تونس - قل الإقبال على المرافق والمنشآت السياحية بمدينة سوسةالتونسية وتضاءلت بها اعداد السياح بمختلف جنسياتهم لاسيما الجزائريين منهم الذين باتوا يعدون على الأصابع في حين كانت الحجوزات بفنادق سوسة او بمرسى القنطاوي المجاور خلال العام الماضي تتم قبل شهور من بدء موسم الاصطياف. وامام هذا الواقع بين وزير السياحة التونسي مهدى حواص ان موسم الاصطياف الجاري يعد " الأسوأ فى تاريخ السياحة التونسية وان بلوغ نصف نتائج الموسم الماضي فقط يعد نتيجة مرضية ". وقد دعا في هذا الصدد الى"التفاعل بشكل ملائم " مع الاشكاليات المطروحة على القطاع السياحي من خلال اعتماد " التجديد و مواكبة تطلعات الزبائن وتوخي سياسات " تتميز بالابداع والابتكار والترويج لتونس كوجهة سياحية غير مكلفة ماديا بل عرض " الوجه الجديد لتونس ما بعد الثورة " . وفسر مسؤولون عن عدة جمعيات وهيئات تونسية مختصة في المجال السياحي ذلك التراجع بالاضطرابات الامنية التي عرفتها تونس علاوة على تطور الأحداث في ليبيا وهشاشة السياحة التونسية فيما ادت حركة الهجرة غير الشرعية إلى جزيرة "لمبيدوزا" الايطالية إلى "انهيار" السوق السياحية الايطالية التي تعد من بين " الأسواق الهامة"الموفدة للسياح نحو تونس . و حذر بوبكر بوزرارة ممثل الاتحادية التونسية للفنادق بولاية سوسة السياحية من تداعيات هذه الازمة التي وصفها ب" الكساد السياحي " باعتبار ان الاوضاع الصعبة التي تمر بها الفنادق بهذه الولاية اصبحت " كارثية "اذ تم غلق العديد من الفنادق مع تسريح مئات العمال بل وايجاد صعوبات جمة في تسديد مرتبات العمال . وفي تصريح ل (واج) اكد محافظ الشرطة بولاية سوسة رفيق الزائري ان الاوضاع الامنية بتونس هي في " احسن مايرام " وان السياح على مختلف جنسياتهم يظلون محل ترحاب لاسيما السياح الجزائريين الذين تناقصت اعدادهم بشكل ملحوظ . وأوضح في هذا الصدد ان" مخططا امنيا واسع النطاق" يطبق بولاية سوسة خاصة على مستوى المرافق والمنشآت السياحية "فالمسالة هي مسالة حماية الاقتصاد التونسي وحماية المستثمرين كون الاقتصاد لا يمكن ان يكتب له النجاح ان لم تتوفر الركيزة الاساسية المتمثلة في الامن والسكينة والطمانينة" على حد قوله . وعرج على اسباب تناقص السياح حيث خلص الى القول ان تداعيات الازمة الليبية "كان لها الاثر الواضح على هذا الانخفاض" علاوة على " الاشاعات التي بثتها" بعض وسائل الاعلام والتي تحذر من اعتداءات جسدية او عمليات اغتصاب نافيا نفيا قاطعا وقوع مثل هذه الجنح او الجرائم وان كل هذه الانباء لا اساس لها من الصحة. وبكثير من الحسرة والمرارة تحدث احمد الذي يعمل كعون استقبال بادراة منتجع القنطاوي" ديار البحر " حيث اشار الى ان السياح الجزائريين كانوا يحجزون الغرف والمنازل قبل شهور من بدء موسم الاصطياف لكنهم خلال الموسم الحالي " لم يتصلوا اطلاقا " بادراة المنتجع وحتى القلائل منهم ان حلوا بمدينة سوسة فان زيارتهم لا تستغرق اكثر من ثلاثة ايام على العكس من الماضي القريب حيث كانت العائلات الجزائرية تقضي شهرا او اكثر . وبالمقابل اعترف المتحدث ان " مخلفات " الثورة الشعبية التي عرفتها تونس كان لها الاثر الكبير على تقلص اعداد السياح علاوة على تداعيات الازمة الليبية لكنه طمان السياح الجزائريين بان الوضعية الامنية عرفت" تحسنا كبيرا " . وتحدث مسؤول الحجوزات " بديار البحر" في منتجع القنطاوي محمد علي عن ظاهرة انخفاض السياح بشكل عام والجزائريين بصفة خاصة فابرز ان اعداد السياح الجزائريين انخفضت بنسبة 90 بالمائة. وفجاة توقف محمد علي عن الكلام وظل يفكر لثواني قبل ان يواصل حديثه بالقول ان اول مقابلة له مع السياح الجزائريين كانت عام 1993 عندما كانت تحل بمدينة سوسة 4 الى 5 عائلات جزائرية لا اكثر لتتحول مع مرور السنوات الى الاف العائلات حتى كاد هو شخصيا ان يتحول الى فرد من افرادها. واوضح أن سبب عزوف السياح على المجيء الى سوسة يعود الى" الانفلات الامني " الذي ساد المنطقة في ظرف معين خلال الشهور الفارطة" الا ان الامر يختلف حاليا حيث تسود البلاد اجواء من السكينة والطمانينة والاستقرار" على حد قوله . وعندما سئل خالد غطاس مدير فندق " مرحبا شاطئ " بمدينة سوسة عن رايه في السائح الجزائري ابتسم مطولا وذكر بانه يختلف عن السياح الاخرين فهو يتميز ب " خفة الدم " كما يتميز بالجود والكرم ملاحظا ان فندقه بات يحن الى "اجواء المتعة والمرح " التي مافتئ يخلقها السواح الجزائريون ناهيك عن تمدنهم وتحضرهم. ولاحظ ان اهل وسكان مدينة سوسة تعودوا عليهم وشعروا فعلا بغيابهم هذه السنة رغم حضور سياح من بلدان اخرى وذلك ليس فقط من اجل " نفقاتهم التي لا مثيل لها عند باقي الزوار " بل وكذلك بالنظر الى الروابط الاسرية التي اصبحت قائمةبين العائلات الجزائرية والتونسية وروابط الصداقة بين شباب البلدين حتى ان العديد من حالات الزواج حدثت بمناسبة تلك الزيارات السياحية على حد قول مدير هذا الفندق. لكن جوهر ميليكة المكلف بالتسويق على مستوى ادارة منتجع القنطاوي فيرى أن تناقص السياح سببه "الخوف من الوضع الامني" لكن تكريس تخفيضات في الاسعار من شانه ات يحفز الزبائن اكثر للعودة الى سوسة على حد قوله. وذكر في هذا الشأن بانه قام باعداد استراتيجية تجارية على اسس علمية ترمي الى الخروج من هذه الازمة الخانقة التي تعشيها السياحة التونسية وتعتمد على ثلاثة محاور اساسية هي جلب ولفت انتباه السياح وخلق المصالح واخيرا خلق الرغبة. ويتمثل المحور الاول في الترويج والدعاية بينما يتمثل المحور الثاني في تخفيض الاسعار ومجانية بعض الخدمات واخيرا فان خلق الرغبة فهو عبارة عن توفير ما يميل اليه الزبون من مختلف الرغبات. وبعد جهد جهيد بحثا عن اثار السياح الجزائريين وبعد تفقد شتى الفنادق والمرافق قابلت (واج) جماعة من الشباب قدموا من قسنطينة الذين أجمعوا أنهم قطعوا الطريق الرابط بين قسنطينةوسوسة طوال الليل ولم يشعورا لحظة واحدة باي نوع من المضايقات بل بالعكس تماما فقد كان استقبالهم في احسن مايرام . وأكد بلال احد هؤلاء الشباب بان الاجواء الامنية متوفرة بشكل ملموس داعيا السياح الجزائريين " الى العودة الى تونس لانهم في ديارهم وبين اهلهم " . ولم يكن راي خالد مخالفا لزميله حيث ابرز ان اول زيارة له لتونس تعود الى 10 سنوات خلت وانه طوال هذه المدة لم يتعرض الى اي سوء ملاحظا انه يبحث دوما على" اجواء التسلية التي لا يجدها الا في تونس" . وذكرت الطفلة سارة ( 11 سنة ) من عين طاية "انها قضت رفقة اسرتها نصف شهر لكن هذه المدة مرت بسرعة فائقة " داعية ابويها الى تمديد مدة العطلة مادامت قد تحصلت على معدل محترم في دراستها فضحك ابوها جمال وحاول اقناع الصبية بان الاموال بدات تتضاءل وان الوقت قد حان للعودة الى مدينتها لكن هذا الحديث لم يقنع البنت قط.