يحتفل منذ قديم الزمان بخنشلة بحلول فصل الربيع وهي عادة موروثة عن الأجداد وما زالت تقاوم لكي لا تزول من المشهد الاجتماعي المحلي. فالعائلات سواء كانت من قاطني المراكز الحضرية أو من الأرياف ما زالت جد متمسكة بإحياء حلول فصل الربيع و ذلك في أجواء بهيجة طيلة شهر مارس لتدوم إلى منتصف شهر أفريل. وقد أصبحت الطقوس و العادات و التقاليد المميزة لإحياء حلول فصل الربيع في خنشلة والموروثة أبا عن جد تمثل مواضيع يدرسها الجامعيون و الباحثون و كذا الجمعيات المهتمة بالعادات و التقليد الشعبية و التي تعمل ليس من أجل المحافظة عليها فحسب بل و كذلك لترقية هذه التظاهرة السنوية إلى مصاف تراث وطني غير مادي. وهكذا، تنظم كل سنة مطلع كل فصل ربيع بدار الثقافة بخنشلة تظاهرة حول الموضوع حول من أجل تحفيز و تشجيع و ترقية كل الأعمال و الإبداعات ذات الصلة بهذا التراث. وتعد هذه التظاهرة بمثابة معرض أو احتفال بالنسبة للجمعيات و المبدعين و الحرفيين بهذه المنطقة من أجل إعادة إحياء التقاليد و العادات الموروثة عن الأجداد الخاصة بإحياء فصل الربيع و ترقية كل إنتاج متعلق بها. وتبرز في المشهد الاحتفالي لهذه التظاهرة الأكلات و الحلويات التقليدية التي تقدم بالمناسبة و التي ظلت تقاوم التطورات الحاصلة في المجتمع. و حضر معرض إحياء هذه التظاهرة هذه السنة مشاركون قدموا من مختلف بلديات الولاية لعرض أحسن أطباق "الشخشوخة" و "الزريقة" و "الدشيشة" و "المرشوش " و "الرفيس" و "الزراوي" و "البراج" بالإضافة إلى أكلات أخرى ما تزال تميز مظاهر الاحتفال بحلول الربيع بهذه المنطقة . وعادة ما يدخل في تحضير هذه الأكلات و الحلويات التقليدية الزبدة و العسل و العنب المجفف "الزبيب" و ماء الورد المقطر بالإضافة إلى دقيق القمح الصلب و الشعير. و تسمح هذه الأكلات للغني و الفقير من تذوق وجبة يجتمع حولها الاصدقاء و أفراد العائلة في اجواء حميمية بعيدا عن المصاريف التي تثقل كاهل الأسر أو المزايدات التي تطبع الاحتفالات العصرية. ويبقى الربيع دائما بمنطقة الشاوية مرادفا للأجواء الحميمية و لم شمل العائلة الكبيرة حول هذه الأكلات النابعة من الجزائر العميقة و التي عادة ما يعقبها ارتشاف أكواب من الشاي المحضر بالنعناع و هو تقليد ما يزال راسخا. و يعد المعرض الخاص بهذه الأكلات المميزة لعالم الريف مناسبة كذلك لإبراز الأواني التقليدية التي تعرض بها إلى جانب التوابل التي تدخل في تحضيرها لإعطائها مذاقا مميزا. كما تعتبر التظاهرة التي تنظم للاحتفال بحلول الربيع فرصة كذلك للمحافظة على المعارف و الدراية التقليدية التي تعود لآلاف السنين من النسيان و إحياء الربيع في الطبيعة العذراء مثلما كان عليه الأمر في زمن الأجداد منذ قرون مضت. و كان الأجداد على الر غم من بساطة الوسائل التي كانت في متناولهم و ملاحظتهم التي كانت تتم بالعين المجردة يعرفون جيدا علامات بداية فصل الربيع أو فصل آخر و ذلك من أجل أن يكيفوا نمط معيشتهم و نشاطاتهم الفلاحية و الرعوية. وتم خلال تلك التظاهرة كذلك إبراز الأساطير و الطقوس التي تحيط بإحياء قدوم فصل الربيع و المهددة بالزوال في أيامنا هذه و ذلك تحت شعار "المحافظة على المخيلة الجماعية".