قالمة - يستعد سكان ولاية قالمة لعيد الأضحى كغيرهم كل سنة بشراء الأضحية و تحضير مستلزمات إقامة هذه السنة النبوية المؤكدة في أجواء مليئة بالبهجة و الفرح غير أن "نشوة" الاحتفال بالمناسبة لا تكتمل لديهم إلا بحضور الهريسة التقليدية على مائدة الشواء. و على الرغم من أن التحضيرات الحثيثة لاستقبال عيد الأضحى عادة ما تكون منقوصة من بعض الأمور بفعل النسيان غير أن عددا هاما من ربات البيوت بقالمة لا تتهاون في تحضير الهريسة التقليدية قبل عدة أيام من المناسبة و ذلك مهما كانت الظروف و الأسباب لأنها أصبحت من العادات و التقاليد الراسخة في الأوساط الاجتماعية بالمنطقة في هذه الأيام المباركة التي تكثر فيها الزيارات وصلة الأرحام. و تقول حبيبة موظفة بأن تزامن العيد مع فصل الشتاء يجعلها تصاب بنوع من الإرباك بسبب ضيق الوقت و كثرة الاستعدادات من تهيئة المنزل و تنظيفه و تحضير الوسائل اللازمة لذبح الأضحية و المواد الضرورية لإعداد الأطباق التقليدية مضيفة بأنها تعلم جيدا مدى تعلق أفراد عائلتها بالهريسة التقليدية أو "المتولة" التي تعتبر شرطا أساسيا لاكتمال المذاق اللذيذ للشواء . لذا فهي لا تتهاون في إعدادها مسبقا. من جهته أكد محمد أستاذ جامعي بأن الهريسة المعلبة الموجودة في السوق لا تعجبه لذا فهو يقوم سنويا بتحضير كمية من الهريسة التقليدية بنفسه لتجنب أي سوء تفاهم قد يحدث بينه و بين زوجته التي لا تحب "أكل الحار" قائلا "إن تناول وجبة من الشواء المحضر على الجمر أو الحطب أو طاجين الطين بقليل من الهريسة الممزوجة بزيت الزيتون يشعره بالمتعة والسعادة والارتياح". و حول كيفية إعداده لمعجون الهريسة يقول بأنه يشتري عدة كيلوغرامات من الفلفل الأحمرينزع منه البذور و الرؤوس ويتركه يجف تحت الشمس لعدة أيام ثم يقوم بغليه جيدا لمدة تتراوح بين نصف ساعة أو ساعة ويهرسه ويضيف له التوابل التي تتكون أساسا من الملح و الثوم و الكروية و الفلفل الأسود. و أضاف بأنه يتحكم في جرعة و درجة حرارة المستحضر بواسطة زيادة كمية من الفلفل الحلو وزيت الزيتون. و بالنظر إلى أن إعداد "الهريسة المنزلية" يمر بحلقات عديدة و يأخذ نوعا من الوقت بما يصعب المهمة على بعض ربات البيوت العاملات فقد وجدت كثير من النساء الماكثات بالبيوت الفرصة لكسب قليل من الدخل المالي عن طريق تحضير كميات كبيرة و وضعها في قوارير و قنينات بلورية وعرضها للبيع. فالنسبة للسيدة جهيدة ماكثة بالبيت فإن هذا المنتوج المنزلي ساعدها كثيرا على توفير مبالغ مقبولة من المال تعوض بها دخل زوجها المتواضع مشيرة إلى أنها في البداية كانت تبيع منتوجها إلى جيرانها و أقاربها لكنها بمرور الوقت وسعت من نشاطها بعدما تلقت عروضا كثيرة من أصحاب محلات بيع المواد الغذائية و الواجهات الكبيرة. ورغم تخوف البعض من الاستعمال المفرط للهريسة و الحار بصفة عامة كونه يسبب في نظرهم بعض الأمراض منها القرحة المعدية و اختلال في عمل الأمعاء فإنه على النقيض من ذلك يقول محبو "الحار" بأن هذا الأخير يمتاز بخصائص طبية و يسمح بتنشيط الدورة الدموية و مكافحة البكتيريا و الجراثيم و يريح الأعصاب إضافة إلى "فتح الشهية طبعا".