رافع وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي يوم الثلاثاء بجنيف من أجل المحافظة على مصداقية مجلس حقوق الإنسان بصفته "أداة قيمة لترقية و حماية حقوق الإنسان". و أوضح مدلسي في كلمة أمام الدورة العادية 16 لمجلس حقوق الإنسان أن هذا المجلس هو"أداة قيمة لترقية و حماية حقوق الإنسان" باعتباره "حارسا أمينا وملتزما وحياديا لضمير الإنسانية" مما يستدعي المحافظة على مصداقيته. و استعرض الوزير تجربة المجلس الممتدة على مدى خمس سنوات مشيرا إلى أنه و بإعتباره "التعبير الحي لضمير المجموعة الدولية المستوحى من القيم المؤسسة للأمم المتحدة" فقد أكدت هذه الهيئة على كونها "فضاء لحوار بناء ومسؤول و شامل (...) باستطاعتها مواجهة الأوضاع المستعجلة دون أجل" و هو الأمر الذي تأكد من خلال تعاطيه الجمعة الماضي مع الأوضاع المؤلمة التي يعيشها الشعب الليبي. أما بالنسبة للجزائر فقد "أعربت -يقول مدلسي عن التزامها بتعزيز عمل المجلس ولم تتوقف عن الدعوة للإحترام الصارم للمساواة في حقوق و واجبات الدول لصد محاولات استعمال المجلس لغايات أخرى و ممارسة الكيل بمكيالين". و بعد أن اعتبر المعالجة الخماسية التي أفضت إليها مجموعة عمل المجلس "فرصة ثمينة لتهذيب و تقويم تسييره و مناهج عمله بالرغم من أنها لا ترقى لتطلعاتنا" سجل الوزير إرتياح الجزائر للنتائج التي كانت محل إجماع حقيقي مطالبا بأن لا يعتري هذا المبدأ أي استثناء. و قال مدلسي أن "الجزائر في هذا السياق تسجل بكل ارتياح أن العمل المنجز من طرف المجلس و كذا حركية تطوره يندرجان إلى حد كبير في اتجاه تطلعاتنا الأصلية" و هي التي إلتزمت "كلية و منذ البداية في عمل توافقي لمسار بناء المجلس" كما كان لها الشرف أن تكون من بين الأعضاء المؤسسين له. و ذكر الوزير في هذا السياق بإستقبال الجزائر فيفري 2010 ل"خلوة الجزائر" و هو لقاء غير رسمي تبين أنه "الأشمل و الأهم" فيما يخص المشاركة في مسار معالجة هذه الإشكالية خارج جنيف. و قد حددت التكفل الجماعي العالمي بهذا المسعى كهدف ليكون في مستوى التحديات يضيف مدلسي الذي أعرب عن أمله في أن يبقى احترام مبدأ الإجماع سائدا في قرارات المجلس بهذا الخصوص بفضل "روح الجزائر". كما سجل في ذات الإتجاه "ارتياح" الجزائر للعمل المنجز في إطار المعالجة الدورية للتقارير مشيرا إلى رغبة الجزائر في تمديد دورتها إلى خمس سنوات بهدف "تعميقها كفضاء حوار و تبادل شامل" حيث كانت ضمن أولى البلدان الخاضعة للمعالجة الدورية العالمية يتابع الوزير الذي أوضح بأن الجزائر قد وجدت في التوصيات المصادق عليها "مصدر إلهام في مواصلة جهدها الوطني لصالح حقوق الإنسان". و ذكر بأهم المحاور التي تناولتها هذه التوصيات على غرار معالجة الترابط بين الأمن و الحريات الأساسية و تقاسم تجربة مكافحة الإرهاب و حماية كل الأشخاص من الفقدان القسري و الحريات الدينية و التعاون مع لجنة حقوق الإنسان و المقرر الخاص حول ترقية و حماية حقوق الإنسان و الحريات الأساسية في إطار مكافحة الإرهاب. و عاد إلى الإقتراح الذي قدمته الجزائر فيما يتعلق بعقد لقاء لمناقشة الأبعاد البشرية و الإنسانية المترتبة عن عمليات خطف الرهائن و هذا في إطار المجلس. و من هذا المنطلق قامت الجزائر بمبادرة من رئيس الدولة برفع حالة الطوارئ بصفة رسمية بمقتضى الأمر رقم 01-11 بتاريخ 23 فيفري المنصرم كما أكد رئيس الجمهورية بالنسبة لوسائل الإعلام المسموعة و المرئية على ضرورة ضمان تغطية أنشطة جميع الأحزاب و المنظمات الوطنية المعتمدة و فتح القنوات لهم بصفة عادلة لتكون الجزائر بذلك قد استجابت للأهم من التوصيات التي قبلت بها خلال مناقشة تقريرها الوطني. و بعد أن أعرب مدلسي عن أمل الجزائر في أن يتم إعتماد انتقال سلمي عن طريق الحوار الوطني لتجاوز مأسي المرحلة التي تمر بها المنطقة أوضح مدلسي أن تسارع مجريات الأحداث في المنطقة "لا يمكن أن تطمس الأوضاع غير القانونية التي يعاني منها الشعبان الفلسطيني و الصحراوي". كما أن هذه الأحداث "ليس بوسعها إضفاء الشرعية على السكوت الذي يخيم على نكران المبادئ المؤسسة للأمم المتحدة في مواجهة حالات ثابتة لإنتهاكات حقوق الإنسان" يقول الوزير الذي شدد على أن واجب الحماية لا يجب أن يكون انتقائيا في فلسطين كما في الصحراء الغربية أين يقوم الإحتلال الأجنبي بانتهاكات حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني. و تعتبر هذه الوضعية --يضيف مدلسي--"منافية لحق الشعوب في تقرير مصيرها المكرس في العقد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و في العقد الدولي حول الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية. و في مجال ترقية حقوق الإنسان ذكر الوزير بأن الجزائر قد وجهت دعوة لسبعة مقررين خاصين لزيارة الجزائر خلال السنة و لم تتلق إلا زيارة واحدة قامت بها المقررة الخاصة بالعنف ضد النساء و أسبابه و عواقبه فيما قبل الدعوة لهذه السنة مقرران خاصان حول ترقية و حماية الحق في حرية الرأي و التعبير و حول السكن اللائق كعنصر لحق في مستوى معيشي كاف و هي في انتظار رد المقررين المدعوين الآخرين. واستمرارا لجهودها لتسوية مسألة المفقودين في إطار تطبيق الميثاق من أجل السلم و المصالحة الوطنية واصلت الجزائر تعاونها مع فوج العمل حول الفقدان القسري و اللاإرادي و هو الفوج المنتظر في الجزائر للنظر في الحالات العالقة و التي تم توضيح الأغلبية الكبرى منها يوضح مدلسي. كما عرج في ذات الصدد على مسألة عقوبة الإعدام التي لم تنفذ في الجزائر منذ 1993 مذكرا بأنها تساند و منذ ثلاث سنوات قرار الجمعية العامة الخاص بهذه العقوبة و تشارك في مجموعة دعم حكومية مشتركة للجنة الدولية ضد عقوبة الإعدام منذ تأسيسها. و على صعيد آخر تطرق مدلسي إلى التطورات "الإيجابية" التي حققتها الجزائر و التي أكدتها تقارير الأممالمتحدة حول إنجاز الجزائر لأهداف الألفية و تقارير برنامج الأممالمتحدة للتنمية حول التنمية البشرية. فمن بين 169 بلد صنف مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية الجزائر في الرتبة التاسعة في مجموع البلدان ذات التنمية البشرية العالية و كذا البلدان الأحسن أداء التي حققت تقدما فيما يخص مؤشرات التنمية البشرية خلال السنوات الأخيرة فيما جاءت في الرتبة الخامسة في مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية العالية غير النقدية. و من جهة أخرى حققت الجزائر ثلاثة من بين الثمانية أهداف الألفية من أجل التنمية و يتعلق الأمر بالفقر المدقع و المجاعة و التربية الإبتدائية للجميع ومكاقحة أمراض فقدان المناعة و حمى المستنقعات و أمراض أخرى كما ستنجز في القريب العاجل الأهداف الخاصة بتقليص عدد الوفيات لدى الأطفال و كذا تحسين صحة الأمومة يذكر وزير الشؤون الخارجية. كما توقف في الأخير عند "الحركية" التي تشهدها الجزائر منذ شروعها في الإصلاحات منذ 2000 حيث تسهر على تعزيز المكتسبات في مجال حقوق الإنسان و الرقي بها و ترسيخها النهائي من خلال النشر المتواصل لثقافة حقوق الإنسان لدى المواطنين و على مستوى الهيئات المدنية و العسكرية.