الجزائر - ستكون الانتخابات التشريعية القادمة مرحلة جديدة في التجربة الديمقراطية الجزائرية في خضم مسار التجديد الذي تعرفه البلاد لأنها ستجرى في ظل أوضاع محلية ودولية مميزة تعرف الكثير من الأزمات والتغيرات السياسية والإقتصادية. وفي هذا السياق أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اليوم الخميس في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين بأرزيو على "حساسية وخصوصية المرحلة" التي تمر بها الجزائر مبرزا ضرورة التصرف مع هذه الوضعية "بحكمة ورصانة". ولهذا فقد دعا رئيس الجمهورية الشعب الجزائري التعامل مع هذه المرحلة وفق المعطيات الخاصة بالواقع الجزائري الذي يعرف مرحلة حافلة بالانجاز والتشييد والتجديد في مختلف المجالات و"عدم الانسياق وراء المغالطات المشئومة و المقارنات الزائفة التي ستعود بنا إلى عهد بائس بائد تجاوزه الشعب الجزائري إلى الابد". وفي هذا الإطار أشاد رئيس الجمهورية بدرجة "اليقظة و الادراك و النضج" التي بلغها الشعب الجزائري ما يؤهله لاستيعاب ابعاد المرحلة و تحدياتها" ومن ثم حسن التحلي بالجد وروح المسؤولية في إنتخاب نوابه في شهر ماي المقبل من إجل "إعزاز بلادنا بمجلس وطني جديد تولى له مهمة النيابة على الامة في المراجعة الدستورية". و أوضح رئيس الدولة أن الاصلاحات السياسية "العميقة" التي باشرتها الجزائر يتوخى منها الوصول إلى "إستكمال إقامة دولة الحق والقانون" عن طريق السماح للمواطنين بالاختيار الحر لممثليهم في المجالس المنتخبة وفي كل مؤسسات الدولة. كما أشار رئيس الجمهورية بالمناسبة إلى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق كل المساهمين في هذا المسار الانتخابي حيث على الأحزاب والجمعيات تحمل مسؤوليتهم في توعية المواطنين بضرورة المشاركة في هذا الموعد الانتخابي كما على الادارة أن "توفر الامكانات اللازمة والظروف الملائمة". وفي سياق متصل دعا رئيس الجمهورية الشباب الجزائري لأن لا يفوتوا الفرصة لتاكيد انخراطهم "القوي" في الحياة السياسية مضيفا انهم بذلك يجسدون قناعاتهم و طموحاتهم و يساهمون في "ترقية مبادئ الجمهورية و قيمها و بلوغ مجتمع الحداثة المنشود" الذي يصبون اليه معتبرا إياهم "ذخيرة الامة وصناع الامل و مشاعل الغد الزاهر". من جهة أخرى اشاد رئيس الجمهورية بصمود المراة خلال فترة العشرية السوداء قائلا في هذا الصدد أنه "لو فشلت المراة آنذاك لفشل المجتمع برمته" وتثمينا لتضحياتها فقد تقرر تعديل الدستور سنة 2008 لتمكينها من لعب دورها المنشود في مجال المشاركة السياسية التي "بقيت دون المستوى المرجو" يضيف رئيس الجمهورية. واعتبر بوتفليقة نجاح الانتخابات المقبلة عبارة عن إختبار للمواطنة والديمقراطية في البلاد كما ستكون —يقول رئيس الدولة —فرصة لتمتين علاقة المواطن بالمؤسسات الدستورية وتعزيز ثقة الناخبين في المنتخبين وتثمين مصداقية المجالس المنتخبة كما ستكون من جهة أخرى قوة دافعة لمسار الاصلاحات السياسية الجارية ودليل وعي وطني وتقدم ديمقراطي ورسالة الجزائر إلى العالم أجمع". كما شدد رئيس الدولة على أن الانتخابات المقبلة ليست كغيرها من الاستحقاقات السابقة بل موعد انتخابي فاصل بين عهد و عهد اخر". وجدد الرئيس بوتفليقة تأكيده على ضرورة "حياد الادارة التام وإنضباط أعوان الدولة في اداء مهامهم وعلى إلتزامهم الكامل بتطبيق القانون وتنفيذ ما يصدره القضاء من أحكام" مشيرا إلى أن "الاشراف القضائي على الانتخابات سيكون إختبارا حقيقيا لمصداقية القضاء وفرصة لتعزيز دوره الحيوي في تكريس الديمقراطية وترقية الحقوق السياسية في المجتمع".