تونس - بدأت معالم مسار التحول الديموقراطي التعددي تتضح في تونس، وبرز معها تكريس الاستقرار السياسي لاسيما بعدما انتخب المجلس التأسيسي مؤخرا السيد منصف المرزوقي، رئيسا جديدا للبلاد وبعدما سلم السيد حمادي الجبالي، قائمة التشكيلة الحكومية الجديدة الى رئيس الدولة، حسبما اجمع عليه المتتبعون للشأن التونسي . واذ وصف مسؤول الجهاز التنفيذي الجديد، تشكيلته الحكومية بأنها " أول حكومة شرعية وشعبية بعد الثورة وبعد الانتخابات"، فانه اكد انها تتألف من 26 وزيرا و6 وزراء معتمدين لدى رئاسة الحكومة و16 كاتب دولة . ومعلوم ان الرئيس التونسي، السيد منصف المرزوقي، كان قد قرر تكليف السيد حمادي الجبالي، امين عام حزب حركة "النهضة الاسلامية"، بتشكيل الحكومة الجديدة باعتباره مرشح حزب "النهضة ، الذي تحصل على اكبر عدد من المقاعد في انتخابات المجلس التأسيسي التي نظمت يوم 23 اكتوبر الماضي. ومن المتوقع ان تستأثر حركة" النهضة الإسلامية التونسية "، بأغلبية الحقائب الوزارية خاصة وزارات السيادة، فيما سيتم توزيع بقية الحقائب الوزارية على الحزبين الاخرين العضوين في التحالف ذي الاغلبية ن وهما حزب" المؤتمر من أجل الجمهورية " ،وحزب " التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات علاوة على بعض الشخصيات المستقلة . وحسب مصادر متطابقة ،فان وزارات السيادة التي ستتولاها حركة" النهضة الإسلامية"، تتمثل في حقيبة العدل التي ستسند إلى السيد نور الدين البحيري ،الناطق الرسمي باسم حركة " النهضة الاسلامية" ،بينما سيتولى مهام وزارة الداخلية السيد علي العريض ،عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، السجين السياسي السابق ابان العهد البائد، ،وتسند وزارة الشؤون الخارجية إلى السيد رفيق بن عبد السلام . ويرى المراقبون، ان هذه التشكيلة الحكومية" ستنال دون شك ثقة" ،المجلس التأسيسي بالنظر الى" هيمنة " التحالف الحزبي ذي الاغلبية على مقاعد المجلس بقيادة حركة "النهضة الاسلامية"، التي فازت في الانتخابات الاخيرة ب 89 مقعدا ، يليها حزب "المؤتمر من اجل الجمهورية" ب 29 مقعدا ، ثم حزب" التكتل الديموقراطي من اجل العمل والحريات" ب 20 مقعدا . وحسب العديد من الملاحظين، فان الحكومة التونسيةالجديدة ستطرح امامها العديد من التحديات "بالنظر الى" تفاقم" الوضع الاقتصادي والاجتماعي ،حيث تؤكد جل المؤشرات ان الاقتصاد التونسي اصبح يمر بمرحلة "حرجة" في ضوء " تراجع " نوايا الاستثمارات المحلية والاجنبية ، جراء الاضطرابات الاجتماعية المتتالية ،" وتراجع نسبة الادخار بالعملة الصعبة وانخفاض الانتاج والانتاجية وتراجع عمليات التصدير. كما تواجه حكومة السيد حمادي الجبالي، مشاكل البطالة وتداعياتها السلبية على الاستقرار، لاسيما وان عدد العاطلين عن العمل بلغ حوالي 700الف عاطل عن العمل ، ناهيك عن الملف الامني الذي سيطرح بحدة على التشكيلة الحكومية الجديدة ، التي عليها القيام باستتباب الامن والسكينة في ربوع البلاد من اجل اعادة انطلاق الديناميكية الاقتصادية والاجتماعية، حسب اراء المراقبين. ولقد شكلت هذه الانشغالات محور تدخل رئيس الجمهورية المؤقت ، السيد منصف المرزوقي ، مؤخرا حيث تطرق الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي "المتأزم" الذي تمر به البلاد ،واثار "التحديات" المطروحة في المرحلة المقبلة ،والمتمثلة خاصة في "معالجة" مشكلة البطالة مع "خلق" اكبر عدد ممكن من مناصب العمل "والمحافظة" على الاستقرار "والتعجيل" بإجراء الإصلاحات الهيكلية" ،دون اغراق" البلاد في" المزيد" من المديونية الخارجية ،" وتشجيع" الاستثمارات دون " السماح بالاستغلال" ،وحماية حقوق المستخدم والعامل على حد السواء . ولم يفت الرئيس المؤقت، الخوض في مسائل التوزان الجهوي ، حيث شدد على ضرورة تنمية المناطق الداخلية الاكثر حرمانا ،التي ما انفكت تعرف انخفاضا في الاستثمارات المحلية والاجنبية وفي المشاريع التنموية ،مقارنة مع المناطق الساحلية "الا ان ذلك لا يعني اطلاقا إيقاف تطور الجهات والمناطق الأخرى" على حد قوله. وفي معرض تحليله للأوضاع التي تشهدها تونس، خلص الرئيس التونسي المؤقت، الى القول ان المهمة "تكمن في الوقت الراهن في وضع الأسس العميقة والصلبة لمواصلة بناء" الجمهورية المدنية الديمقراطية، والمجتمع التعددي المتسامح الذي تكتسب فيه مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة بكل معانيها".