حلول فصل الربيع هو ليس كحلول فصل آخر وإطلالته المشرقة على العائلات الجزائرية هي غير عادية البتة وتطبعها خصوصيات ومظاهر تلوح بحلول أفضل الفصول لدى الكل بالنظر إلى اعتدال مناخه ومظاهره الطبيعية الخلابة وحلة الاخضرار التي تلبسها اغلب المساحات والمروج، لذلك تستعد اغلب العائلات الجزائرية لاستقبال الضيف العزيز وتجعل أولى أيامه أيام بهجة وفرح بحلول اعز فصل على القلوب، خاصة وانه يتزامن في هذه المرة مع افتتاح عطلة الأطفال فتكون الفرصة فرصتان فمن جهة الاحتفال بحلوله ومن جهة أخرى الترويح عن الأطفال بتنظيم فسح إلى الغابات والحدائق العمومية. خباجة نسيمة واغلب ما تلتزم به العائلات الجزائرية على اختلاف مناطقنا الشاسعة هو تحضير أكلات تقليدية في اليوم الأول من فصل الربيع على غرار المبرجة ككيفية حلوة معروفة يقترن تحضيرها دوما بالمناسبات السعيدة إلى جانب الرفيس والخفاف والمقروط والمسمن.. هذا فيما يخص الكيفيات الحلوة المرفقة بوجبة القهوة، أما غذاء وعشاء ذلك اليوم فهو عادة ما تعتمد فيه النسوة على أكلات تقليدية على رأسها الكسكسي والرشتة والشخشوخة لكي يكون ذلك اليوم يوما خاصا على الكل تعبيرا عن الفرحة التي يشعر بها الجميع بحلول الفصل والمستوحاة من اشراقة شمس أول يوم منه. وفي هذه المرة سوف تكون هناك تحضيرات خاصة لاستقباله كونه تزامن مع أولى أيام العطلة المدرسية لذلك تغتنمه اغلب الأسر من اجل تسطير رحلات للاستجمام والفسحة للترويح عن الأطفال بعد فصل دراسي متعب. وشاق وتطبع الاحتفال بفصل الربيع طقوسا خاصا يميزها اختلاف العادات والتقاليد التي تزخر بها مناطق وطننا، لكن وعلى الرغم من اختلافها فهي تصب في وعاء واحد ألا وهو تبيان موروثاتنا وعاداتنا الأصيلة فللتوارق احتفالات خاصة بعيد الربيع. فمثلا في مدينة تمنراست تقام عدة احتفالات محلية بمناسبة الربيع يتمتع السائح خلالها بسباق الجمال الذي ينظمه التوارق بالإضافة إلى السهرات وتقديم الأغاني التقليدية التي تحكي عن الصحراء والحب والربيع ترافقها سهرات فولكلورية من بينها رقصة «شروا» التي تتخذ شكل مبارزة يؤديها شبان بلباس مميز وتهدف إلى التدرب على استخدام السيف وتمرين العضلات، ويقوم الطوارق الملثمون بتأدية رقصة العرس. أما بمنطقة القبائل الكبرى ، تعتبر هذه المناسبة عيدا كبيرا للفرح والابتهاج تقترن بموعد يصطلح عليه باللفظ الأمازيغي "ثافسوث" في أجواء من المرح والانشراح، ويعدّ إحياء عيد الربيع من بين التظاهرات القديمة الخاصة بالمجتمع الأمازيغي العريق، ويتم الاحتفاء به سنويا تماما مثل "عيد الشتاء" الذي يتم إحياؤه في بداية فصل الشتاء تيمنا بربيع ناضج واستبشارا بمحاصيل زراعية في المستوى، لما لهذا الفصل من رمزية للخصوبة. العاصمة هي الأخرى ليست في منأى عن تلك الاحتفالات التي تستعد لإحيائها اغلب الأسر الجزائرية ما يميزها الحركية الواسعة للنسوة عبر الأسواق من اجل جلب بعض المستلزمات المستعملة في الأكلات الخاصة باستقبال الربيع كالغرس والسمن والزبدة والدقيق والعسل... وهي المواد التي تدخل في تحضير المبرجة والرفيس التونسي واكلات أخرى تبدعها أنامل ربات البيوت، وهو حال اغلب النسوة والعجائز أيام قلائل قبل حلول الربيع.