تدخل الأزمة المصرية يومها ال 15 ومواقف أطراف الصراع لاتزال متباعدة في انتظار المظاهرات المليونية التي يستعد إليها يوم الثلاثاء المناوؤون للرئيس مبارك في طار أسبوع "الصمود" للمطالبة برحيله. وبدت أركان الحكم في مصر تسارع الزمن وهي مصممة على" رفض" مطالب المحتجين وقوى المعارضة المتعلقة بالتنحية أو قبول تفويض صلاحيات الرئيس لنائبه كأساس لحل الأزمة. وظهر لدى الرئيس مبارك " إصرار" على إثبات كما يقول بعض المتتبعين "انه هو الذي يدير شؤون البلاد خاصة بعد ترددت شائعات حول منح نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء تفويضا شفهيا بإدارة الأمور" . وقد اصدر الرئيس مبارك أمس تعليماته بان تبدأ لجنة دراسة التعديلات الدستورية عملها اعتبارا من اليوم. كما طالب بتشكيل لجنة من شخصيات مشهود لها بالنزاهة والمصداقية للتولى تقصي الحقائق حول أحداث الاعتداءات على المتظاهرين يوم الأربعاء الماضي في ميدان التحرير. كما أعلنت مصادر رسمية عن عقد الرئيس اجتماعين أولهما حضره نائبه ورئيس مجلس الشعب ورئيس محكمة النقض في حين حضر الاجتماع الثاني نائبه ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى ووزراء الدفاع والإنتاج الحربي. وان لم تصدر تصريحات رسمية عن الاجتماعين غير أن بعض المصادر الإعلامية أفادت انهما تناولا الإصلاحات السياسية والاقتصادية والملف الأمني وتنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بعضوية المجالس النيابية. ونقلت الصحف المحلية عن مصدر رسمي أن المسالة السياسية للقاءات مبارك هي "أن أحد لا يملي عليه أن يبقى رئيسا بلا ممارسة تنفيذية أو أن يكون رئيسا صوريا". وفي خطوات وصفها محللون بأنها تهدف لامتصاص غضب الشارع واستيعاب الاحتجاجات في حين يراها النظام استجابة لمطالب المتظاهرين أعلنت الحكومة عن رفع الرواتب في القطاع العام بنسبة 15 في المائة. وشرعت النيابة العامة في تحقيقاتها مع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي ووجهت له اتهامات بالقتل العمدي والخطأ لمتظاهرين والأضرار العمدي و غير العمدي لمال العام. كما نسبت التحقيقات للعادلي تركه عمله عصر يوم الجمعة 28 جانفي احتجاجا على قرار الرئيس بنشر القوات المسلحة في الشارع. وبدأت نيابة الأموال العامة بمصر تحقيقاتها مع وزير الإسكان السابق احمد المغربي في تهم تتعلق باستغلال السلطة والتربح واهدار المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه وهي من المسائل الملحة التي يطالب بها المحتجون. وبدأت الصحف المحلية في نشر معلومات عن ثروات الوزراء السابقين ورجال الإعلام إلا أن مصادر قضائية وصفت كل ما يقال حاليا حول أرقام الثروات "بأنه كلام مرسل لا معنى له سوى إرضاء الجمهور". وفي المقابل بدأ المعتصمون في ميدان التحرير يستعدون لإقامة طويلة في الوقت الذي لم يشهد الحوار بين النظام وقوى المعارضة أي جديد بعد مناورات من مختلف أطرافه عقب البيان الرسمي الذي أكد على اتفاق المتحاورون على ترتيبات وإجراءات سياسية ودستورية لنقل السلطة يتم في الفترة الانتقالية دون الإشارة إلى تنحي الرئيس أو تفويض صلاحياته لنائبه. وشرع المتظاهرون منذ الساعات الأولى من صباح اليوم بالتوافد على ميدان التحرير وسط القاهرة فيما بات الآلاف من المعتصمين ليلتهم تحت خيام متواضعة مستعدين للمظاهرة المليونية التي أعلنوا عنها إلى غاية يوم الجمعة القادم في إطار أسبوع "الصمود". وباشر عدد من المتظاهرين في حملة تنظيف الميدان وتجميله بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين والحرفيين المتواجدين ضمنهم في إطار ما يسمي ب"فناني الثورة". وقد زاد من حماس وإصرار المتظاهرين على المضي في احتجاجاتهم إلى غاية الاستجابة إلى مطالبهم ظهور وائل غنيم أحد ابرز مطلقي حركة الاحتجاج الحالية عبر الشبكات الاجتماعية على الانترنت وعلى التلفزيون ليلة الاثنين إلى الثلاثاء فور إطلاق سراحه بعد عشرة أيام في السجن وقد خاطب الجميع بصوت مخنوق مجهشا بالبكاء مما ترك وقع كبير في نفوس المشاهدين . ونقلت أنباء استعداد الشباب لتنظيم خطوات تصعيدية من قلب ميدان التحرير حتى "لا تتحول الثورة إلى مجرد اعتصام مفتوح في الميدان" حسب قول نشطاء الحركات الاحتجاجية. وانتشرت على موقع "الفيسبوك" الدعوات إلى تنفيذ عصيان مدني في ظل "تجاهل" النظام المظاهرات المليونية المطالبة برحيله ومحاولة التعايش معها. وأمام تعثر الحلول تتزايد قوى المعارضة التي شاركت في الحوار على مطلب تنحي الرئيس وذلك ربما كما يقول البعض محاولة منها عدم الوقوع في تناقض مع مطالب المتظاهرين المتمسكين ب"الرحيل" . وبدا المتظاهرون محاولات تشكيل ائتلاف يمثل شباب ثورة 25 جانفي والعديد من القوى المعارضة وحركات الاحتجاج.