باريس - يعد قبول فلسطين في منظمة الأممالمتحدة للتربية و العلوم و الثقافة (اليونسكو) نهاية اكتوبر الفارط حدثا تاريخيا يستحق نقشه على حجر ابيض في تاريخ دبلوماسية بلد لا يزال يعيش تحت نير الاستعمار و يطمح إلى ان يعترف به كالدولة ال195 في المجموعة الدولية. خلال مراسم رفع العلم الوطني بمبنى الأممالمتحدة لم يخف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تأثره و قال بالمناسبة "أنه يوم تاريخي و مؤثر أن نرى علمنا يرفرف أمام هذا المبنى أمام أعلام المجموعة الدولية الاخرى" معتبرا ان ذلك "بشرى خير" و "اعترافا أولا بدولة فلسطين". و يعد هذا القبول رهانا رمزيا بالنسبة للفلسطينيين الذين يرون في ذلك انتصارا لمساعيهم في الانضمام إلى منظمة الأممالمتحدة كبلد كامل العضوية. و كان رئيس السلطة الفلسطينية قد طلب رسميا من المنظمة الأممية الاعتراف بدولة فلسطين و هو طلب يبقى معلقا كونه لم يحظى بموافقة تسعة اعضاء على الأقل من بين 15 في مجلس الأمن. و اعتبر الرئيس محمود عباس أن قبول فلسطين في منظمة اليونسكو يساهم كثيرا في دخولها إلى منظمة الأممالمتحدة و إقامة دولة ذات سيادة تعيش جنبا إلى جنب مع اسرائيل. من جهته اعتبر رئيس الدبلوماسية الفلسطينية رياض المالكي أن دخول بلده كطرف كامل العضوية بمنظمة اليونسكو ما هو إلا "انصاف" و "عودة بلد طالما ظل غائبا عن هذا المحفل" مذكرا بأن الطلب الفلسطيني بشأن هذا القبول يعود إل سنة 1989 أي ثمرة 22 سنة من جهود سفراء فلسطين الذين تعاقبوا على منظمة اليونسكو. و اعتبر المالكي أن التصويت بشأن دخول فلسطين إلى منظمة الأممالمتحدة يعد حدثا تاريخيا يرجع للبلد بعض الحقوق. و أضاف خلال ندوة صحفية نشطها بالمناسبة أن هذا التصويت سيسمح بمحو "جزء صغير من الظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني". و بدعوة من المجموعة العربية لدى منظمة اليونسكو وافق المجلس التنفيذي لهذه المنظمة بداية اكتوبر على توصية تقضي بمنح فلسطين صفة بلد كامل العضوية و هي توصية تمت المصادقة عليها يوم 31 اكتوبر خلال ندوة اليونسكو العامة ال36. و أشاد سفير فلسطين لدى اليونيسكو إلياس سمبار بالمبادرة العربية منوها بدعم البلدان العربية و على رأسها الجزائر لانضمام بلده إلى الوكالة الأممية. و قال في تصريح لوأج أن "كل إخواننا العرب ساعدونا و إخواننا الجزائريين كانوا كالعادة السباقين للمساعدة و التضامن". و يرى أن ما تم تحقيقه كان "بفضل البلدان العربية ال21 التي نسقت جهودها للتوصل إلى هذه النتيجة". تصويت و ردود فعل... و أثار طلب انضمام فلسطين احتجاج الولاياتالمتحدة التي هددت بوقف مساهمتها المالية لليونيسكو في حالة تصويت ايجابي بحيث و التي تمثل 22 بالمئة من ميزانية المنظمة ما يشكل ثغرة في الوكالة الأممية قيمتها 70 مليون دولار ابتداء من 2011. ويمنع قانونان يعود تاريخهما إلى 1990 تمويل المنظمة الأممية التي تقبل فلسطين كدولة كامل العضوية. و دون مفاجأة طبقت الولاياتالمتحدة قرارها غداة التصويت الإيجابي ملزمة المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا بإطلاق في 11 نوفمبر صندوقا عاجلا متعدد المانحين لتعويض العجز في الميزانية الناجم عن القرار الأمريكي الذي سبقه بطبيعة الحال القرار الإسرائيلي بتوقيف مساهمته المقدرة ب 5ر1 مليون دولار (3ر0 بالمئة من ميزانية اليونيسكو) للفترة 2012/2013. وبالرغم من ذلك أعربت المسؤولة الأولى لليونيسكو عن ارتياحها للوقفة التضامنية "التي لم يسبق لها مثيل" تجاه المنظمة إثر القرار الأمريكي الإسرائيلي مؤكدة أن الصندوق سيكون مفتوحا لكل المانحين سواء تعلق الأمر بالدول الأعضاء أو المؤسسات العمومية أو الجمعيات أو الخواص. كما حثت الدول الأعضاء على دعم زيادة عاجلة في صندوق المداولة للمنظمة للفترة 2012/2013 حتى ينتقل من 30 إلى 65 مليون دولار داعية كافة الحكومات إلى دفع مساهماتها في أقرب وقت في 2012. تعد اليونيسكو أول وكالة أممية تعترف بفلسطين كعضو كامل العضوية حيث أضحى هذا الانضمام رسميا في 23 نوفمبر عندما وقعت فلسطين و وافقت على البنود التأسيسية لليونيسكو في الأرشيف بلندن. و كان رئيس السلطة الفلسطينية قد أبدى نية بلده في ايداع ترشحات ب 16 منظمة دولية "في الوقت المناسب و عندما تكون الظروف مهيئة لذلك".