يتصاعد الجدل في مصر حول التعديلات الدستورية المقترحة في الوقت الذي تمضي الاستعدادات لإجراء الاستفتاء عليها يوم السبت المقبل الموافق ل 19 مارس الجاري. وكانت لجنة تعديل الدستور التي شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة القائم بإدارة مصر قد اقتحرت تعديلات لتسع مواد من الدستور تهدف على الخصوص إلى التقليل من شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية و اقتصار المدة على دورتين متتاليتين مدة كل منها أربع سنوات إلى جانب مسالة فرض حالة الطوارئ . وسيكون الاستفتاء ب"نعم أو"لا" على المواد الدستورية المعدلة والمتمثلة في المواد 75 و76 و77 و88 و93 و139 و148 و79 و189. ودعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة اليوم الاثنين عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" المصريين إلى التوجه للجان الاستفتاء "لإثراء هذه التجربة الديمقراطية التي يسجلها التاريخ بكل فخر لهذا الشعب العظيم بغض النظر عن قبول التعديلات أو رفضها". وحذر الجيش من "تنفيذ أي مسيرات أو تجمعات أو اعتصامات يوم التصويت على الاستفتاء وذلك لتوفير المناخ المناسب لإجراء عملية الاستفتاء بأسلوب حضاري ديمقراطي" مؤكدا "أن كل من يحاول القيام بالتعرض أو إعاقة عملية الاستفتاء ستطبق عليه أحكام قانون البلطجة". واختلفت آراء الأحزاب والشخصيات السياسية بين مؤيد لهذه التعديلات ورافض لها في حين اعتبر اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون الدستورية والقضائية عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن المواد المعدلة ال 9 والمقرر إجراء الاستفتاء عليها سوف تشكل دستورا مؤقتا لحين إعداد الدستور الجديد بعد انتخاب الرئيس القادم. واعتبر أن إجراء الانتخابات الرئاسية قبيل البرلمانية يؤدي إلى تخويل جميع المهام للرئيس الجديد ويتولى تشكيل مؤسسات الدولة وبالتالي "خلق دكتاتورا جديدا". ودعت قوى سياسية وفي مقدمتها "جماعة الإخوان المسلمين والحزب الوطني الديمقراطي(الحاكم سابقا) إلى تأييد هذه التعديلات. واعتبر القيادي بجماعة الإخوان المسلمين حمدي حسن أن التعديلات الدستورية كافية للفترة الحالية الانتقالية لحين استقرار الأوضاع بعد ذلك يتم اللجوء إلى تغيير الدستور. ووصف من جهته مؤسس حزب الكرامة حمدين صباحي مرشح الرئاسة التعديلات ب"الجيد ة" مبديا تخوفه من أن التصويت ب"لا" يعيد الدستور السابق المعطل أو الشروع في صياغة دستور جديد مما يتسبب في زيادة مدة الفترة الانتقالية. واتفق "ائتلاف شباب الثورة" وجبهة دعم البرادعي وحزب التجمع وحزب "الجبهة الديمقراطية" وعدد من القوى السياسية والشخصيات على رفض التعديلات الدستورية في الاستفتاء . وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى المرشح لمنصب رئيس الجمهورية أنه سيصوت ضد حزمة التعديلات. وطالب بصياغة إعلان دستوري يغطي الفترة الانتقالية ويمهد لانتخابات الرئاسة التي يجب أن تسبق الانتخابات التشريعية. وأكد موسى أن صياغة دستور جديد يمثل الأولوية الأولي في العمل السياسي المصري وهو ما يجب أن ينص عليه الإعلان الدستوري المقترح. و أكد المعارض محمد البرادعي رفضه ل"ترقيع" الدستور الحالي داعيا إلى ضرورة وضع خريطة طريق واضحة ومتأنية للانتقال بمصر إلى نظام ديمقراطي حقيقي من خلال تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أشخاص (مدنيان وعسكري) يتولى إدارة شؤون البلاد خلال فترة انتقالية تمتد إلى عامين يتم خلالها تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد. وفي سياق متصل، ستنظر محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة يوم الثلاثاء في القضية المرفوعة من قبل محامين وقانونيين لوقف الاستفتاء على التعديلات الدستورية فيما يعتزم ناشطون ومثقفون وأكاديميون مصريون تنظيم وقفة احتجاجية للتنديد بالتعديلات الدستورية والتأكيد على سقوط الدستور الذي كان يحكم به الرئيس السابق حسني مبارك والمطالبة بدستور جديد. وقال محمود عبد الرحيم منسق حملة المطالبة بصياغة دستور جديد ورفض التعديلات إن الوقفة الاحتجاجية تأتي دعما للقضية المرفوعة وتصب في هدف حملة رفض التعديلات الدستورية والدعوة لكتابة دستور جديد يتلاءم مع متطلبات المرحلة الثورية و"تقطع الطريق على ضرب الثورة في منتصف الطريق وسحب شرعيتها بحيل قانونية قبل أن تستكمل مسيرتها وتحقق أهدافها المعلنة الضامنة لتحول ديمقراطي حقيقي يدخل مصر إلى عصر الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية".