تمحورت اشغال اليوم الثاني من الملتقى الدولي المنظم تكريما للكاتب الجزائري مولود فرعون تحت عنوان "مولود فرعون مفكر وشهيد و رفاقه" حول حول كتابة فرعون و خصوصياتها الادبية ورمزية الافكار التي تحملها. و قد اتفق المشاركون في هذه الجلسة التي نظمت تحت عنوان " مغامرة الرواية" على ضرورة "اعادة قراءة و اعادة فهم كتابات فرعون لان القراءات الاولى لم تعطها مكانتها المستحقة ". واضاف المحاضرون ان تلك القراءات" لم ترق الى ادراك الابعاد الحقيقية لنظرته للامورو قد يعود ذلك حسبهم الى اسباب ظرفية". و في هذا السياق اكدت السيدة نجاة خدة استاذة جامعية ان رواية "ابن الفقير" "كتاب مفتوح" وان ادب فرعون له ابعاده عالمية لانه ينطلق كما قالت من محليته و من واقعه في اشارة لمن حاولوا حصره في خانة "كتاب باللغة الفرنسية". و قامت المحاضرة بتشريح لكتابة فرعون الذي اغتل سنة 1962 على يد المنظمة المسلحة السرية حيث حاولت تفكيك رموز بعض الكلمات التي استعان بها الكاتب بطريقة لبقة للتحايل على الخطاب السياسي المهيمن قصد توصيل افكاره. و اضافت ان استعمال الاسلوب التهكمي في بعض الحالات كان حيلة لتمرير رسائل معينة موضحة ان القراءات المتعاقبة لكتبه لم تتوصل الى فهم تلك الابعاد لانها جاءت في ظروف خاصة . واعتبرت نجاة خدة انه الى جانب وصفه لواقع الانسان القبائلي في تلك الحقبة الاستعمارية وصف فرعون في رواياته واقعه هو ايضا كمثقف ومعلم يتحكم في لغة المستعمر الا انه يقاسم الجزائريين نفس الهموم و لم يستطيع قهر الفقر و الظلم مضيفة ان هذا السرد لظروف قاسية هي "طريقته للتنديد بما كان سائدا" ابان الاستعمار. و من جهته حاول جوزي لنزيني صحافي واستاذ جامعي ايجاد عوامل مشتركة بين فرعون و البيير كامو صاحب جائزة نوبل في الادب و قال في هذا الشان "ان الصداقة بين الرجلين ان وجدت يمكن وصفها ب " الصداقة الصعبة". واضاف انه رغم انتماء الرجلين الى نفس الوسط الاجتماعي والاشتراك في ميزات مثل الصدق و مناهضة كل اشكال العنف الا ان بقاء الاول في وسطه و ابتعاد الثاني بعد سفر للعيش في باريس ساهم في تباين وجهات النظر تجاه قضايا هامة . واوضح المحاضر الذي هو بصدد تحضير كتاب حول السيرة الذاتية لفرعون يصدر في 2013 ان فرعون في احدى رسائله القليلة الى كامو تحدث بنوع من العتاب عن التحقيقات الصحفية التي قام بها كامو في منطقة القبائل و التي بالرغم من انها تطرقت الى الحالة الاجتماعية المزرية للسكان الا ان فرعون اعتبر ان تحليلات الكاتب تفتقر الى العمق حيث قال المتحدث ان التباين في الراي بين الرجلين بدا منذ الثلاثينات. كما اعاب فرعون ايضا على كامو في مراسلة حول رواية " الطاعون " عدم وجود و لو شخصية واحدة من السكان الاصليين في الرواية التي اهلته لجائزة نوبل لكن كما قال "كل الملاحظات لم تخرج عن الاسلوب اللبق لفرعون في التعامل". و عن كتابة فرعون قال ان هذا الاخير تقديم شهادة عن الوضع في منطقة القبائل كما عاشها هو ابن المنطقة و من خلال ذلك تقديم صورة القبائلي الذي يشبه كل البشر بالاضافة لاستعمل لغة راقية في وصف الامور حتى في تعريته المعاملات المتعالية للاوروبين تجاه السكان الاصلين . كما تناولت بعض العروض الجانب التقني في كتابات فرعون و بهذا الشان اعتبرت ان روش ان لغة فرعون ليست كما يدعي البعض مبسطة و انما هي لغة معقدة لانها منبثقة من بيئته فهو يصف الامور كرجل قبائلي ابن البادية و هذا الاختيار ايضا هو رغبة منه للتاكيد على وجود ثقافة غير ثقافة المستعمر و اضافت ان كتابته تميزها الكثيرمن السخرية و استعمال الرموز والتي لجا اليها الكاتب للتعبيرعن استقلاليته. و خلص المتدخلون الى ان الكتابة لدى فرعون ضرورية لفرض الوجود والرد على الكتابات الاوروبية المهيمنة وان كان ذلك لم يفهم في بعض القراءات. انطلقت اشغال هذا الملتقى الدولي الذي تنظمه وزارة الثقافة و المركز الوطني لبحوث ما قبل التاريخ و وعلم الانسان و التاريخ يوم الخميس بالجزائر بحضور ثلاثين محاضرا و جامعيا و رجل أدب.