تخوض جبهة العدالة و التنمية غمار تشريعيات 10 ماي ببرنامج يعكس نظرة الحزب الذي يوصف من طرف القائمين عليه بأنه "تنظيم سياسي إصلاحي شامل" يرمي إلى توطيد الوحدة الوطنية و إرساء نظام حكم راشد قائم على تعددية سياسية حقيقية. و يعالج هذا البرنامج مختلف الزوايا المتعلقة بالجوانب السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية من خلال تسطير حلول "واقعية" تتلاءم و طبيعة و تركيبة المجتمع الجزائري. ففي مجال النظام السياسي و الإدارة تطمح الجبهة إلى تحقيق إصلاحات "جذرية" في الميدان السياسي من خلال تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة التي تتأتى حسبها، من خلال إصدار عفو شامل و تفعيل رفع حالة الطوارئ إضافة إلى التكفل الشامل و العادل بضحايا الأزمة دون تمييز. كما تجعل من تعديل الدستور و إصلاح المنظومة القانونية خطوات تضمن هي الأخرى "التوازن الحقيقي في الصلاحيات بين السلطات" إضافة إلى توسيع حق إخطار المجلس الدستوري و دعم صلاحيات الرقابة على أعمال السلطة فضلا عن إصلاح مؤسسات الدولة بما يحقق سلطة الشعب و تعزيز الوظيفة الإجتماعية للدولة. أما فيما يتعلق بقطاع العدالة فيسعى هذا الحزب حديث الإعتماد و الذي يترأسه السيد عبد الله جاب الله في هذا الشق إلى رسم سياسة "شاملة" لإصلاح العدالة و ترقية حقوق الإنسان على المدى البعيد بما يتلاءم و القيم الحضارية و الأخلاقية و التاريخية للمجتمع الجزائري و ينسجم مع المعايير و الإلتزامات الدولية. كما يرمي أيضا من خلال تصوره المتصل بهذا القطاع إلى "إزالة الخلل و التناقض" الموجود في النصوص القانونية و الهياكل القضائية و التمسك بمرجعية الشريعة الإسلامية و التصدي لكل محاولات تشويه الأحكام المستمدة منها و إعادة النظر في النصوص المخالفة لها المزاوجة في معاملة المجرمين بين النظرة الواقعية الإنسانية و بين ضرورة الردع بالعقوبة. وفي ذات المنحى ينوي ذات الحزب -من خلال برنامجه- إعادة النظر في المجلس الأعلى للقضاء و جعل تشكيلته من قضاة منتخبين من قبل زملائهم و كذا توسيع صلاحياته للتكفل بالمسار المهني للقاضي من التعيين إلى التقاعد. و من بين ما تتعهد به الجبهة أيضا في هذا الجانب تدعيم الأمن و تحسين نوعية الأحكام القضائية و ضمان تنفيذها في شقيها المدني و الجزائي مع إقرار الحق في الدفع بعدم دستورية القوانين أمام المحاكم و نشر ثقافة حقوق الإنسان في حدود الضوابط الشرعية. أما فيما يتصل بمجال السياسة الإقتصادية فتؤكد الجبهة تصميمها على انتهاج سياسة اقتصادية وطنية "تراعي واقع الشعب الجزائري و آماله و تقوم على مبادئ إقتصاد السوق و تكافؤ الفرص و العدالة الإجتماعية". وتوضح في هذا الإطار أنها ستعتمد اقتصادا خال من الربا و الضرائب "الجائرة" يسهر على تنظيم الزكاة جباية و صرفا و تتحسن فيه قيمة العملة و يزداد فيه الإنتاج و الصادرات. كما تهدف أيضا إلى تكريس اقتصاد "يوفر و يؤمن الحقوق الإجتماعية لمواطنيه من خلال التنمية المستدامة و تشجيع الإستثمارات و تحرير الاقتصاد الوطني" فضلا عن وضع سياسة و طنية للتنمية المحلية الصناعية و الزراعية و تنمية و إعادة الإعتبار لبنية الإقتصاد الوطني و دعم الطاقات المتجددة. وفي الملف الإجتماعي، ترى الجبهة ضرورة مباشرة إصلاحات "عميقة" ترتكز على "تنقية الكتب المدرسية و المناهج التربوية من مخلفات الإستعمار و العادات التي تتنافى و القيم الوطنية". كما تنادي بتكريس أسس النظام الديموقراطي و مبادئه في المناهج التربوية و الحرص على التفتح على اللغات الأجنبية و ترقية اللغة العربية و تعميمها و تسهيل تدريسها. وعلاوة على ذلك ستعمل ذات التشكيلة —مثلما تؤكده من خلال برنامجها الإنتخابي—على ترقية تدريس اللغة الأمازيغية بالحرف العربي و تدعيم المطاعم المدرسية و النقل المدرسي و الصحة المدرسية و تحسين ظروف التمدرس العناية بكل أطوار التعليم مع ترسيخ و نشر ثقافة البحث العلمي في المجتمع. و في مجال الشؤون الدينية تقترح الجبهة تحسين الإطار التشريعي و ترقية القطاع و توحيد المرجعية الدينية بما يحفظ الوحدة الوطنية و يعززها و التصدي لحملات التطرف و التنصير. و من جهة أخرى تتعلق بالإعلام تشدد جبهة العدالة و التنمية على ضرورة النهوض بهذا القطاع و هو الهدف الذي ترى بأن تحقيقه يمر عبر تحرير المطابع و وسائل الإعلام العمومية من الإحتكار و تسخيرها لأداء الخدمة العمومية مع الإرتقاء باحترافية وسائل الإعلام. كما يتضمن البرنامج المسطر إعداد قانون ينظم تحرير توزيع الإشهار العمومي و الخاص و إنشاء مجلس أعلى للإعلام و توسيع صلاحياته و إعداد قانون خاص بالسمعي البصري مع وضع نص ينظم عملية سبر الآراء العمل على إعطاء البعد العالمي للثقافة الوطنية في مختلف وسائل الإعلام أما فيما يتعلق بقطاع الثقافة فترتكز استراتيجية الحزب في هذا المجال على دعم صناعة الفيلم و المسلسل التاريخي و الوطني و الديني و إعادة النظر في قطاع النشر و مراجعة سياسة الضرائب و الرسوم المطبقة عليه و توفير الإمكانيات الضرورية لصناعة الكتاب و دعم سعره. ولم يغفل برنامج العدالة و التنمية التطرق إلى العلاقات الخارجية حيث تسعى في هذا السياق إلى "تحقيق الأهداف السامية للأمة و المصالح الإستراتيجية للوطن" من خلال "المحافظة على استقلالية القرار الجزائري السيد و دعم جهود المجتمع الدولي في إقامة السلم و الأمن الدوليين و الحفاظ عليهما". كما تولي أيضا إهتماما بالبعد الإقتصادي للعلاقات الدولية و بالجالية الجزائرية و مسألة تأطيرها إضافة إلى تعزيز العلاقات على مستوى الفضاء المغاربي و العربي و الإفريقي و المتوسطي و الدولي و تفعيل دور الدبلوماسية الحكومية و البرلمانية.