البليدة - البليدة عاصمة سهل المتيجة التي تقع على سفوح الأطلس التلي تعطي انطباعا لزائرها لأول مرة بأنها مدينة مهجورة من السكان لاسيما عندما تكون الشمس في كبد النهار ، و فور بدء الساعات الأولى للظهيرة حيث يرتفع الزئبق إلى أوجه يشرع سكان المدينة في الاختباء بمنازلهم حيث يحسب الزائر لها لأول مرة أنها مدينة شبح . وعقب أشهر من الكد و الجهد لا يجد البليديون أي نشاط ثقافي أو ترفيهي يمضون من خلاله أوقات فراغهم ويقضي الأقل حظا منهم يومهم في التنزه أو "التخييم" في المقاهي لتناول المثلجات لينسوا قليلا حرارة الجو وبالنسبة لهذا النوع من المواطنين فان كلمة "عطلة" لا تعني شيئا لهم و كلمة "استرخاء" تبقى بلا معنى. و في الماضي كانت العائلات البليدية تهرب من أيام الحر إلى الطرق الملتوية المؤدية لسيدي الكبير، بحثا عن القليل من البرودة تحت ظلال أشجار الصفصاف على ضفة الوادي حيث كان الناس يسبحون في مياهه الشفافة و الباردة إلى ساعة متأخرة من الليل. و لم يسترجع هذا الموقع جماله اليوم وذلك بعد أن شهد سنوات طويلة من الأذية و الأضرار بسبب الاستغلال اليومي لمحجرة الحصى،مما ينعكس سلبا على صحة السكان المجاورين و على المحيط بشدة حيث تظهر آثار استغلال المحجرة لأكثر من نصف قرن بوضوح إلى درجة أن نادرا ما يقضي البليديون يومهم في هذه الأماكن. و لعل النقطة الايجابية الوحيدة لهذه المدينة هي أنها تقع على أبواب الطبيعة بالقرب من المحطة المناخية للشريعة و المحطة المعدنية لحمام ملوان و مغارات الشفة التي تستمر في جذب عدد كبير من العائلات التي تبحث عن البرودة و الراحة و الاسترخاء. و تقصد العائلات هذه المواقع بكثرة في فصل الصيف بهدف قطع الروتين وشم الهواء النقي للجبل، كما تعتبر ساحة أول نوفمبر المعروفة محليا بساحة التوت "قلب" المدينة حيث كانت في الماضي موقع جذب وتسلية للعديد من الزوار الذين يأتون في المساء للاسترخاء ولتناول المثلجات وآذانهم موجهة للاستماع للموسيقى التي تتسرب من مسرح محمد الثوري،غير أن الساحة فقدت الكثير من أناقتها و جمالها "هنا الصيف صعب جدا الحرارة مرتفعة ولا يجد ذو الدخل البسيط أين يذهبون غير انتظار نهاية اليوم ليتجهوا إلى أسطح المقاهي" حسب رجل مسن من المدينة. و أضاف ذات المتحدث انه في الماضي كانت المنطقة تعج بالأماكن المنعشة أين كانت العائلات تقضي يومها تحت أشجار الصنوبر العتيقة بالقرب من الوديان. ويعد نزل عنصر القردة الواقع قرب مدينة الورود في أعالي الأطلس البليدي الوجهة الأخرى المفضلة للبليديين في فصل الصيف. و يجمع هذا المكان بين الطبيعة الخلابة و فضاءات الترفيه و حديقة للحيوانات مما يجذب عدد كبير من الزوار خلال هذه الفترة من الحر للجلوس على ضفاف الواد و الانتعاش من الشلالات المنحدرة من أعالي الجبال، وبالنسبة للذين يفضلون التمتع بمياه البحر فلا يعودون سوى في وقت متأخر من المساء بعد قضاء يومهم في السواحل الغربية كبوسماعيل و بوهارون وحتى قوراية. هذا هو الصيف في البليدة هناك من "يقاوم" وهناك من يهرب من حرارة الجو، وبين الاثنين هناك العديد الذين يسيرون الإدارات و الأعمال" وهو ما تشتهر به مدينة "سيدي احمد الكبير.