تتجه الأزمة المصرية شيئا فشيئا نحو التعقيد، بعد رفض الرئيس حسني مبارك مطالب آلاف المتظاهرين بالرحيل· وبعد تهديد المعارضة بتصعيد ضمن ''جمعة غضب جديدة''، اقتحمت مجموعة من ''البلطجية'' ميدان التحرير واشتبكت مع المتظاهرين في مواجهات مستمرة منذ مساء أمس وخلفت الكثير من القتلى والجرحى، في جو ينذر بحرب أهلية· اقتحمت مظاهرة مؤيدة للرئيس المصري حسني مبارك ميدان التحرير في قلب القاهرة، ظهر أمس الأربعاء، واشتبك المشاركون فيها مع المحتجين المناوئين للرئيس المصري المعتصمين في الميدان منذ عدة أيام· وقال مراسلون صحفيون إن الجانبين اشتبكا بالعصي والأيادي، وأن الاشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، ولازالت مستمرة· يأتي ذلك فيما تقيم جمعيات مدنية، مستشفيات متنقلة في العديد من المناطق التي تشهد التظاهرات، فيما يُخشى من تصاعد أعداد القتلى والجرحى في حال وقوع صدام بين المحتجين وقوات الجيش· وكانت قوى المعارضة في مصر قد دعت مؤيديها إلى مواصلة التظاهر ضد نظام حكم الرئيس حسني مبارك، قائلة إنها لن تتفاوض مع نائب الرئيس الجديد عمر سليمان ما لم يغادر مبارك سدة الحكم· وفي هذا الصدد، قال مصطفى النجار، الناطق باسم القوى المعارضة، ''إن قوى المعارضة مستعدة للتفاوض مع نائب الرئيس عمر سليمان شريطة أن يتنحى الرئيس مبارك''، وكان الرئيس المصري قد خول نائبه بالبدء بمشاورات مع المعارضة· ودعت المعارضة ''الشعب إلى مواصلة الاحتجاج في ميدان التحرير''، كما ناشدت ''الجميع المشاركة في جمعة الرحيل (التظاهرة التي دعت إليها يوم الجمعة المقبل) بالمسير من كل محافظات مصر إلى الميدان ومجلس الشعب ومبنى التلفزيون''، وهي المسيرة التي يخشى نظام مبارك أن تؤدي إلى نهايته، ومن هنا استبق بدفع أنصاره نحو ميدان التحرير· وأفاد صحفيون في الإسكندرية، بأن مجموعة من البلطجية حاولوا تفريق المتظاهرين ضد النظام الحاكم، بإطلاق النار عليهم، فتدخل الجيش لصدهم بإطلاق النار في الهواء، مما أدى لحدوث هلع بين المتظاهرين ولم ترد أنباء حول إصابات أو ضحايا· كما نقل صحفيون عن شهود عيان في محافظة بورسعيد قولهم إن ''أشخاصا مسلحين يرتدون ملابس مدنية هاجموا المتظاهرين، قبل أن يتدخل الجيش لتفريقهم''· ورفض مئات الآلاف من المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير بالقاهرة ومدن أخرى خطاب الرئيس المصري حسني مبارك الذي اكتفى بإعلان عدم نيته الترشح مجددا للرئاسة، بينما كانوا ينتظرون تنحيه عن السلطة· وأفاد شهود آخرون بأن اضطرابات مشابهة وقعت في مدن السويس والإسماعيلية وبور سعيد، وجميعها تطل على قناة السويس شرق القاهرة· وأفادت مصادر بأن أشخاصا بزي مدني يحملون السلاح الأبيض اعتدوا على المتظاهرين في بورسعيد بعد انسحاب الجيش· وبعد الخطاب مباشرة، توافدت مجموعات من المتظاهرين من المناطق المجاورة لميدان التحرير، معبرين عن تمسكهم بمطلبهم الأساسي وهو إسقاط الرئيس مبارك ونظامه· وأعلن مبارك أنه لن يترشح مجددا للرئاسة، وسيعمل خلال الأشهر الباقية من عهدته على ضمان انتقال آمن للسلطة، كما أكد أن الأولوية الأساسية للاستقرار للسماح بنقل السلطة خلال الانتخابات الرئاسية· ووصف المتظاهرون الخطاب بأنه حيلة من مبارك للتشبث بالسلطة، وأعلنوا أنهم لن يغادروا الميدان حتى يغادر الرئيس منصبه· وعلت هتافاتهم المطالبة برحيله الفوري دون إبطاء، قائلين ''مش هنمشي·· هو يمشي''· كما هتف المتظاهرون بما سموه ''قسم الثوار'' الذي يقول ''أقسم بالله العظيم أن أعمل على استمرار الثورة الشعبية جنديا في صفوفها، لا أغادر الميدان حتى يغادر مبارك ورموز نظام مبارك نهائيا هذا البلد''· وفي المقابل ذكر التلفزيون الرسمي الذي تجاهل تغطية المظاهرات المليونية المناوئة للنظام أن العشرات من مؤيدي مبارك تجمعوا في القاهرة بعد خطابه· وأظهرت الصور لافتة كتب عليها ''نعم لمبارك''· المعارضة: الحوار بعد رحيل مبارك قالت أحزاب المعارضة المصرية إنها مستعدة للحوار مع عمر سليمان نائب الرئيس حسني مبارك بعد تنحي الأخير، في حين أبدت حكومة أحمد شفيق استعدادها للحوار مع جميع القوى السياسية المعترف بها والمحظورة على حد سواء· ودعا ائتلاف أحزاب المعارضة إلى تواصل المظاهرات في ميدان التحرير بوسط القاهرة إلى يوم الجمعة القادم التي أسماها ''جمعة الرحيل'' حتى إسقاط نظام مبارك· ويأتي بيان ائتلاف المعارضة رغم إعلان الحكومة المصرية استعدادها لبدء حوار مع جميع الأطياف على الساحة السياسية بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين المحظورة· وكانت جماعة الإخوان قد رفضت جميع أشكال الحوار مع الحكومة وقالت إنها فاقدة للشرعية، معتبرة أن الشرعية الوحيدة التي يمكن الانطلاق منها هي الشرعية الشعبية· أوباما لمبارك: يجب البدء في عملية انتقال السلطة فورا دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره المصري حسني مبارك إلى البدء فورا بعملية انتقال سلمي للسلطة، مشيدا بالمظاهرات الاحتجاجية للمصريين وموقف الجيش منها· وعقب إعلان مبارك الليلة الماضية أنه لن يترشح لولاية ثانية ولن يتنحى قبل انتهاء ولايته في الخريف المقبل، تحدث أوباما معه عبر الهاتف لمدة نصف ساعة، وأكد أوباما لنظيره المصري أن عملية انتقال السلطة سلميا في مصر يجب أن تبدأ ''الآن''، ولكن من دون أن يدعوه إلى التنحي فورا، مشددا على أنه ليس للولايات المتحدة أن تختار الرئيس المقبل لمصر. البرادعي: النظام يقود مصر إلى حرب أهلية أكد الدكتور محمد البرادعي، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، أن التغيير في مصر قادم ومن الأفضل للأنظمة العربية أن تدعم خيارات الشعب المصري· وأضاف البرادعي، في تصريحات لقناة الحرة الإخبارية، أن النظام يقود مصر إلى حرب أهلية· وكان المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية قد صرح، تعليقاً على خطاب الرئيس مبارك الأخير، أن ما أعلنه مبارك في خطابه ما هو إلا ''خداع ولن ينطلي على أحد''، رافضاً قبول الحوار مع النظام الحاكم الذي قال إنه ''فقد شرعيته''· وقال الدكتور البرادعي، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، ''للأسف الرئيس لا يستمع لصوت الشعب، فالنظام فقد شرعيته، إننا نود الانتقال من نظام ديكتاتوري إلى ديمقراطي''·