يواصل حلف شمال الأطلسي /الناتو/ هجماته الجوية التي بدأت منذ أكثر من أسبوعين فوق ليبيا بالموازاة مع استمرار الجهود الداخلية والخارجية لإيجاد حل سلمي للصراع وتجنيب البلاد أزمة انسانية بدأت ملامحها تلوح في الافق. وفي أخر تطور سياسي للازمة القائمة بليبيا أعرب موسى ابراهيم المتحدث باسم نظام حكم قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي عن "استعداد طرابلس للتوصل الى حل سياسي مع القوى الدولية بشرط بقاء القذافي في الحكم" معبرا عن الاستعداد لمناقشة الاصلاحات في النظام السياسي. ونقلت مصادر صحفية عن موسى ابراهيم قوله "يمكن أن نتخذ أي نظام سياسي أو أي تغييرات في الدستور والانتخابات اي شيء لكن الزعيم القذافي لا بد ان يقودنا الى الامام". وبالمقابل جدد هرمان فان رومابي رئيس الاتحاد الأوروبي في بيان أصدره مكتبه في بروكسل عقب لقائه برئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بينغ الموقف الأوروبي الذي وصفه ب"الواضح والنهائي" والمتمثل في المطالبة بتنحي القذافي عن الحكم في ليبيا. وقال "ان قرار مجلس الامن يدعو الى إنتقال منظم وسلس للسلطة في ليبيا وعبر الحوار". وقد ظهر العقيد معمر القذافى ليلة الاثنين الى الثلاثاء وسط حشود المواطنين الليبيين المعتصمين في مقره "باب العزيزية" بالعاصمة طرابلس حسبما ذكرته وكالة الجماهيرية للانباء. وجاء فى برقية للوكالة ان الحشود التحمت مع العقيد القذافى "وسط أغانيها وأناشيدها الوطنية وهتافاتها المؤكدة على الروح المعنوية العالية للشعب الليبي البطل الذي يتصدى للعدوان الاستعماري على ليبيا بكل عزيمة قوية وثبات وشجاعة وصبر واستعانة بالله". وأمام احتدام الصراع بين القوات الموالية للقذافي وقوات المتمردين من جهة وضربات الناتو من جهة اخرى دعا كل من الرئيس التركي عبد الله غول ونظيره الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهويونو اليوم الثلاثاء الأممالمتحدة لفرض وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع في ليبيا. ونقلت وسائل إعلام اندونيسية عن الرئيسين تشديدهما في بيان مشترك بعد لقائهما في جاكرتا على الحاجة لأن تراقب المنظمة الدولية وقف إطلاق النار هذا عند فرضه ودعا الى الحاجة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الليبي. وأعلنت تركيا أنها تسعى إلى الوساطة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا في الوقت الذي وصل فيه مبعوث من الحكومة الليبية إلى أنقرة الليلة الماضية. ومن المنتظر أيضا وصول ممثلين عن المعارضة المسلحة في ليبيا خلال الأيام المقبلة. وفي هذا الشان قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في أعقاب وصول نائب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي ان "الاجتماع مع مسؤول الحكومة الليبية مهم للغاية " مضيفا ان تركيا ستمضي قدما في بذل قصارى جهدها لإنهاء المعاناة والإسهام في عملية صياغة خريطة طريق تتضمن المطالب السياسية للشعب الليبي . أما روسيا فقد اكدت من جانبها ان الوساطة التى يعتزم الاتحاد الافريقى القيام بها فى ليبيا تساعد على تسوية النزاع بطرق سلمية. وقال الناطق الرسمى باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيت ان بلاده تعتبر الاطار الذى اقترحه الاتحاد الافريقى والمتمثل فى اللجنة الخاصة عالية المستوى التى تم استحداثها بقرار صادر بتاريخ العاشر من مارس عن مجلس السلم والامن المنبثق عن الاتحاد الافريقى انه "الاصلح والانسب لهذه الغاية". وناشدت روسيا فى هذا الصدد هيئة الاممالمتحدة والبلدان الغربية وطرفي النزاع فى ليبيا تقديم كل الدعم والمساعدة بقدر المستطاع من أجل انجاز مهمة الوساطة للاتحاد الافريقى فى ليبيا. وعلى الصعيد الميداني تتواصل الضربات الجوية للحلف الاطلسي حيث شنت قواته اليوم غارة على قوات موالية للعقيد معمر القذافي على مسافة نحو 30 كلم شرق ميناء البريقة النفطي الذي يقع على بعد 800 كلم شرق العاصمة طرابلس. وأفادت تقارير اعلامية ان الغارة دمرت شاحنتين عسكريتين تابعتين لقوات القذافي كانتا تتقدمان في المنطقة الا انها لم تسفر عن ضحايا بعد أن تمكن الجنود الذين كانوا بداخل الشاحنتين من الفرار. في غضون ذلك أعلن "الناتو" اليوم أن الهجمات الجوية الدولية فوق ليبيا التي بدأت منذ أكثر من أسبوعين أدت إلى تدمير 30 في المئة من القوات الموالية للعقيد معمر القذافي. وكانت الهجمات قد بدأت في 19 مارس الماضي وشنها في بادئ الأمر ائتلاف دولي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية مع فرنسا وبريطانيا وتولى الناتو مهمة الهجمات الخميس الماضي مما سمح للولايات المتحدة بالانسحاب من العمليات العسكرية الجوية أمس. وكان مجلس الأمن الدولي وافق في فيفري الماضي على قرار 1970 الذي يقضي بفرض عقوبات على الزعيم الليبي معمر القذافي واسرته واعوانه ويشمل تجميد أصول وفرض حظر سفر فيما يقضي القرار 1973 بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا واتخاذ "جميع الإجراءات الضرورية" لحماية المدنيين الليبيين. ولازالت المعارك بين قوات القذافي و قوات المتمردين متواصلة في عدة مناطق خاصة في مصراتة و البريقة. وخلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية قال عبد الإله الخطيب المبعوث الخاص للأمين العام إلى ليبيا إنه على الرغم من فعالية جهود أعضاء التحالف في فرض منطقة حظر الطيران لحماية المدنيين في ليبيا فقد تواصل القتال بين المتمردين والموالين للعقيد معمر القذافي. وأضاف الخطيب أن قوات القذافي استعادت السيطرة على بلدة "راس لانوف " الإستراتيجية الغنية بالنفط في نهاية الشهر الماضي ثم على البريقة. ويخشى في الوقت الراهن ان يؤدي الوضع المتازم بليبيا الى ازمة انسانية يعكسها العدد الكبير من النازحين جراء الصراع. ووفق منظمة الهجرة الدولية فقد بلغ عدد الأشخاص الذين نزحوا من ليبيا الى كل من مصر وتونس وتشاد والسودان نحو 414 ألف شخص منذ بداية الأزمة فى ليبيا. وصرح مصدر مسؤول بمنظمة الهجرة الدولية اليوم أنه وبالرغم من صعوبات الوضع الأمنى فان منظمة الهجرة الدولية قد تمكنت من اجلاء 2900 شخص من العالقين فى بنغازى بحرا وبرا عن طريق معبر السلوم بالتعاون مع الهلال الأحمر الليبى. وأشار الى أن منظمة الهجرة الدولية تواصل تقديم المساعدات الطبية والرعاية الطبية والوجبات الغذائية للنازحين من ليبيا.