تواصل الجدل الواسع في تونس حول ملف العدالة الانتقالية حيث اجمعت كل الاطراف الفاعلة على اهمية البث في جرائم النظام السابق وسن قوانين جديدة لتفكيك منظومة الفساد للحيلولة دون تكرار التجاوزات والانتهاكات. وبهذا الصدد اعتبر المرصد التونسى لاستقلال القضاء أن الملاحقة القضائية لرموز النظام السابق والبحث فى ما اقترفوه من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان تشكل "شرطا ضروريا لإحداث القطيعة مع النظام الاستبدادي السابق ومدخلا أساسيا للعدالة الانتقالية". وفي بيان له حذر المرصد التونسي للقضاء الحكومة المؤقتة من "استباق" مسار العدالة الانتقالية من خلال تسوية القضايا التي تخص الانتهاكات والجرائم الاقتصادية كون ذلك يعتبر " تناقضا " مع مبدا كشف الحقيقة ورد الاعتبار للضحايا وتحميل المسؤولية للجناة. وعبر المرصد عن "خشيته" من أن يكون الافراج عن بعض المسؤولين عن التجاوزات في النظام السابق " مقدمة لتبرئتهم والتخلي عن محاسبتهم واسقاط كل المسؤولية المعنوية عنهم". وفي المقابل اكد مصدر من وزارة العدل التونسية ان الجهات القضائية التونسية المختصة ستتولى البث عاجلا فى كل قضايا الفساد المالي والجرائم التي ارتكبت ابان النظام السابق والتي يتجاوز عددها 800 قضية. وكانت وزارة العدل قد كلفت مؤخرا عددا من قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العمومية بالنظر في قضايا الفساد وسخرت لهم كل الامكانيات المادية والبشرية اللازمة لمباشرة النظر والبث في قضايا الفساد المالي والجرائم المقترفة من طرف النظام السابق الذي تمت الاطاحة به في 14 جانفي 2011 بعد انتفاضة شعبية عارمة. وبين المصدر ذاته بخصوص اطلاق سراح عدد من رموز العهد السابق - الموقوفين على خلفية قضايا الفساد - أن القضاء التونسي " مستقل ويتعامل مع الملفات على اساس الادلة والحجج "وبالتالي فان ادانة المتهمين من عدمه يظل شانا " قضائيا بالأساس". وبخصوص الجماعات السلفية الموجود رهن الاعتقال والمتهمة بارتكاب اعمال العنف والشغب شدد المصدر ذاته على ان الجرائم المتعلقة بهم هى جرائم حق عام التي يتم التعامل معها "بعيدا عن الانتماءات" الحزبية أوالايديولوجية . ولئن اجمعت جل الاطراف السياسية على ان تامين المسار الانتقالي "يمر حتما" عبر تسوية ملف العدالة الانتقالية فان الحكومة المؤقتة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية سارعت بتقديم هذا الملف امام اعضاء المجلس التأسيسي لمناقشته قبل المصادقة عليه. ويتضمن الملف المفاهيم المرتبطة بكشف الحقائق حول جرائم النظام السابق وحفظ الذاكرة وجبر الضرر ورد الاعتبار للضحايا ووضع اليات المساءلة والمحاسبة وسن قوانين جديدة لتفكيك منظومة الفساد والقمع للحيلولة دون تكرار التجاوزات والانتهاكات.