أتت أغلب آراء الكتاب والروائيين الجزائريين رافضة للاحتفاء بالذكرى الخمسين لرحيل الكاتب الفرنسي ألبير كامو، وإنجاز لوحة تذكارية مخلدة له بالطارف. ومنهم من وصف الخطوة بعودة الاستعمار بأقنعة أخرى، وتكريس للمصالح الفرنسية ذات النزعة الاستعمارية، كون الرجل، حسبهم، لم يحب جزائر الجزائريين، بل جزائر الأقدام السوداء والمعمرين. تساءل من رخص للسفير الفرنسي بإقامة تذكار له بوجدرة: ''هي عودة الاستعمار الجديد بأقنعة أخرى'' وصف الروائي رشيد بوجدرة إنجاز لوحة تذكارية مخلّدة للكاتب الفرنسي ألبير كامو ب''الصدمة''، متسائلا ''لا أفهم من وراء ذلك، ومن رخص للسفير الفرنسي بإقامة تذكار في ذلك المكان''، مردفا ''كيف نفسر أن يقيم سفير دولة أخرى لوحة تذكارية لكاتب من دولة أخرى، في أرض الجزائر التي رفض استقلالها؟''. ليواصل تساؤله ''أيمكن أن نقيم أي تذكار في فرنسا باسم أي كاتب جزائري. إنه مستحيل، بينما فرنسا تتصرف بشكل عادي''. واعتبر بوجدرة الخطوة عودة الاستعمار الجديد بأقنعة أخرى، معقبا، باستغراب في تصريح ل''الخبر''، ''أين الدولة؟ أين الأسرة الثورية؟''. وعارض بوجدرة بشدة الأقوال التي تدعو إلى فصل مكانة كامو ككاتب وموقفه من قضية استقلال الجزائر، خاصة وأنه خلّد الجزائر في كتاباته، قائلا: ''كامو لم يكن يحب جزائر الجزائريين، بل جزائر الأقدام السوداء والمعمرين، الجزائر التابعة للمستعمر''، مضيفا ''رغم أن المناخ في زمنه كان يشجع على تبني موقف متزن على الأقل من القضية الجزائرية، مع تنامي التيار المتحمس لاستقلال الجزائر''، حيث كان الوحيد الذي لم يؤيد الاستقلال. مشدّدا على كون كامو ليس بالظاهرة الأدبية في العالم، وإنما منحت له جائزة نوبل بدعم من فرنسا، لأنه وقف ضد ثورة الجزائريين. أكد أنه كاتب فرنسي خالص السايح: ''هو تكريس للمصالح الفرنسية ذات النزعة الاستعمارية'' يرى الروائي لحبيب السايح أن الاحتفاء بالذكرى الخمسين لرحيل الأديب الفرنسي ألبير كامو، يُراد به تكريس المصالح الفرنسية ذات النزعة الاستعمارية، بدءًا من المسألتين اللغوية والثقافية، وانتهاء بتمجيد الاستعمار في الجزائر. وقال لحبيب السايح، في اتصال مع ''الخبر'': ''الآن، تظهر أقلام جزائرية تكتب الرواية، تمجد فيها الوجود الاستعماري في الجزائر، وتحاول أن تدخل إلى الذاكرة الجزائرية أن 132 سنة من الاستعمار كانت ذات فضل على الجزائر والجزائريين''، مستطردا: ''بالموازاة، هناك أيضا سينمائيون جزائريون أو مزدوجو الجنسية مأجورون من أجل تبييض الأعمال الاستعمارية ذات الطابع الإجرامي المتميز بالعنصرية والإبادة''. وأكد صاحب رواية ''زهوة'' أن موقفه حيال الاحتفاء بألبير كامو ''لم ولن يتغير يوما، فرغم مكانته الأدبية ومولده في الجزائر، سيظل بالنسبة إليّ كاتبا فرنسيا، اختار أن يكون فرنسيا وأن يبقى كذلك، وتلك كانت رغبته. كما أن فرنسا الاستعمارية أو الحالية اعتبرته وتعتبره دوما ابنا بارا ومخلصا لها''. الروائي محمد ساري ''وقف مع الأقدام السوداء وبارك الاستعمار'' ينظر الروائي محمد ساري إلى الاحتفاء بألبير كامو من زاويتين، الأولى سياسية والثانية أدبية، قائلا: ''أظن أن الحديث عن ألبير كامو يعني الحديث عنه كروائي، بعد أن انتهى أمره كسياسي. لذا، علينا النظر إلى الاحتفاء من الزاوية الأدبية لا السياسية''. وأضاف محمد ساري، في حديث مع ''الخبر''، أن ألبير كامو يبقى قاصا وروائيا ينتسب إلى الكتّاب الجزائريين عن طريق المولد. ''فهو من المحتفى به إذا ما تماشت هذه الاحتفائية مع قراءة أدبه وإعادة نشره وترجمته، وإلا فما الجدوى منها؟''، معللا: ''شخصيا، لا أقرأه كل يوم، وإن كنا نحتفي به أدبيا، أتمنى أن يُسمح بقراءة نصوصه الجيدة، وكذا إعادة نشرها وترجمتها إلى اللغة العربية، باعتبارها أدبا عالميا يستوجب الوقوف عنده''، واسترسل يقول: ''أما إذا كان الاحتفاء به لأغراض أخرى، فنحن في غنى عنه''. وأعقب ساري موضحا: ''عندما أتحدث عن صاحب ''الغريب'' أركز عليه كأديب، لأنني أحترم وأعشق نصوصه التي تمثله، أما مواقفه السياسية فهي مسألة هامشية ذهبت مع التاريخ''، مشيرا إلى أن نظرة كامو للتاريخ كانت فوضوية ''فقد وقف مع الأقدام السوداء، كما أنه بارك وجود الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ما جعل مواقفه السياسية خارج التاريخ، خاصة بعد أن حكم التاريخ باستقلال الجزائر''. الأستاذ محمد لخضر معقال ''فرنسا تريد استغلال ألبير كامو سياسيا'' عارض الأستاذ محمد لخضر معقال، بشدة، مبادرة إقامة لوحة تذكارية مخلدة لألبير كامو في مسقط رأسه بالطارف، مبرّرا ذلك بالطابع السياسي الذي تتسم به، والسعي بذلك إلى التقليص واستصغار أهمية الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، مثلما حدث في الذكرى 50 للثورة سنة .2004 واعتبر معقال، أحد المدافعين عن قافلة كامو سنة 2010، أن الأمر لا يمكن وضعه في نفس سياق القافلة، والتي كانت تحتفي بألبير كامو ككاتب فقط. وقال معقال في تصريح ل''الخبر'': ''ما حدث العام الماضي كان مبادرة ثقافية قام بها مقاولون، ليس لها أي بعد سياسي''. ويجد معقال أن إقامة تذكار من طرف السفارة الفرنسية في الجزائر تكريس لكامو ككاتب فرنسي، كانت له مواقف سياسية اتجاه وطنه، وهو يعبر عن الحالة الراهنة للسياسة الفرنسية التي تسعى لحشر أنفها في كل شيء''، مذكرا بتراجع برنار هنري ليفي عن مبادئه المؤيدة لسارتر، عندما صرح ''أخطأنا لأننا اتبعنا سارتر، وفلسفتنا الحقيقية هو ما جاء به كامو''. ويرى معقال أن فرنسا توظف كامو لأغراض سياسية بحتة، مشيرا إلى أنه تدخل في الشؤون الجزائرية.