النعامة - شكلت الأعمال الأدبية للكاتبة والصحفية إيزابيل إبيرهارت موضوع تظاهرة ثقافية نظمها مثقفون وباحثون جامعيون بمدينة العين الصفراء بولاية النعامة في إطار إحياء الذكرى 107 لوفاة هذه الشخصية الأدبية. ويهدف هذا الحدث الثقافي إلى إبراز جوانب متعددة من الإرث الأدبي والثقافي لهذه الشخصية الثقافية العالمية كما اوضح المنظمون. و كان موضوع "الصحراء وهاجس الكتابة" لدى الكاتبة و المستكشفة إيزابيل إيبرهارت التي إعتنقت الإسلام و دفنت بعد أن جرفها وادي العين الصفراء في 21 أكتوبر 1904 بمقبرة المسلمين سيدي بوجمعة بالعين الصفراء من بين المحاور التي نوقشت خلال الندوة الفكرية التي نظمتها بالمناسبة جمعية "صافية كتو للإبداع الثقافي" لبلدية العين الصفراء بالتنسيق مع دار الثقافة لولاية النعامة. وتضمن برنامج هذه التظاهرة الثقافية التي نشطها الكاتب خليفة بن عمارة من ولاية النعامة و أساتذة من جامعتي سعيدة و معسكر إضافة إلى محور الصحراء كعنوان جديد في المجموعات القصصية لإيزابيل إيبرهارت مواضيع حول "الفضاءات المقدسة" و "التصوف " في مقالاتها و دواوينها الشعرية وكذا زيارات هذه المستكشفة ذات الأصل الأوروبي إلى منطقة العين الصفراء. وناقش الباحثون ومن بينهم الدكتورين عبد القدر رابحي و البشير خليفي أثناء تحليلهم لمراحل من حياة تلك الكاتبة الفرنسية التي تحمل الجنسية الروسية أيضا إشكالية ارتباطها ولو خلال فترة عبورها أو استقرارها الوجيز بالجزائر و ما تشكل من صور مختلفة في مخيالها عن العادات و الهوية الثقافية لسكان المناطق التي زارتها. وطرحت تساؤلات حول كيفية تناول الكاتبة لصورة حياة القبائل و الطرق الصوفية في رواياتها القصصية ومدى تناولها لذلك بناءا على منطلقات فكرية و إيديولوجية و صور نمطية راسخة في المخيال الغربي تفاعلت فيها خلفيات التاريخ و الثقافة و الدين و الإستشراف و الكولونيالية. كما نوقشت أيضا ماهية الآثار الفكرية لكتاباتها و أثرها في تعميق الثقافة الجزائرية و الذاكرة الوطنية والتنوع و الثراء الأدبي و الإمتزاج بين مختلف الثقافات. وفي مداخلته أوضح الباحث عبد القادر رابحي أنه وبالرغم من فترة حياة قصيرة لإيزابيل (27سنة ) إلا أنها مفعمة بالأحداث المثيرة التي جذبت اهتمام الباحثين والكتاب من مختلف أنحاء العالم حيث كرست لأعمالها الصحفية والأدبية نحو 15 كتابا بالإنكليزية والفرنسية والألمانية وأطلق إسمها على أحد شوارع مدينة جنيف كما أخرج فيلم فرنسي نمساوي مستوحى من سيرة حياتها. ويعتبر نفس الباحث أن أهمية هذا اللقاء الفكري تكمن في إحياء تراث وشخصية هذه المرأة التي كانت حياتها مليئة بالكثير من الأسرار والتي فور وصولها إلى الجزائر درست لغة القرآن الكريم وبسرعة مدهشة أتقنت اللغة العربية واندمجت بين السكان المحليين واعتنقت الإسلام ودعمت كفاح المقاومات الشعبية ضد المحتل الفرنسي وكانت تقتات التمر اليابس والحساء وتنام في العراء. وسلط الدكتور البشير خليفي من جهته الضوء على ما تضمنته مراسلات إيزابيل إيبرهارت و تقاريرها الصحفية التي تطلع القراء على الجوانب غير المعروفة من تقاليد أهالي الصحراء. و خلص هذا اللقاء الثقافي إلى أن إيزابيل إيبرهارت قد تركت إرثا أدبيا هاما منه ما ألفته باللغة الروسية وباللغة الفرنسية والعربية و مراسلاتها حول حقائق حياة بسطاء الجزائريين وكفاحهم ضد المستعمرين وأهم رواياتها رواية "في ظل الإسلام الدافئ "التي تحدثت فيها عن المقاومة و الحب.