تتواصل الديناميكية الإنمائية منذ 1962 في مختلف قطاعات النشاط عبر ولاية بسكرة التي تشهد بفضل ذلك تحولات جعلتها بعد 50 سنة من الاستقلال منطقة تنبض بالحيوية و بآفاق واعدة. وقد ارتقت بسكرة التي كانت تابعة إداريا لولاية باتنة إلى مصاف ولاية عن التقسيم الإداري لسنة 1974 بها 12 دائرة و33 بلدية بتعداد سكاني يقارب الآن 750 ألف نسمة وهي تقع بالجنوب الشرقي للبلاد وتتربع على مساحة 21509,8 كلم مربع يحدها من الشمال باتنة ومن الشمال الغربي المسيلة ومن الشمال الشرقي خنشلة ومن الجنوب الغربي الجلفة ومن الجنوب ورقلة وأخيرا ولاية الوادي من الجنوب الشرقي. وتميز هذه المنطقة خصائص تضاريسية متباينة تطبعها سلاسل جبلية في الشمال وهضاب وسهول في الوسط وواحات في الجنوب ويسودها مناخ جاف في فصل الصيف بدرجة حرارة مرتفعة وبرودة في فصل الشتاء وكميات ضئيلة من الأمطار لا تتعدى 200 ملم سنويا. ويتجلى انطلاقا من المعطيات المونوغرافية المتعلقة بهذه الولاية التي أعدتها مديرية التخطيط أن بسكرة كان بها تعداد سكاني لا يتعدى 135 ألف نسمة حتى سنة 1966 قبل أن يتطور هذا الرقم بصفة مطردة وذلك نتيجة لتحسن الأوضاع المعيشية للسكان. وبعد أن كان عشية الاستقلال لا يتوفر سوى على عدة مئات من الآلاف من أشجار النخيل ومساحات محدودة من الأراضي الصالحة للزراعة معظمها بأيدي المعمرين تطور قطاع الفلاحة منذ استرجاع السيادة الوطنية بصفة مكثفة إلى درجة أن أصبح يلعب دور قاطرة التنمية المحلية عن جدارة حاليا. وتشمل الأراضي الصالحة للزراعة الآن حوالي 1,8 مليون هكتار بينما قفزت ثروة النخيل إلى أكثر من 4 ملايين نخلة دون إغفال حصول تنوع في المحاصيل كالخضروات المبكرة وشتى الزراعات الحقلية. وسجل قطاع الري الذي كان قبل الاستقلال يشكو من ضعف الهياكل والخدمات وثبة حقيقية منذ استرجاع السيادة الوطنية حتى الآن ترجمت في ضمان التغطية بالمياه الصالحة للشرب للسكان بنسبة 92 بالمائة و الربط بشبكة التطهير بنسبة 90 بالمائة زيادة على دعم طاقة تخزين الموارد المائية السطحية بنحو 55 مليون متر مكعب بفضل استغلال سد منبع الغزلان مطلع الألفية الحالية. وعرف القطاع الاقتصادي الذي كان شبه منعدم في الحقبة الاستعمارية تطورا ملموسا منذ الاستقلال من خلال استحداث منطقة صناعية بعاصمة الولاية وشبكة من 10 مناطق للنشاط منتشرة عبر إقليم الولاية و4500 مؤسسة صغيرة ومتوسطة وتجسيد منشآت قاعدية بأكثر من 1500 كلم من الطرق المعبدة وتعميم الطاقة الكهربائية التي أصبحت تغطي نسبة 93 بالمائة من الوحدات السكنية بالولاية والغاز الطبيعي بنحو 60 بالمائة بالأنسجة الحضرية. وتوسعت الحظيرة السكنية من حوالي 13 ألف وحدة سكنية عشية الاستقلال إلى ما يقارب 150 ألف وحدة سكنية حاليا وتضاعف عدد المؤسسات التربوية من نحو 40 مؤسسة في الطورين الابتدائي والمتوسط دون أي مؤسسة في الثانوي إلى 520 مؤسسة في مختلف المراحل وإنجاز بصفة مستجدة أي لصيقة بفترة الاستقلال نحو 30 مؤسسة للتكوين المهني وجامعة. وانتقل قطاع الصحة والحماية الاجتماعية من مصحتين بمدينة بسكرة وشبكة ضئيلة من المستوصفات ببعض البلديات عشية الاستقلال إلى 140 مرفقا صحيا حاليا بما في ذلك 4 مؤسسات استشفائية ومدرسة للتكوين شبه الطبي و7 مؤسسات متخصصة لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة بينما أصبح قطاع الشباب والرياضة شبه المهمل في فترة الاحتلال يتمتع منذ الاستقلال إلى غاية الآن بأكثر من 170 منشأة. وواكب قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال منذ الاستقلال التطورات السريعة التي طبعت هذا القطاع لاسيما خدمة الإنترنت التي بلغ عدد المشتركين فيها الآن حوالي 15 ألف زبون مع وجود فيما يخص البريد نحو 90 مؤسسة بريدية بإقليم الولاية. وتتوفر الولاية على موروث ثقافي منه 250 موقعا أثريا ومعلما تاريخيا وكذا خزانا سياحيا يتيح ترقية السياحة الواحاتية والرياضة الجبلية من ذلك وجود مناظر طبيعية وبساتين نخيل ومنحدرات جبلية وزوايا دينية بالإضافة إلى إمكانية النهوض بالاستثمار كون الولاية بها سلسلة مناطق للتوسع السياحي مؤهلة لاحتضان مشاريع سياحية. ويبدو أن أهم بصمات التنمية منذ استرجاع السيادة الوطنية تكمن في جعل بسكرة مدينة جامعية يزاول بها 30 ألف طالب دراستهم في التعليم العالي وأيضا تبوأ المنطقة مكانة قطب فلاحي بامتياز و إنجاز مركب رياضي بسعة 20 ألف متفرج وسد منبع الغزلان ومجمعات مدرسية ومرافق صحية بكل البلديات دون استثناء. وتتمثل أولويات التنمية بهذه الولاية للآفاق المستقبلية مثلما توحي به جملة المقترحات المتضمنة في تصورات البرامج الجديدة للتنمية المحلية في إعداد خريطة اجتماعية مدققة لتقديم يد العون للطبقة الهشة تكريسا للوظيفة الاجتماعية للدولة وتحفيز السياحة وتعميم الكهرباء الموجهة للسقي الفلاحي ومضاعفة قدرات تخزين الموارد المائية المعبأة وترقية عالم الريف وشق المسالك الفلاحية لأجل تحقيق التنمية المستدامة.