شكلت الاحتجاجات الفئوية التي أعلنت عن انضمامها إلى المظاهرات المطالبة "برحيل" الرئيس مبارك تطورا نوعيا في الأزمة التي تعيشها مصر مما " ينذر بجمعة "عاصفة" أو جمعة "الزحف" دعت إليها الحركات الاحتجاجية لإسقاط النظام. ولم يكترث المتظاهرون الذين يواصلون اعتصامهم لليوم ال 16 بوسط القاهرة بحزمة الإجراءات التي أعلن عنها نائب الرئيس المصري عمر سليمان في خطوة جديدة لتهدئة الاحتجاجات. وعرف ميدان التحرير يوم الثلاثاء "أضخم" مظاهرة "مليونية" تعد الثالثة خلال أسبوعين لتجديد المطالبة برحيل الرئيس مبارك عن السلطة ورفضهم خريطة الطريق التي أعلنها عمر سليمان التي تمهد لتسليم السلطة بسلاسة. ويعتبر المحللون أن طرفي الأزمة دخلا في تحد يسعى كل واحد ترسيخ قواعده. ويحاول المتظاهرون والقوى المعارضة من خلال هذه المظاهرات "تحديد آليات التعامل" مع الأزمة حيث يتشكك كثيرون منهم في جلسات الحوار وفي تحركات الحكومة. وقال أحد النشطاء في حركة احتجاجية سمير مينا لواج أن "النظام لم يقدم لنا ضمانات تؤكد انه لن يحاول التراجع عن الإصلاحات والمكاسب المحققة". في حين بدت أركان الحكم أنها تقدم تنازلات تلوى الأخرى يوميا اعتبرها عمر سليمان بأنها استجابة من الرئيس مبارك لمطالب الشباب وانه حقق منها الممكن في الإطار الزمني المتاح. وكان سليمان قد أكد أمس تكليف الرئيس له بتشكيل ثلاث لجان للتعديلات الدستورية وتقصي الحقائق والمتابعة مشيرا إلى أن مصر " أمام خيارين لاثالث لهما فأما الحوار والتفاهم بخطوات تتعلق بالوصول إلى برنامج عمل مستمر أو انقلاب من قوى داخل المجتمع" . وأكد مطالبة الرئيس بعدم ملاحقة الشباب المتظاهر أو التضييق عليهم أو مصادرة حقهم في حرية الرأي والتعبير. ويتوقع الملاحظون أن انضمام فئات جديدة إلى جموع المحتشدين منهم أطباء ومحامون وفنانون وأساتذة جامعيون سيجعل يوم الجمعة المقبل "حاسما" وسط دعوات بالزحف إلى القصر الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة وكذا التظاهر في مختلف الميادين والشوارع وعدم قصر الاعتصام على ميدان التحرير. وبالفعل فقد ذكرت تقارير إعلامية أن معظم القطاعات في أنحاء مصر تشهد موجة احتجاجات واعتصامات وترفع شعارات منها ما هو سياسي وماهو مطلبي. وأبرز هذه الاحتجاجات تلك التي قام بها أعضاء هيئة التدريس بالجامعات عندما خرجوا في مسيرة حاشدة من حي المنيل إلى ميدان التحرير لتأييد المطالب الشعبية ودعم المعتصمين بالميدان والمطالبة برحيل النظام ومحاكمة رجاله. وأشارت التقارير إلى امتداد نيران "ثورة التحرير" إلى العديد من القطاعات العمالية منها قطاع الصحة وموظفي البريد والصحافة وقطاع الثقافة وبعض عمال الصناعات الغذائية والنسيج والنظافة .... وغيرها. وفي تطور جلي في المظاهرة "المليونية"الثالثة توسيع المحتجين اعتصامهم لاحتلال الشارع الذي يقع فيه البرلمان (مجلس الشعب) ومجلس الوزراء. وقد تمكن أكثر من ثلاثة آلاف متظاهر من احتلال الشارع الذي يقع على بعد 300 متر من ميدان التحرير ورفعوا لافتة على بوابة المجلس مكتوب عليها "مغلق حتى إسقاط النظام". كما رفعوا لافتة على بوابة مجلس الوزراء الذي يقع على الناحية المقابلة كتب عليها "الشعب أسقط النظام". وقد نشر الجيش المصري صباح اليوم الأربعاء قوات إضافية بشارع القصر العيني ومجلس الشعب وذلك لحماية المنشآت والمتظاهرين الذين أعلنوا بدء اعتصام مفتوح منذ مساء أمس أمام المجلس للمطالبة بحله فيما بدأ المتظاهرون يوما جديدا من الهتافات مع بداية الصباح. كما لوحظ الظهور "اللافت" لأعضاء قوى من المعارضة وللفنانين والإعلاميين وكذا دعاة في الوقت الذي بدا فيه المتظاهرون محاولات تشكيل ائتلاف يمثل شباب ثورة ال 25 جانفي يضم ممثلين عن حركات "شباب 6 افريل" و"العدالة والحرية" و"الحملة الشعبية لدعم البرادعي" و"شباب حزب الجبهة الديمقراطية" ... بالإضافة إلى مستقلين لاينتمون إلى أية تيارات سياسية أو احتجاجية. ويهدف هذا الائتلاف حسب ناشطي هذه الحركات إلى اختيار 20 اسما يمثلون كل الأطياف التي شاركت في الثورة للحديث بسام المتظاهرين. غير البعض يراها خطوة "لغلق الباب على كل محاولات القفز على الثورة أو التحدث باسمها من قبل الذين ظهروا فجأة لتسود الزعامة السياسية"