عمال النظافة يعملون بأياد عارية و يواجهون معاملة سيئة من مواطنين يطرح عمال النظافة بمدينة قسنطينة الكثير من المشاكل التي يزاولون فيها نشاطهم اليومي و التي تجعلهم يقومون بعملهم في ظروف خطيرة كغياب وسائل العمل والألبسة الواقية ، إضافة إلى انعدام المراقبة الطبية، كما تحدث العمال عن صعوبات لها علاقة بالمعاملة السيئة لبعض المواطنين. ذلك ما وقفنا عليه عند تقصينا لدى بعض ممتهني هذا العمل و الذين سردوا لنا جزء من المشقة و المخاطر التي تفرضها هذه المهنة، ما لاحظناه و لفت انتباهنا عند متابعتنا لأعوان النظافة أثناء قيامهم بعملهم، و انطبق مع كلامهم أيضا، هو حجم الخطر المحدق بهم في غياب أدنى شروط السلامة، بداية من الطريقة التي يتنقلون بها على شاحنة جمع القمامة حين يركبون على حافة ضيقة من الخلف و يتشبثون بعمود طيلة الساعات التي يقضونها في العمل. و هي نفس الطريقة مهما كانت الظروف و حالة الطقس سواء ليلا أو نهارا صيفا أو شتاءا تحت أشعة الشمس أو الأمطار الغزيرة، و في أغلب الأحيان فإن عامل النظافة لا يرتدي زيا خاصا، و إنما لباسا عاديا كحذاء و بذلة رياضيتين، و يقوم العمال بالتقاط و جمع القمامة بأيديهم العارية و في معظم الأحيان دون أن يرتدوا قفازات واقية ،رغم أنهم يصادفون جميع أنواع النفايات المنزلية و الصلبة و أحيانا تكون أشياء حادة كالزجاج أو شفرات الحلاقة، كما أنهم لا يضعون أقنعة واقية من الروائح الكريهة. أعوان النظافة التابعين لبلدية قسنطينة الذين تحدثنا إليهم ،أكدوا بأنهم لم يتلقوا أي لباس خاص بالعمل منذ عدة سنوات، و حتى بعض الأشياء الضرورية كالأحذية الواقية و القفازات، يقومون بشرائها بأموالهم الخاصة، و الأخطر من ذلك، كما تحدث أحدهم، غياب تام للمراقبة الطبية حين قال بأنه لم يخضع لأي فحص طبي و لم يتلق أي لقاح منذ أزيد من 6 سنوات، و هي فترة طويلة تعرض خلالها لعدة حوادث في العمل و تعرض أيضا للمرض، و أردف قائلا بأنه و في حالة وقوع حادث للعامل فإنه يضطر للتنقل إلى المستشفى بإمكاناته الخاصة و دون أي تدخل من مسؤوليه في العمل. يضاف إلى ذلك ما يسميه العمل بسوء المعاملة التي يتلقونها من بعض المواطنين الذين ينظرون بعين «الاحتقار» لهؤلاء العمال حسبما عبر عنه أحدهم، قائلا «بعض الناس و كأننا عبيد لديهم لا يعاملوننا باحترام و كأننا أدنى طبقة منهم، كثيرا ما يعيقون عملنا، حتى أن طريقة رمي القمامة تتم عشوائيا» وأضاف، «البعض يركن سيارته في طريقنا و لا يسمح بمرور الشاحنة و أحيانا قد ندخل في خلافات من أجل ذلك»، و قد أوضح أحد العمال بأنه يعمل منذ 18 عاما كعامل نظافة بالبلدية و هو على مشارف التقاعد، إلا أن أجره الشهري لا يتجاوز 28 ألف دج، و هو أجر زهيد مقارنة بالسنوات الطويلة التي قضاها في هذا العمل. خلال قيامنا بهذا العمل استوقفتنا حالة أحد العمال الذي كان قد أنهى عمله لتوه و عاد إلى مقر المؤسسة مع سائق الشاحنة التي كانا يعملان عليها، و قد كان الجو ممطرا و البرد شديدا، لم يكن يرتدي سترة واقية من المطر و كانت يداه عاريتين و متسختين كثيرا، و لباسه كان مبللا، مما كان يدل على أنه عمل طوال الساعات الماضية تحت المطر و البرد القارص، أردنا التحدث إليه و سؤاله حول ظروف العمل لكنه اعتذر عن الإجابة بمجرد أن عرف بهويتنا. للتذكير فقد وقعت عدة حوادث قد خلال السنوات الماضية راح ضحيتها أعوان نظافة، و منها حادثة وفاة تعرض لها أحد العمال الذي دهسته شاحنة جمع القمامة التي كان يعمل عليها. نائب رئيس بلدية قسنطية المكلف بالنظافة، قال بأنه و منذ إشرافه على هذا القطاع و هو يعمل على تحسين ظروف عمل أعوان النظافة و توفير كافة الإمكانات الضرورية سواء مع مؤسسات النظافة التابعة مباشرة للبلدية أو حتى المؤسسات الخاصة التي تعمل بترخيص من البلدية، و التي استحدثت حسبه للتخفيف من الضغط على عمال البلدية. و قد أوضح من خلال حديثه بأنه يعمل حاليا على توفير اللباس الضروري أثناء العمل من حذاء و بذلة و قفازات لكافة العمال، و الذي سيكون حسبه جاهزا للتوزيع على الأعوان خلال أيام قليلة، كما أكد أن المراقبة الطبية أمر جد هام لصحة العمال و بأنه سيعمل خلال الأيام المقبلة بالتنسيق مع رئيس المجلس الشعبي البلدي على توفير مراقبة طبية دورية لأعوان النظافة.