأفلام. ع.شابي* تصوير: الشريف قليب الباحثة فاطمة الزهراء قشي في منتدى النصر صحافة الثورة كانت تعددية جريئة ولعبت دورا هاما قبل وبعد 1954 أكدت الباحثة في تاريخ الجزائر و الثورة الأستاذة الجامعية فاطمة الزهراء قشي ، أن الصحافة الجزائرية قبل و إبان الثورة لم تكن صحافة محترفة، لكنها بالمقابل تميزت بالجرأة و الشجاعة فكانت صحافة رأي و نضال صمدت في وجه القمع و الرقابة و عملت على تكريس اللغة ومعلم الهوية الوطنية، كما لعبت دورا أساسيا و كاملا في عملية تنوير الرأي العام بمختلف شرائحه. و أوضحت الأستاذة قشى خلال مداخلة حول الإعلام وثورة التحرير بين 1945 و 1954، قدمتها خلال مشاركتها في منتدى ستينية الثورة الذي نظمته النصر يومي 30 و 31 أكتوبر الماضي، أن صحافة المرحلة وبالرغم من تميزها بالجرأة و الشجاعة إلا أنها لم تحضر بصورة مباشرة للثورة بمعناها السياسي، بل ساهمت في الدفاع عن الهوية العربية و طالبت بالإصلاح و التحرر من خلال آرائها و مواقفها الثابتة، التي لم تتأثر بالمحيط العدواني و الرقابة القمعية حرية التعبير كانت موجودة بصورة مباشرة و غير مباشرة، خلال تلك الفترة رغم صرامة الرقابة حسب الباحثة، إذ أن جميع الصحف التي كانت تصدر قبل و إبان الثورة كانت صحف تابعة لأحزاب الفترة على غرار جريدة " الجزائر الجديدة" للحزب الشيوعي الجزائري سابقا و " الوطن" للإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري و المغرب العربي المسيرة من قبل سعيد زهيري، و " المنار" التي كانت مسيرة من قبل محمود بوزو وهي جرائد تابعة لحزب الشعب و المدافعة عن مواقف المصاليين، بالإضافة إلى جرائد أخرى كالبصائر التابعة لجمعية العلماء المسلمين، وجرائد بلغت في مجملها 23 عنوان يومي أسبوعي و نصف شهرية . كما ركزت الصحف كذلك على تكريس معالم الهوية الوطنية، حيث اختارت الصحافة السياسية الصادرة سنة 1945 مبدأ التعريب و الدفاع عن اللغة من خلال إصدار نسخ بالعربية أو تخصيص صفحات مزدوجة اللغة كما فعل الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري. من جهة ثانية، تميزت صحافة فترة ما بعد اندلاع الثورة بالاتفاق على معاداة الاستعمار لكنها اتصفت كذلك بالشمولية و تعدد الاهتمامات من خلال تغطية الحركات العمالية و الطلابية الوطنية وحتى النشاطات الفنية و الريبورتاجات، فضلا عن متابعة قضايا المغرب العربي، كما كان لإيران و ما يحدث في العالم نصيب من الصفحات التي لم تكن تتعدى آن ذاك 6 إلى 8 و تصب في مجملها في قضية التحرر. وحسب الباحثة فإن أهم أقلام تلك المرحلة على غرار البشير الإبراهيمي و عبد الحميد مهري و رضا حوحو، ركزت على إبراز مواقفها من التطورات الإقليمية وإسقاط ما يحدث في الجوار على الواقع الجزائري و إمكانيات تأثيره على مجريات النضال ، حيث أخذت أحداث اغتيال النقابي التونسي فرحات حشاد، إضراب طلبة جامع الزيتونة و وفاة منصف باي بتونس و الثورة المصرية، فلسطين و حركات التحرر حيزا كبيرا من الإهتمام. فقد خصصت البصائر مقالات مكثفة حول نفس المواضيع واستندت مقالات جريدة المنار إلى صور و بيانات كما نشرت مراسلات رسمية عديدة، و قدمت صوت الشعب الشيوعية مقالات لجمال عبد الناصر يؤكد من خلالها استقلال الجزائر عن فرنسا. وبخصوص الرقابة الفرنسية على الإعلام المكتوب خلال تلك الفترة فقد أوضحت البروفيسور قشي بأن عددا من الصحف تعرضت للتوقيف التعسفي او الحجز من قبل سلطات المستعمر بعد مجازر 8 ماي كما حدث مع جريدة المساواة، و جريدة " الجزائر حرة" لحزب الشعب الجزائري-حركة انتصار الحريات الديمقراطية، التي كانت محظورة غداة اندلاع الثورة المسلحة، بالمقابل توقفت صحف أخرى لأسباب مادية أو بقرارات إدارية لأنها رفضت أن تكون منبرا للقرارات الإدارية مثل جريدة البصائر. الفترة ما بين جانفي 1954 و أكتوبر 1953 كانت كذلك قد عرفت نوعا من الفراغ بالنسبة لبعض الصحف التي توقفت أو أوقفت عن النشر قبل أن تعود بعدها للصدور تحت تسميات غالبيتها جديدة. و أوضحت الأستاذة و الباحثة بأن عملية التأريخ تعد جد صعبة بسبب نقص المصادر و صعوبة الوصول إليها أو الاضطلاع على بعضها، ما يفسر نقص الأبحاث و الدراسات، و يفرض بالمقابل أهمية ملحة للمطالبة باسترجاع أرشيف الجزائر من فرنسا، أو الحصول حق الاضطلاع على أرشيف الجيش الفرنسي لمعرفة الحقائق. بالمقابل أثيرت خلال النقاش الذي عقب مداخلة البروفيسور قشي، قضية قدرتنا على الحفاظ على هذا الأرشيف في حال استرجاعه، كما تطرق المتدخلون إلى نقاط أخرى على غرار مسالة الإعتراف و الإعتذار. ن/ ط* تصوير: الشريف قليب ابنة الصحفي الفرنسي "سارج ميشال" في فوروم "النصر" والدي كان أول من استبدل الأعلام الفرنسية بالجزائرية بالعاصمة قالت ماري ميشال ابنة الصحفي الفرنسي سارج ميشال المدافع عن القضية الجزائرية، أن والدها كان أول من استبدل الأعلام الفرنسية بالجزائرية من على المباني الحكومية، و ذلك مباشرة بعد الإعلان عن الاستقلال بالعاصمة.. السيدة ماري ميشال حاولت تقديم نبذة عن المسيرة النضالية لوالدها، الذي كرس حياته خدمة للجزائر و لم تتعرف على تاريخه إلا سنة 1997، لأنه مات بعيدا عن عائلته لانشغاله في الدفاع عن القضية الجزائرية، حيث قالت في فوروم يومية "النصر" أن سارج ميشال كان مواطنا عالميا قبل أن يكون جزائريا لتضامنه مع مظلومي العالم، إذ بدأ في الكتابة عن الحركات التحررية بالقارة الافريقية و الجزائر، التي دخلها أواخر الأربعينات أو بداية الخمسينات، أين قدمه صحفي سويسري من جريدة "لاغازيت دو لوزاني" لفرحات عباس ثم اتصل بعلي بومنجل و أصبح من تيار الوطنيين. سارج ميشال اشتغل بعد ذلك كسكرتير تحرير بجريدة "لاريبوبليك آلجيريان" و كرسام كاريكاتور ناقد للسياسة الاستعمارية، قبل أن يقرر في شهر نوفمبر من سنة 1954 لدى حجز الجرائد الوطنية، الإشراف على مطبعة تابعة لدار النشر "ايتراكت" بحي باب الواد، لكنه هرب سنة 1955 بعد تهديده بالتوقيف و عاد لفرنسا بطريقة شرعية ثم اتجه نحو سويسرا للعمل في طبع الكتب، و بعد ذلك سافر لتونس سنة 1957 و التحق بفريق المجاهد، أين عمل في الحصة الاذاعية "صوت الجزائر" ثم ككاتب سيناريو في الافلام الثورية. و قد عمل سارج ميشال كمستشار عسكري و قانوني و إعلامي لدى ب "باتريك لومومبا" رئيس الكونجو ثم عاد لتونس و ساهم في تأسيس وكالة الأنباء الجزائرية، في 4 جويلية 1962 دخل الجزائر و أوكلت له مهمة استرجاع المباني الحكومية و المطابع بوضع العلم الجزائري بدل الفرنسي، ثم التحق بفريق يومية الشعب و أسس مع محمد بوضياف أول جريدة مسائية هي " الجزائر هذا المساء" ، كما ساهم في تكوين سينمائيين و صحافيين و في إعداد أفلام جزائرية مثل "حرب الجزائر". ياسمين بوالجدري* تصوير: الشريف قليب الباحث و الإعلامي أرزقي حيمر في منتدى النصر الصحافة الكولونيالية كانت جندي احتلال إضافي قال الباحث و الصحفي محند أرزقي حيمر أن الفرنسيين وظفوا الصحافة الكولونيالية كسلاح لتعزيز الكيان الاستعماري و لم يترددوا في استعمالها إلى جانب المدفع للدعوة إلى إبادة الجزائريين و تشويه صورتهم، و ذلك رغم ظهور عناوين كانت تطالب بحقوق " الأهالي" لكنها قوبلت بحملات تضييق شرسة. و في محاضرة ألقاها خلال منتدى جريدة النصر، قال محند أرزقي حيمر و هو صحفي بهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" و متخصص في تاريخ الصحافة، أن الصحافة الاستعمارية كانت أداة دعائية لخدمة المستعمر و تحقير الجزائريين، و ذلك بداية من "ليستافيت دالجي" و هي أول جريدة نشرت بالجزائر من سيدي فرج يوم 25 جوان 1830، حيث كانت موجهة للجنود الذين جلبوا معهم آلات طباعة و استعملوها لنشر "إنجازاتهم" المزعومة، قبل صدور عشرات العناوين التي كانت تنشر انطلاقا من العديد من المدن الجزائرية. و قال السيد حيمر أن الصحافة الكولونيالية لعبت دورا هاما في إطالة عمر الاستعمار و ممارسة القمع ضد الجزائريين، مقدما مثالا عن جريدة " لانفورماتور آلجيريان" التي قدمت نفسها للقراء على أنها جندي إضافي في صفوف الجيش الفرنسي، كما أن بعض الصحف كانت تحدد الضحايا و المناطق التي ترى أنه يتوجب استهدافها من قبل المستعمر، و تطالب من خلال مقالاتها بإبعاد الجزائريين نحو الجبال، و قد مثلت الصحافة الكولونيالية آنذاك جميع الاتجاهات السياسية و الدينية و حتى الثقافية و الرياضية، و ذلك ضمن عشرات العناوين الصادرة من المدن الجزائرية، إذ استعملت إلى جانب المدافع و حتى الدين خدمة لمصالح المستعمر، إلى درجة أن أسقف الجزائر اعتبر إنزال سيدي فرج في 14 جوان "الأيام الجميلة لفرنسا" . و كشف المُحاضر أن الصحافة الاستعمارية لم تنشر طيلة 40 سنة كلمة "جزائري" على صفحاتها، إذ غالبا ما تعوضها بكلمة "أهالي"، كما كانت صحافة حكومية و عسكرية رؤساء تحرير بعض عناوينها ضباط، على غرار"ليستافيت دالجي" و جريدة "الخبر" و "المباشر" ، و قال الباحث حيمر أن الجريدة المحلية الكولونيالية " بروغري دو سيدي بلعباس" كانت تدعي أن الكولون هم من يقتلون و يعاملون بطريقة سيئة من قبل " العصابات الجزائرية" أما جريدة "لوبوتي كابيل" بتيزي وزو، فقد طلبت من العسكر في إحدى مقالاتها بأن لا يبيد جميع الجزائريين لأن الأوروبيين في حاجة إلى من يخدم الأرض. بالمقابل تحدث الإعلامي حيمر عن ظهور عناوين دافعت عن "الأهالي" كما سمتهم آنذاك، لكنها لم تطالب يوما بخروج الاستعمار بل ببعض الحقوق لفائدة الجزائريين، و ذلك على غرار جريدة "المنتخب" سنة 1882 ثم " النصيح" سنة 1893 و صحيفة " الحق" ، التي قوبلت بحملة رفض شرسة من قبل الصحافة الكولونيالية و مُنع بيعها في الشوارع، كما أن أعدادا قديمة منها سُحبت من المنازل، رغم أنها كانت تطالب بالعدالة و بحقوق الجزائريين دون التطرق إلى مطلب الاستقلال، لتأتي بعد ذلك أهم مرحلة في تاريخ الصحافة الجزائرية الوطنية إبان الاستعمار و ذلك منذ بداية الثلاثينات، بظهور جرائد عديدة من بينها "المصباح" "الراشدي" "الإقدام" "البلاغ" " الشهاب" و غيرها. ياسمين بوالجدري* تصوير: الشريف قليب أستاذ تاريخ الإعلام الكاتب زهير احدادن الدعاية كانت سلاح صحافة الثورة للدفاع عن المبادئ و تأكيد المواقف تحدث أستاذ تاريخ الإعلام، الكاتب و المؤرخ و الصحفي زهير احدادن خلال نزوله ضيفا على منتدى النصر بمناسبة الذكرى الستين لاندلاع الثورة، بإسهاب عن دور الصحافة في الدفاع عن مبادئ و إيديولوجيات الجبهة الوطنية، مؤكدا بأن " الجاهد" و " المقاومة الجزائرية" كانتا بمثابة صوت الثورة ولسان حال قادتها، حيث استخدمت الدعاية كسلاح للدفاع عن حق الجزائر في الحرية و التنديد بسياسيات القمع و التعذيب الإستعمارية. و أكد البروفيسور أن الفترة ما بين 1954 وحتى جوان 1956 عرفت نوعا من الفراغ من ناحية الصحف، بعد توقيف المستعمر لجريدة " لالجيري ليبر" عقب اندلاع الثورة ، إذ مثلت المنشورات الوسيلة الإعلامية الوحيدة للثورة، قبل أن تسن جبهة التحرير الوطني في نوفمبر من نفس السنة قرارا بإنشاء صحف تابعة للثورة من بينها " المقاومة الجزائرية " ، التي بدأت في فرنسا و بعدها تونس و تطوان، و من ثم " المجاهد" . الجريدة حسب المؤرخ، صدرت لأول مرة بالعاصمة في جوان 1956 تحت إشراف من قادة الثورة عبان رمضان و العربي بن مهيدي، حيث كلف بإصدارها كل من يوسف بن خدة و سعد دحلب و عبد المالك تمام. استقرت لجنتها المركزية بشارع تيليملي 192 بإحدى عمارات المناضلين، إذ اختير لها الطابق الأرضي كمقر لها، لكون الطابقين العلويين كانا مشغولين من قبل فرنسيين،ما يعد تمويها، غير أن عملية الطبع كانت تتم في أماكن أخرى بإشراف من إبراهيم سعدي، الذي كان مسؤولا على آلة الروليو المخفية بإحدى مطاحن البن بدار بني ونيش في القبة. وقد طبعت أعدادها السبعة الأولى قبل أن يتم إيقافها عند العدد السابع تحديدا وهو العدد الذي لا يزال غير معروف إلى غاية اليوم، بعدما حجزته السلطات الفرنسية غداة توزيعه بالمنطقة المعروفة حاليا بواد كنيس . في خضم حديثه عن جريدة المجاهد الناطقة بالفرنسية و التي كان أحد محرريها، أفاد الأستاذ زهير احدادن ، بأن الجريدة و بعد حظرها في الجزائر، عادت لتطبع وتوزع بداية من20 أوت 1957، بكل من تطوان بإشراف من محمد الميلي و فرانس فانون. موضحا بأن الطابع الدعائي لهذه الجريدة كان بمثابة خط هادف إلى تكريس مبادئ المقاومة و إبراز سياسة و مواقف الثورة وفي نفس الوقت مهاجمة المستعمر و التنديد بممارساته. و قد لعبت الجريدة دورا هاما من خلال الدفاع عن قضية الشعب الجزائري عن طريق تخصيص ربع صفحاتها لنقل العمليات العسكرية لجبهة التحرير الوطني و نشر وثائق الثورة و وصف أحداثها بدقة، بالإضافة إلى صنع دعاية قوة لنشاط قادة الثورة و جهود دبلوماسييها في الخارج، فضلا عن تحليل المقالات و المواقف الفرنسية من خلال الأفتتاحية التي كانت تخطها أقلام رضا مالك أو فرانس فانون. مداخلة الأستاذ احدادن عرفت إشارة إلى جملة من الأحداث التي صنعت تاريخ الصحافة إبان الثورة و حددت معالمها، على غرار اجتماع المجلس الوطني للثورة في آوت 1957 الذي يعتبر هزيمة سياسية لعبان رمضان قلصت صلاحياته و أعنت بداية المرحلة الثالثة للجريدة التي عادت للصدور من تونس إلى غاية الإستقلال. مشكلة الطبعة العربية للجريدة طرحت كذلك كسؤال لم يجد إجابة إلى غاية الآن خصوصا في ظل تضارب الآراء حول وجود طبعة من المجاهد كانت معربة لا تزال مفقودة إلى غاية اليوم. كما جرى الحديث كذلك عن الطبعات المزيفة من الجريدة و يتعلق الحديث بأربعة أعداد من 63 ، 64، 65، حيث كانت النماذج الأولية ترسل من تونس إلى تطوان عن طريق الطائرة، فاستغل الفرنسيون محطة الجزائر لسرقة النماذج الأولية و طبعها مزيفة و محرفة، قبل إرسالها إلى تطوان لتطبع في مطابع جريدة العالم ، وظل الأمر كذلك لغاية اكتشاف الخدعة من قبل مكتب نيويورك. ن/ ط* تصوير: الشريف قليب جريدة النصر كرمت مجاهدين و المشاركين في منتدى "الإعلام و ثورة التحرير" كرمت جريدة النصر في ختام المنتدى الذي نظمته تحت عنوان الإعلام و ثورة التحرير يومي 30 و 31 أكتوبر 2014، عشية الذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير عددا من المجاهدين و رموز الكفاح من أجل القضية الوطنية، و كذا المشاركين في المنتدى من أساتذة جامعيين و باحثين. التكريم بدأه مدير عام جريدة النصر العربي ونوغي بدعوة المجاهد صالح عبيد المعروف بكنية "صالح لاندوشين" إلى المنصة و تكريمه قبل أن يطلب منه تسليم التكريم الذي منحته جريدة النصر للمشاركين في المنتدى. و كانت المجاهدة كواسي صفية من أوائل المكرمين، و هي إضافة إلى مشاركتها في حرب التحرير، زوجة المصور محمد كواسي الذي كان مصورا بجريدة المجاهد و تحتفظ بأرشيف كبير و مهم من الصور عن ثورة التحرير، كما أنها قريبة زبير بوعجاج أحد اعضاء مجموعة ال22 التاريخية و الذي تم هو الآخر تكريمه من قبل جريدة النصر في احتفاليتها بعيدها الخمسين منذ عام تقريبا، و قبل أن يتخطفه الموت ، حيث رحل عن عالمنا قبل أشهر قليلة. كما تم بالمناسبة ذاتها تكريم زهير إحدادن الذي عمل بجريدة المقاومة الجزائرية التي صارت لسان حال جبهة و جيش التحرير الوطني أيام الثورة في كل من تونس و تطوان بالمغرب، و المؤرخ بنيامين سطورا من جامعة باريس 13، و الأستاذة الباحثة بجامعة قسنطينة 2 فاطمة الزهراء قشي و حيمر محند أرزقي الإذاعي و مسؤول مكتب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في الجزائر، و ماري جوال راب الروائية و الصحفية ابنة صديق الثورة الجزائرية سارج ميشال و الأستاذ الباحث بجامعة الجزائرأحمد بجاوي و الأستاذ عبد المجيد مرداسي من جامعة قسنطينة3، و قد أثنى المشاركون في المنتدى و المكرمون من المجاهدين على مبادرة جريدة النصر و اعتبروا المنتدى فرصة ثمينة سمحت لهم بالتطرق لمواضيع تاريخية إعلامية ذات أهمية كبيرة للباحثين و الصحفيين و طلبة الإعلام.