ملف المفقودين في الدول العربية يطرح بقوة في مهرجان وهران قال المخرج اللبناني بهيج حجيج أن ملف المفقودين معاناة موجودة في عدة دول عربية، و لكن لا نستطيع كسينمائيين أن نغوص في الأسباب أو نعطي الحلول لهذه المشكلة بل "نحن نسلط الضوء على النتائج" و نعطي للفيلم بعدا اجتماعيا. أثار فيلم "شتي يا دني" اللبناني نقاشا حادا بين المخرج و الصحافة و الجمهور عقب عرضه أول أمس، كونه تطرق لملف قريب من الجزائريين وهو ملف المفقودين.ولكن المخرج بهيج حجيج ركز في رده على التساؤلات بأن السينما لا تعطي حلولا و إنما تعالج الواقع برؤية إجتماعية ، مثل فيلمه الذي عالج 3 حالات لأسر المفقودين . وهي حالات حقيقة ،حيث فقد أحد أفرادها فتغيرت حياتهم ، منها الأم جوليا قصار التي أختطف ولدها ،و خلال فترة 9 أشهر من اختطافه ، كتبت عن لحظات غيابه في يومياتها ، و عبرت له عن اشتياقها له و انتظارها لعودته . و من شدة الألم و التأثر بالفراق أخذت الأم آخر صور لها ووقعت آخر رسالة لإبنها ثم انتحرت . و حسب المخرج فهي أول شخص ينتحر من عائلات المفقودين.المعاناة الثانية كانت ببيت "ماريا" التي عاد زوجها بعد 20 سنة من الغياب كونه كان مختطفا ،ورغم فرحة العودة إلا أن حياة الأسرة إنقلبت إلى مأساة ، كون العائد مصاب باضطرابات عصبية بسبب التعذيب و أمراض تنفسية منها الربو بسبب برودة السجن .و يصطدم بهوة كبيرة بينه وبين ولداه اللذان صعب عليهما التعود عليه بينهم رغم ما قامت به الأم الوفية لزوجها .و تتلخص الحالة الثالثة في حياة "زينب" التي فقد زوجها بعد أشهر قليلة من زواجهما ، و مدة 20 سنة و هي تنتظر وحدها إلى أن ظهر صديق المفقود العائد الذي غير حياتها ، و أعطاها أمل في عودة زوجها الذي كان معه ، رغم أنه لا يتذكره لما يعانيه من اضطراب ،إلى غاية مرضه المفاجئ حين يعلمها بأنه تذكر زوجها الذي مات من شدة التعذيب . حاول المخرج من خلال هذه الحالات المختارة عرض لبنان بكل اختلافاته و التركيز على وحدته عندما صور القاسم المشترك الذي يجمع هذه الأسر في معاناة واحدة، رغم اختلاف الديانة بين الأسرة المسلمة و المسيحية.و ختم فيلمه بأمطار الشتاء التي قال بشأنها أنها فأل خير ربما لإنفراج هذا الملف و تحسن الوضع في لبنان خاصة .من جهة أخرى أكد المخرج للنصر أنه سيتفرغ لإنجاز فيلم عن فترة التواجد الفرنسي في لبنان ، باعتبارها فترة مهمة في تاريخ بلده كونها لا تنعكس سلبا على الواقع الحالي من خلال ما خلفته في جميع المجالات .نفس التنوع كان بفيلم محمد الدراجي من العراق "إبن بابل" الذي تناول قضية المفقودين فترة ما بعد صدام ، و قساوة المعاناة في ظل الحرب . و لكن ما يؤخذ على الفيلم هو تركيزه على ماقام به صدام أكثر من تركيزه على بشاعة ما اقترفه الأمريكان في العراق. و هي الملاحظات التي قدمها الجمهور الذي تابع الفيلم حتى ساعة متأخرة.و لكن المنتج الذي عوض المخرج رد بأن تركيز الفيلم كان على الأكراد خاصة الذين عانوا من نظام صدام و هذا لم يمنع إظهار معاناة شعب العراق بكل اختلافاته الدينية و الطائفية بإبراز القاسم المشترك بينهم في البحث عن مساجين صدام بعد سقوط نظامه و عن المختطفين .و أشار لصعوبات إنتاج هذا الفيلم حيث قال أنه أنجز في مدة 4 سنوات و اشترك في تمويله معظم الدول العربية منها الجزائر التي شارك عبد القادر عاشوري فيها بالموسيقى .والفيلم يحكي قصة طفل كردي كان والده في السجن منذ 12 سنة و بعد سقوط نظام صدام قرر إبنه البحث عنه برفقة جدته ، حيث انتقلا إلى بابل أين وجدا عالما آخر، من قتلى وجرحى و جنود أمريكيين يملؤون الشوارع ، و نساء تنوح على فقدان أحد أفراد أسرتها و دوامة تغرقهما في محاكاة الوضع في العراق ما بعد صدام .علما أن تصوير الفيلم كان بمناظر طبيعية كون الميزانية لم تسمح بإنجاز ديكور و بالتالي خاطر الممثلون بأنفسهم.